سألت مدرسة للدين عن حكم حمل كتاب الدين وفيه آيات قرآنية وأحاديث نبوية وأحيانا تقرأ بعض الآيات, وهي في عادتها الشهرية, وأحيانا تقرأ القرآن وهي مكشوفة الرأس, فما رأي الدين في ذلك؟. الجواب: يحرم علي الجنب- ومن الجنابة الحيض والنفاس- الصلاة والطواف والمكث في المسجد وقراءة القرآن ومس المصحف وحمله. كما يحرم علي الحائض والنفساء الصيام, وعلي الرجل اعتزالها حتي تطهر. أما حملها لكتاب الدين فليس ممنوعا, لأنه ليس بمصحف ولا ينطبق عليه قول الله تعالي( إنه لقرآن كريم. في كتاب مكنون. لا يمسه إلا المطهرون) الواقعة:77-79, وأما قراءتها للقرآن من غير مس المصحف ولا حمله فممنوعة أيضا عند جمهور الفقهاء, وذلك للحديث الذي رواه أصحاب السنن أن النبي صلي الله عليه وسلم كان لا يحجبه عن القراءة شيء إلا الجناية, وصحح الترمذي هذا الحديث, وقيل: إنه حديث حسن يصلح للاحتجاج به, وكذلك للحديث الذي رواه أحمد عن علي رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم توضأ ثم قرأ شيئا من القرآن, ثم قال هكذا لمن ليس بجنب, أما الجنب فلا ولا آية قال الهيثمي: رجاله موثقون قال الشوكاني: فإن صح هذا الحديث صلح للاستدلال به علي التحريم. كما تمسكوا بحديث رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلي الله عليه وسلم قال لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئا من القرآن وقد ضعف هذا الحديث وغير الجمهور أجازوا للحائض والجنب قراءة القرآن, ومنهم أهل الظاهر والطبري والبخاري الذي قال: لا بأس أن تقرأ الحائض الآية, ولم ير ابن عباس بالقراءة للجنب بأسا. قال ابن حجر: لم يصح عند البخاري شيء من الأحاديث الواردة في منع الجنب والحائض وإن كان مجموع ما ورد في ذلك تقوم به الحجة عند غيره, لكن أكثرها قابل للتأويل. هذا, وذهب أبو حنيفة, إلي قراءة ما دون الآية وبعد عرض هذه الآراء يختار قول الجمهور في المنع, ولا يجوز للحائض أن تقرأ شيئا من القرآن عند دراسة لدين ما دامت لا توجد ضرورة لقراءتها. كالامتحان مثلا, ويمكنها أن تؤجل دراسة الباب الذي فيه القرآن حتي تطهر, فإن تحتمت القراءة جازت قراءة آية أو أقل أي الاقتصار علي الضروري, محافظة علي قدسية القرآن. أما قراءة الأحاديث النبوية وذكر الله بما ليس بقرآن, والصلاة علي النبي صلي الله عليه وسلم وإجابة المؤذن فلا حرمة ولا كراهة فيها مع الجنابة. وقراءة القرآن جائزة ورأس المرأة مكشوف أو كانت بملابس البيت مادام لا يوجد أجنبي يراها, وإن كان الأفضل الستر الكامل والطهارة واستقبال القبلة, وذلك لزيادة الأجر. ولا يجوز لمن عندا العذر الموجب للغسل أن تدخل المسجد وتمكث فيه لحضور مجلس علم حتي تطهر, لأن النبي صلي الله عليه وسلم نهي عن ذلك كما رواه أبو داود وابن ماجه, ويمكنها أن تتلقي العلم بعيدا عن المسجد أو في مكان ملحق به لا يصلي فيه. أما حمل المصحف ومسه ففي موضع آخر. ومن المستحب أن يبادر الجنب بالطهارة بالغسل لأنها كمال ولأن فيها تنشيطا للبلدن وتعويضا لما فقد من قوة, ويكره له أن يؤخرها إلا إذا كان هناك عذر, وهنا يستحب له أن يتوضأ بدل الغسل لمزاولة أعمال غير التي حرمت عليه كالأكل والشرب والنوم والسفر وإن ترك الطهارة بالغسل أو الوضوء عند التمكن من أحدهما كان ذلك مكروها لأنه يدل علي الاستهانة وقد يصير عادة له. ومما ورد في استحباب المبادرة بالطهارة ما ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلي الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يأكل أو ينام وهو جنب توضأ, وما رواه أبو داود والنسائي وابن حبان في صحيحه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة ولا كلب ولا جنب وما رواه البزار بإسناد صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ثلاثة لا تقربهم الملائكة الجنب والسكران والمتضمخ بالخلوق وهو طيب كان خاصا بالنساء. وما روي من أن الملائكة لا تحضر جنازة الكافر والجنب. ويكره للجنب تشييع الجنازة لأن الملائكة تشيع بعض الجنازات كما ثبت في الصحيح, وربما لا تشيع لوجود جنب مع المشيعين فيمنع الرحمة عن الجنازة. يقول العلماء: إن الملائكة التي لا تقرب الجنب حتي يغتسل أو يتوضأ هم ملائكة الرحمة, أما الحفظة وغيرهم فلا يفارقونه أبدا, والمراد بالصورة المجسمة وبالكلب غير ما أذن فيه كالحراسة والصيد, ولا بأس من الذبح مع الجنابة وذكر اسم الله, وإن كان الأولي الطهارة.