لا شك أنانتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدةالأمريكية سيكون له تداعيات كثيرة علي علاقات واشنطن مع دول العالم المختلفة خاصة في ظل تزايد المخاوف الدولية بسبب تصريحات ترامب خلال حملته الانتخابية والتي هدد فيها باتخاذ خطوات تصعيدية ومختلفة تجاه ملفات شائكة في مقدمتها الاتفاق النووي الإيراني والأزمة السورية بالإضافة إلي العلاقات الاقتصادية مع المكسيك والمهاجرين إلي أمريكا. وأعتقد كما يعتقد الكثير من المحللين أن الرئيس الأمريكي سواء ترامب أو غيره يتحرك في إطار مجموعة من القواعد العامة التي وضعتها المؤسسات الأمريكية العريقة سواء وزارة الخارجية أو المخابرات المركزية أو مراكز الأبحاث والدراسات فيما يتعلق بمعالجة القضايا المرتبطة بعلاقات واشنطن مع دول العالم خاصة الدول الكبري مثل الصينوروسيا فلا يستطيع الرئيس اتخاذ أي قرارات فجائية غير مدروسة في تلك الملفات وإنما لابد أن يعود أولا إلي تلك المؤسسات لتتوافق علي تلك القرارات قبل صدورها خاصة في ظل الأوضاع المتوترة للعلاقات الأمريكية مع عدد من دول العالم الكبري وفي مقدمتها روسياوالصين وبالتالي فإن الرئيس الأمريكي ليس مطلق اليدين في اتخاذ ما يشاء من قرارات بل هناك مؤسسات راسخة تتابع وتراقب بل وتمنع أحيانا صدور قرارات للرئيس. والمؤكد أن الأوضاع المشتعلة في الشرق الأوسط سواء في سوريا أو اليمن أو ليبيا سيكون لها مساحة كبيرة علي مائدة ترامب الخارجية خاصة أنه قال إن الأزمة السورية لابد أن يتم حلها بالقضاء علي الإرهاب أولا وهو ما يعني أن الرئيس ترامب سوف يركز بصورة كبيرة علي مواجهة داعش والسعي لتحقيق انتصار فيما فشل فيه الرئيس الحالي باراك أوباما وإدارته وبالتالي سيكون هناك تعاون وثيق مع الدول ذات الصلة بهذا الملف الشائك وفي مقدمتها مصر والتي تعول علي توثيق وتقوية العلاقات مع الإدارة الجديدة بعد أن شهدت توترا مستمرا خلال السنوات الثلاث الماضية بسبب دعم أوباما وإدارته للإخوان المسلمين. ومن أجل مواجهة داعش والإرهاب في الشرق الأوسط لابد من التنسيق والتعاون مع روسيا والتي تمتلك النفوذ العسكري القوي في سوريا والتي تعتبر مع إيران المفتاح الحقيقي للوصول إلي حل سلمي للأزمة السورية بعد الانتهاء من مواجهة داعش وأعوانها ومن هنا فإن ترامب سوف يجد نفسه قي موقف لا يحسد عليه أمام روسيا فهو يرغب في دعم العلاقات معها في الوقت الذي سيجد معارضة لذلك من جانب بعض المؤسسات الأمريكية ولذا ستكون الخطوة الأولي للرئيس الأمريكي الجديد تجاه روسيا دليلا واضحا علي قوته ومساندة الجمهوريين له داخل الكونجرس أو دليلا علي ضعفه وفشله أو اختبار أمام قوة المؤسسات الأمريكية والتي تعتبر هي الحاكم الفعلي للبلاد. ويقينا فإن ترامب سوف يصطدم بإيران ولكنه صدام إعلامي فقط من خلال عدد من التصريحات النارية التي تشبع رغبات وتوجهات من اختاره وفي نفس الوقت تؤدي إلي إرباك الساسة الإيرانيين الذين لا يتوقعون خيرا من ترامب وإن كانت العلاقات الروسية مع واشنطن ستكون دعما وسندا لإيران مع واشنطن وبالتالي فإن المصالح المشتركة سوف يكون لها اليد العليا في صياغة السياسة الأمريكية خلال المرحلة المقبلة وليس التصريحات الانفعالية التي شهدتها الانتخابات الأمريكية وبالتالي فإن المخاوف الدولية لدي البعض مما قد يقدم عليه ترامب ليست في محلها خاصة بعد موجة الاحتجاجات العنيفة التي شهدتها عدة ولايات أمريكية احتجاجا علي فوز ترامب في الانتخابات الأمريكية.