تسعي إيران بمعولها المتمثل في الحوثيين إلي هدم الكعبة بصاروخ باليستي, فماذا لو امتلكت إيران سلاحا نوويا؟ هذه ليست المرة الأولي التي يراد فيها بالبيت العتيق وبمكةالمكرمة شرا, لكنها الأخطر والأكثر جنونا, إنها المرة الأولي التي يتجرأ فيها مسلمون, بصرف النظر عن جنسيتهم أو مذهبهم, علي تهديد, أو بالأحري استهداف, مكةالمكرمة بصاروخ باليستي, الصاروخ أطلقه الحوثيون الذين تفكر لهم إيران وتحركهم كبيدق علي رقعة شطرنج. ورغم أن التاريخ يسجل محاولات متفرقة أقدم عليها موتورون, استهدفوا فيها الكعبة المشرفة, وهدموا أجزاء منها أو حاولوا, وهددوا مواسم الحج, وقتلوا بعض الحجيج, إلا أن حادثة الصاروخ هذه أرجعتني إلي أبرهة الحبشي ومحاولته الفاشلة لهدم الكعبة. الحبشي, أبرهة, لم تكن مشكلته مع أهل الحجاز وقبائلهم, ولكن كانت مع الكعبة ذاتها, أما الإيرانيون وأذرعهم الآن فإنما يستهدفون الكعبة في إطار صراعهم مع السعودية كدولة, الحبشي أراد هدم الكعبة بأفياله والآن تسعي إيران بمعولها المتمثل في الحوثيين إلي هدمها بصاروخ باليستي, ولا أعرف, أو بالأحري أتخوف, لو امتلكت إيران السلاح النووي فماذا يمكن أن تفعل؟ إيران الآن تبدو كعربة طائشة تسعي لبلوغ هدفها بأي وسيلة وبأي ثمن, فإيران لا تستخدم فقط قوتها لتهديد الدول العربية, بل تهدد الدول العربية عبر عملائها في العواصم العربية, وعملاؤها ليسوا أفرادا أو جواسيس علي الطريقة القديمة, عملاؤها تنظيمات وكيانات وجماعات مسلحة يشرف علي تدريبها وتمويلها الحرس الثوري الإيراني. ليس لدي أدني شك في أن إيران وأذرعها لا يعرفون أن استهداف مكة والحرم المكي أمر لا يخص السعودية وحدها, لكنه يخص كل المسلمين, وفي تقديري أنه لا نتيجة لما تفعله إيران سوي معاداة المسلمين دولا وشعوبا, وتأجيج الصراع السني الشيعي, والصراع الطائفي لن يستفيد منه أحد سوي الأعداء. إيران تحاول جاهدة استغلال الورقة الشيعية أينما وجدت, وتقدم نفسها باعتبارها حامية الشيعة في أي دولة, إذ تسعي إيران في إطار سياستها لتوسيع نفوذها في المنطقة إلي استغلال التجمعات الشيعية بصرف النظر عن حجمها في كل دولة عربية; لتكون تجمعات الشيعة ظهيرا سياسيا لها, أو علي الأقل لوبي يدعم موقفها في حال تفجر خلاف أو صراع مع هذه الدولة أو تلك. استغلت إيران تلك الورقة في الوجود والسيطرة علي مقدرات الشعب العراقي, والأمر نفسه فعلته في اليمن, مما أوصله للحالة التي هو عليها الآن, فالحوثيون لولا الظهير الإيراني ما استطاعوا الاستمرار في عرقلة كافة الجهود الرامية للتسوية السياسية في اليمن. الرغبة الإيرانية في التوسع في المنطقة والسيطرة عليها لم يعد يخفيها أحد من المسئولين الإيرانيين; فنائب قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني اللواء إسماعيل قاناني قال: إن إيران مستمرة بفتح بلدان المنطقة, وإن الجمهورية الإسلامية بدأت بسيطرتها علي كل من أفغانستانوالعراق وسوريا وفلسطين, وإنها تتقدم اليوم في نفوذها في بقية بلدان المنطقة, فيما قال وزير استخبارات إيراني سابق: الثورة الإيرانية لا تعرف الحدود, وهي لكل الشيعة, مؤكدا أن جماعة الحوثيين في اليمن هي إحدي نتاجات الثورة الإيرانية, أما مستشار الرئيس الإيراني لشئون الأقليات علي يونس فاعتبر أن العراق هو عاصمة لإمبراطورية إيران الجديدة. هذه النزعة التوسعية الإيرانية تمثل خطرا حقيقيا علي الدول العربية, ويقع عبء مواجهتها بشكل أساسي علي السعودية ومعها مصر بكل تأكيد, فمصر ليست بعيدة عن دائرة الاستهداف الإيراني. وأخيرا فإنه إذا كانت إيران تقدم نفسها علي أنها قبلة الشيعة في العالم, وتتخذ من ذلك ذريعة للتدخل في شئون الدول العربية ونشر المذهب الشيعي في دول أخري, فإنها لم ولن تكون قبلة المسلمين, ولن تنال من قبلتهم بأي حال من الأحوال.