دفع وفاة النائبة أميرة رفعت في تصادم صباح أمس أثناء توجهها إلي شرم الشيخ, الرئيس عبد الفتاح السيسي, إلي الخروج عن نص الكلمة المكتوبة مقدما العزاء للبرلمان ولأسرتها. كان الرئيس قد شهد بمدينة شرم الشيخ الاحتفال بمناسبة مرور150 عاما علي بدء الحياة النيابية في مصر, بحضور أعضاء مجلس النواب المصري, ورؤساء وأعضاء البرلمانين العربي والأفريقي, وسكرتير عام الاتحاد البرلماني الدولي, بالإضافة إلي عدد من رؤساء البرلمانات العربية وكبار الشخصيات البرلمانية علي مستوي العالم. وألقي الرئيس كلمة بهذه المناسبة,وفيما يلي نص الكلمة: بسم الله الرحمن الرحيم الدكتور علي عبد العال, رئيس مجلس النواب المصري روجيه نكودو دانج, رئيس برلمان عموم أفريقيا أحمد الجروان, رئيس البرلمان العربي مارتن تشونجونج سكرتير عام الاتحاد البرلماني الدولي السادة رؤساء وأعضاء البرلمانات الأفريقية والعربيةالضيوف الكرام, يطيب لي أن أرحب بكم اليوم في مصر للاحتفال بمرور مائة وخمسين عاما علي بدء الحياة النيابية المصرية, وأنتهز هذه المناسبة لأتوجه بالشكر لكم جميعا لحرصكم علي مشاركتنا الاحتفال بهذه الذكري الهامة. وفي البداية أود أن أتوجه بالتهنئة للشعب المصري العظيم ولقيادة وأعضاء مجلس النواب الموقر علي هذه المناسبة التي تجسد عراقة الحياة النيابية في مصر, والتي شهدت إنشاء أول مجلس نيابي في العالم العربي وأفريقيا بصدور مرسوم الخديوي إسماعيل في عام1866 بإنشاء مجلس شوري النواب. لقد ظل تاريخ الحياة النيابية في مصر عبر العقود الماضية مرآة للوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد, حيث مر البرلمان المصري بتحولات كبيرة منذ نشأته في منتصف القرن التاسع عشر حتي وقتنا الحاضر, فبينما بدأ مجلس شوري النواب ب76 عضوا للمداولة فقط في المنافع الداخلية والتصورات التي تراها الحكومة وعرضها علي الخديوي, فإن مجلس النواب الحالي يتكون من596 عضوا, وكفل له دستور2014 سلطات وصلاحيات واسعة وغير مسبوقة, حيث يقوم بأربع وظائف رئيسية تتمثل في ممارسة سلطة التشريع, وإقرار السياسة العامة للدولة, وإقرار الخطة العامة للتنمية, والرقابة علي أعمال السلطة التنفيذية, وهي أمور تجعلنا كلنا نفخر بما أنجزه الشعب المصري خلال قرن ونصف من الزمان. كما أن الحياة النيابية في مصر, شأنها شأن كافة بلدان العالم, تعكس روح الحياة الحزبية فيها بصورة توضح بجلاء مدي تطور ونضج تجربتها السياسية, فعندما بدأ مجلس شوري النواب عام1866 بتمثيل العمد والأعيان فقط, وكان تنظيمه الداخلي يتكون من خمسة أقلام, أي لجان, نجد الآن أن مجلس النواب يضم ممثلين عن تسعة عشر حزبا سياسيا إلي جانب أعضائه المستقلين, ويتكون تنظيمه الداخلي من خمسة وعشرين لجنة, وهو ما يعكس التطور الذي شهدته الحياة النيابية في مصر, بالإضافة إلي حجم المسئوليات الملقاة علي مجلس النواب الموقر. لقد سطرت مصر في العام الماضي مرحلة جديدة هامة في حياتها النيابية بانتخاب البرلمان الأوسع تمثيلا في تاريخها سواء من حيث العدد أو تمثيل مختلف فئات الشعب وأطيافه, إذ وصلت نسبة تمثيل الشباب في مجلس النواب الحالي إلي ما يزيد عن40%, كما يتم تمثيل المرأة ب90 نائبة, فضلا عن تمثيل المصريين في الخارج وذوي الاحتياجات الخاصة لأول مرة في تاريخ الحياة النيابية في مصر, ويأتي ذلك كله بهدف ضمان مشاركة جميع أطياف وفئات المجتمع المصري في عملية صنع القرار تحقيقا لتطلعاتهم نحو ترسيخ مرحلة جديدة في الحياة السياسية المصرية. لقد شرع مجلس النواب في ممارسة مهامه مع بداية العام الجاري في ظل ظروف وتحديات سياسية واقتصادية غير مسبوقة, وكان علي المجلس مهام جسام حدد الدستور لبعضها آجالا زمنية لإنجازها نتيجة للظروف الخاصة الناجمة عن المرحلة الانتقالية التي أعقبت ثورة30 يونيو, وقد تمكن البرلمان المصري الجديد من استكمال هذه المهام التشريعية بنجاح وفي مواعيدها المحددة, فضلا عن مناقشة وإقرار عدد من التشريعات الحاكمة والضرورية لإعادة دفع عجلة التنمية وتحقيق العدالة الاجتماعية وترسيخ قيم المواطنة. وتزامنا مع احتفالنا اليوم, بدأ منذ أيام قليلة الفصل التشريعي الثاني لمجلس النواب الموقر, ومع إدراكي بأن المهام الملقاة علي عاتقه ستكون جسيمة, إلا أنني علي ثقة كاملة في أن أعضاء المجلس قادرون علي اتخاذ القرارات الصعبة التي تحافظ علي أمن البلاد وتحقيق النهضة الاقتصادية المنشودة والاستمرار في إعلاء المصالح العليا للوطن, وممارسة سلطتي التشريع والرقابة بكل نزاهة وتجرد, وأن تكون قضايا التعليم والصحة والشباب والمرأة ومحدودي الدخل علي قمة أولوياتهم. لا يخفي علي أحد الدور الهام الذي تقوم به المجالس النيابية المنتخبة في الدفاع عن مصالح الشعوب ودعم جهود أبنائها وطموحاتهم المشروعة, وقد أثبتت تجربة مصر النيابية عبر العقود الماضية محورية الدور الذي يقوم به البرلمان خلال مسيرة الوطن, ونتطلع الآن لأن يستكمل مجلس النواب الحالي تلك المسيرة ليترجم تطلعات الشعب المصري إلي قرارات وتشريعات فعالة تحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة, وبما يلبي طموحات المصريين الذين خرجوا في ثورتين متتاليتين خلال ثلاث سنوات للمطالبة بالنهوض بأوضاع الوطن وحماية مقدراته.