أخيرا وصلت أمريكا الي المحطة الأخيرة لانتخابات..2016 غدا الثلاثاء8 نوفمبر ستجري, وسط جو مشحون وغير معهود. كان الأمر كله وكأنه ملحمة عنيفة, شهدت فيها الدنيا كلها حيودا عن المعهود وفضائح يندي لها الجبين..وفجورا لم تعهده أمريكا من قبل. استغرق الأمر قرابة عامين بدأ بإعلان المرشحين من الحزبين الكبيرين رغبتهم في الترشح لمنصب الرئيس..كان هناك17 مرشحا في الحزب الجمهوري..وأربعة في الديمقراطي, انسحب منهما اثنان بعد بضعة أشهر من إعلانهما, لضعف أدائهما وقلة الدعم المالي لحملتيهما, وادراكهما أنهما لن يحققا شيئا, وبقيت هيلاري كلينتون وبيرني ساندرز. استطاع ترامب أن يهزم الستة عشر مرشحا الآخرين ويخرج فائزا ليمثل الحزب الجمهوري, ورغم كراهية مسئولي الحزب وكثير من الجمهوريين المحافظين والمستقلين له. فعلها بتغذية اليمين المتطرف والقوي العنصرية في الحزب سموم العنصرية..واستمالة البيض أنصاف المتعلمين باستخدام شعار:سنجعل أمريكا عظيمة مرة أخري..استمالهم أكثر بهجومه علي كل الأقليات الأمريكية وخصوصا ذوي الأصول اللاتينية, والسود..وأنه سيبني سورا علي طول الحدود الأمريكيةالمكسيكية..وسيجعل المكسيك تدفع ثمنه,وبهجومه المستمرعلي الإسلام والمسلمين وأنه سيمنع دخولهم لأمريكا,وسيراقبهم, مثلما كان يفعل هتلر مع اليهود في ألمانيا, تحت دعاوي منع الإرهاب الإسلامي الذي دائما يذكره بشر وبأنه سينتصر عليه وعلي الإسلام. واستطاعت كلينتون هزيمة ساندرز الذي كان يصبو إليه جيل الشباب ويجد فيه تجسيدا لأحلامه. الغريب في الأمر أن كلا من ترامب وهيلاري لا يتمتعان بقبول الناخبين. في آخر استطلاع للرأي كانت نسبة عدم قبولهما متساوية59..% لكل منهما, وهي نسبة عالية وغير مسبوقة. حدثت بينهما ثلاث مناظرات تليفزيونية, شاهدتها كل البشرية, وحظيت في أمريكا بأعلي نسبة مشاهدات في تاريخ الانتخابات..وفازت في جميعها هيلاري بنسبة ساحقة, ورغم ذلك لم تتأثر شعبية ترامب. رغم مديحه المستمر لبوتين, وهو الغريم لأمريكا, لم تتأثر شعبيته بسبب ذلك أيضا..رغم عدم إعلانه عن تفاصيل دفعه للضرائب المستحقة عليه لسنوات, وهو ما يعتبر مخالفة للعرف وخصوصا بين المتقدمين للترشيح ليصبحوا رؤساء لأمريكا... لم تتأثر شعبيته. ومنذ أوائل أكتوبر تتوالي المفاجآت, منها فيديو مصور له يتفوه فيه بكلام داعر وفاسق غير معهودين, وجارح ومهين للنساء جميعا,مما جعل كثيرا من قيادات الحزب الجمهوري ينأون عنه وينهون, ثم ظهور12 امرأة عقب ذلك الفيديو, كل واحدة منهن تدعي أن ترامب تحرش جنسيا بها, ومع ذلك لم تتأثر شعبيته. وخلال أكتوبر كله, لا يكاد يمر يوم إلا وهناك تسريبات ويكيليكس عن هيلاري وعن القائمين علي حملتها الانتخابية, مما جعلها أكثر كرها وأكثر عدم ثقة عند الناخبين. رغم كل هذا إلا أنه من المحتمل جدا أن يفوز ترامب الذي يشبه التافلن الذي لا يلتصق فيه شيء, وتخسر هيلاري التي يصفها الجميع بأنها أكثر مرشح مؤهل لمنصب الرئيس الأمريكي في التاريخ. السبب وراء ذلك مرده مفاجأة آخر أكتوبر التي كانت مثل القنبلة الذرية, وهي الخطاب الذي أرسله مدير إف.بي.آي للكونجرس, مفاده أنه تم اكتشاف ما يقرب من خمس وستين ألف بريد إليكتروني موجودة علي جهاز الكمبوتر الخاص بزوج هوما عابدين السابق, والتي هي المساعدة الأولي لهيلاري. المفارقة العجيبة أنه في إستطلاعات الرأي الأخيرة التي أجرتها شبكة أي.بي.سي, وصحيفة الواشنطن بوست, أن الناخبين يجدون ترامب أكثر أمانة من هيلاري, بنحو8%!!. وسط كل القلاقل والخوف من احتمالية فوز ترامب بالرئاسة, خرجت افتتاحية صحيفة لوس أنجلوس تايمز في الثاني من نوفمبر بعنوان:رغم كل فضائح البريد الإليكتروني, تبقي هيلاري كلينتون البديل الأوحد يوم الانتخاب.. هذا غدا, وإن غدا لناظره قريب.