كشفت هيلاري كلينتون المرشحة لرئاسة الولاياتالمتحدة أن خطة التخلص من داعش تتلخص في هزيمتهم في العراق, وحصرهم في سوريا, وهو ما أكدته تركيا الثلاثاء بالإعلان عن ضرورة فتح ممر آمن لمقاتلي داعش, ليخرجوا من الموصل إلي سوريا. تتسق هذه التصريحات مع الضربة الجوية الأمريكية للقوات السورية في دير الزور, شرق سوريا, ليتمكن تنظيم داعش من السيطرة علي مطار ومدينة دير الزور, التي تشكل حجر عثرة أمام مخطط السيطرة علي شرق سوريا, وكثفت الطائرات الأمريكية غاراتها لنسف الجسور حول دير الزور, رغم أنها ادعت أن ضرب القوات السورية لم يكن متعمدا, وأنه خطأ لن يتكرر. هكذا تتكشف أبعاد الخطة الأمريكية التي يجري تنفيذها بالتنسيق مع تركيا, التي تتمسك بالمشاركة في العمليات العسكرية في الموصل رغم الرفض العراقي, وعززت قواتها البرية في مدينة بعشيقة العراقية, الواقعة شمال الموصل, ولم تتجاوب مع كل الجهود الدبلوماسية لسحب قواتها من بعشيقة, حتي إن أردوغان قال بلهجة بعيدة عن كل الأعراف الدبلوماسية إن علي رئيس الوزراء العراقي أن يعرف حدوده وحجمه, وقال له: أنت لست في مستواي, بعجرفة فجة, أثارت استياء العراقيين, الذين لم يطلبوا إلا احترام سيادة العراق علي أرضه, وعدم تدخل تركيا عسكريا واجتياح حدوده. انتقل التصعيد إلي مستوي جديد عندما أعلنت قوات الحشد الشعبي العراقية أنها ستتعامل مع القوات التركية بوصفها قوات احتلال, وأن تركيا لم تعد تجدي معها الوسائل الدبلوماسية, ولا تعرف إلا لغة القوة, وتحاول استعادة دولة الخلافة العثمانية. أطماع أردوغان في المنطقة الممتدة من الموصل العراقية إلي شمال حلب السورية أصبحت واضحة, ويري أردوغان أن فرصة جديدة قد سنحت له بضم بعض الأراضي العراقية والسورية بموافقة التحالف الأمريكي, لأن واشنطن التي خسرت معركة حلب أمام التحالف الروسي السوري الإيراني تريد أن تثأر بتوجيه ضربة تفصل العراق عن سوريا, ويئست أمريكا من الاعتماد علي الأكراد في إنجاز المهمة, ولم يعد أمامها إلا دفع داعش إلي شرق سوريا, وأن يتولي الأتراك التعامل معهم, ومحاولة انشاء دويلة سنية في هذه المنطقة تحت اشراف وحماية تركية. وكان لقاء الرئيس الروسي بوتين مع أردوغان في أنقرة الإثنين الماضي يوحي بالتباعد بين الجانبين حول الأزمة السورية, ولهذا تجنبا خلال المؤتمر الصحفي الإشارة إلي مباحثاتهما في الشأن السوري. كانت الولاياتالمتحدة قد شكلت ما أسمته جيش سوريا الجديدة, وحركته قبل3 أشهر باتجاه الحدود السورية العراقية انطلاقا من الأردن, تحت حماية الطائرات الأمريكية, لكنه لم يصمد سوي ساعات, وانسحب من منطقة البوكمال, وهو ما يؤكد الإصرار الأمريكي علي قطع الحدود السورية العراقية, لكن المهمة ليست سهلة, لأن الجيش العراقي يندفع بقوة نحو الحدود السورية, وتمكن من تنظيف مساحة كبيرة من غرب الأنبار من جيوب داعش, ولم تشغله معركة الموصل الكبري عن السعي لتأمين حدوده مع سوريا, وسيكون وجوده عقبة كبيرة أمام المخطط الأمريكي التركي الجديد, ومن المتوقع أن تتربص قوات الحشد الشعبي بقوات داعش المنسحبة من الموصل, حتي لا تتمكن من التوجه إلي المنطقة الحدودية مع سوريا, كما يتابع الطيران الروسي ما يدور في الموصل جيدا, ويستعد لمنع قوات داعش من المرور إلي شرق سوريا لإحباط المخطط الأمريكي, وإذا ما أنجزت القوات السورية مهمتها الصعبة في تطهير شرق حلب من الجماعات المسلحة, فإنها سوف تتوجه لاستكمال سيطرتها علي البادية السورية في الشرق, ليلتقي مع الجيش العراقي علي الحدود بين البلدين, وهو ما يعني توجيه ضربة قاصمة لمخطط التحالف الأمريكي.