تعيش القارة الأوروبية حالة من الترقب بعد تصويت الناخبين بالرفض علي التعديلات الدستورية المقترحة من رئيس الوزراء ماتيو رينزي, الذي سارع بدوره إلي تقديم استقالته, وذلك مع ظهور مخاوف من خروج إيطاليا, علي غرار بريطانيا, من الاتحاد الأوروبي. وتعاني إيطاليا أزمة مصرفية تهدد الاقتصاد بالشلل, بعد أن فقد اقتصادها النمو, وتعرت البنوك الإيطالية من رءوس أموالها, في وقت لا يمكن فيه توفير السيولة المالية للشركات, بحسب خبراء اقتصاديين. ووفقا لتقديرات الاتحاد العام للصناعة الإيطالية, فإن البلاد ستشهد حالة من الركود ونزوح الأموال وتراكم ديون جديدة, وذلك بعد رفض الإصلاحات الدستورية, التي كان يعول عليها رينزي, المؤيد لأوروبا, لتخصيص ما يعادل60 مليار دولار من التمويل العام للدولة, بهدف تحقيق الاستقرار في القطاع المصرفي. فالنظام المصرفي في إيطاليا بات في ورطة بعد وصول القروض المتعثرة إلي540 مليار دولار في ظل الحاجة إلي رأس مال جديد, إلي جانب تراجع أسهم القطاع المصرفي بنسب تصل إلي67 في المائة خلال ال12 شهرا الماضية. وحاول رينزي, من جانبه, السعي لتقديم مساعدات حكومية إلي المصارف الإيطالية, إلا أن قواعد الاتحاد المصرفي الأوروبي تحظر ذلك. وقد سعي رئيس الوزراء المستقيل للاستفادة من حالة عدم الاستقرار في أوروبا, التي ولدها خروج بريطانيا, لإقناع سلطات الاتحاد الأوروبي بتعليق الحظر المفروض علي المساعدات الحكومية للمصارف الإيطالية, إلا أن إعفاء إيطاليا من القواعد قوبل بالرفض. لذا يري مراقبون أن الاستفتاء الدستوري, الذي جري في إيطاليا, لا يقل خطورة عن الاستفتاء, الذي شهدته بريطانيا, فالمؤشرات الاقتصادية والمشكلات المصرفية تشير إلي وقوع إيطاليا في أزمة خانقة, قد تشمل عواقبها كل أوروبا. وعلي الرغم من أن معظم المراقبين لا يتوقعون أن تقوم إيطاليا بكسر السندات المالية مع بروكسل في أي وقت قريب, لكن بعض المحللين يتحدثون عن توجه من هذا النوع, كما أن مثل هذا التحرك سيدعم توجهات بإجراء استفتاء في إيطاليا علي عضوية اليورو. غير أن كثيرين لا يتوقعون حدوث مثل هذا السيناريو في إيطاليا في الوقت القريب, لكنه لو حدث فسيكون نتيجة كارثية جدا لزعماء الاتحاد الأوروبي, حيث إن الخروج البريطاني سيظل يهدد بمزيد من التخلي عن الاتحاد الأوروبي, بحسب تقرير لصحيفة ديلي ميل البريطانية. ومن جانبه, أعرب وزير الخارجية الألماني, فرانك فالتر شتاينماير, عن قلقه إزاء نتائج الاستفتاء في إيطاليا, في حين أشاد بخسارة اليمين الشعبوي في الانتخابات الرئاسية في النمسا. بينما قلل مفوض الشئون الاقتصادية والمالية بالاتحاد الأوروبي, بيير موسكوفيتشي, من أثر استفتاء إيطاليا علي اليورو والوحدة الأوروبية. ومن جانبها قالت المستشارة الألمانية, أنجيلا ميركل, إنها تشعر بالحزن إزاء هزيمة رئيس الوزراء الإيطالي, ماتيو رينزي, في الاستفتاء علي إجراء تعديلات دستورية, ولكنها أوضحت أن أوروبا ككل تسير علي المسار الصحيح. وأعلن رينزي اعتزامه الاستقالة بعدما رفض الناخبون مقترحاته للإصلاح في استفتاء. وقالت ميركل, امس: أنا حزينة لأن الاستفتاء في إيطاليا لم ينته بالطريقة التي أرادها رئيس الوزراء, لأنني دعمت دوما مساره الإصلاحي. لكن ميركل شددت علي أن القرار شأن إيطالي, مضيفة: من وجهة نظري, سوف نواصل عملنا في أوروبا, ولقد حددنا الأولويات الصحيحة.