لا شك أن اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الحالية في نيويورك تكتسب أهمية كبيرة نتيجة الموضوعاتالمطروحة علي جدول أعمالها والمشاركة الدولية الواسعة من قبل قادة العالم وبمشاركة مصرية رفيعة المستوي بوفد يرأسه الرئيس السيسي حيث ناقشت القمة عدة موضوعات في مقدمتها أزمة اللاجئين في العالم وكيفية وضع أسس لمواجهتها بصورة عملية في ظل تفاقم أعداد اللاجئين في العالم بصورة كبيرة حيث كشفت مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة عن أن عدد الأشخاص الذين شردتهم الصراعات قد وصل الي أعلي مستوياته, وبلغ نحو65.3 مليون شخص مع نهاية عام2015, أي بزيادة5 ملايين شخص خلال عام واحد.وأن واحدا من كل113 شخصا في العالم مشرد, وهو اما طالب لجوء او نازح او لاجئ. ولذا فإن كلمة الرئيس السيسي أمام قمة اللاجئين في الأممالمتحدة يوم الإثنين الماضي كشفت عن الكثير من مآسي اللاجئين في العالم حيث حذر الرئيس من ظاهرة التمييز العنصري التي يتعرض لها المهاجرون, التي تتمثل في ممارسات سلبية وعنيفة تتخذها بعض الحكومات, بالإضافة إلي تزايد الرفض المجتمعي لاستقبال اللاجئين, والتقاعس عن توفير الخدمات الأساسية لهم. بينما تستضيف مصر نحو5 ملايين لاجئ,مسجلين وغير مسجلين, وتعمل علي توفير الحياة الكريمة لهم, دون عزلهم في مراكز إيواء, وتوفر لهم الخدمات بالمساواة مع المصريين. وأعتقد أن الأزمة تفاقمت بسبب اصرار المجتمع الدولي علي وقف الهجرة غير الشرعية دون البحث عن بدائل لها أو التوصل لحلول للازمات السياسية الطاحنة في المنطقة خاصة في الدول التي تشهد حروبا وصراعات دامية مثل سوريا وليبيا واليمن وهو ما يتطلب توافقا دوليا تجاه ملف أزمة اللاجئين والتعامل معه من منطلق الأمن القومي العالمي بعد أن شهد العالم عشرات الحوادث الإرهابية التي لا يمكن الفصل بينها وبين أزمة اللاجئين في العالم. والمؤكد أن إعلان نيويورك والذي صدر عن مؤتمر قمة الأممالمتحدة المعني باللاجئين والمهاجرين يوم الإثنين الماضي يعتبر خطوة مهمة في طريق طويل لمواجهة أزمة اللاجئينحيثيعبر إعلان نيويورك عن الإرادة السياسية لدي زعماء العالم لإنقاذ الأرواح وحماية الحقوق وتقاسم المسؤولية علي نطاق عالمي وبالتاليحماية حقوق الإنسان لجميع اللاجئين والمهاجرين, بغض النظر عن أوضاعهم, وهي تشمل حقوق النساء والفتيات وتعزيز مشاركتهن الكاملة والمتساوية والمفيدة في إيجاد الحلولبالاضافة إليضمان حصول جميع الأطفال اللاجئين والمهاجرين علي التعليم في غضون بضعة أشهر من وصولهمومنع ممارسة العنف الجنسي والقائم علي نوع الجنس والتصدي له. والنقطة المحورية في تلك القمة تمثلت في إطلاق عمليةالشروع في مفاوضات تفضي إلي عقد مؤتمر دولي واعتماد ميثاق عالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة في عام.2018 والاتفاق علي التحرك نحو هذا الإطار الشامل هو أمر بالغ الأهمية, فهو يعني أن الهجرة, مثل غيرها من مجالات العلاقات الدولية, سوف تسترشد بمجموعة من المبادئ والنهج المشتركة.ووضع مبادئ توجيهية بشأن معاملة المهاجرين في الأوضاع الهشةحتي يتمالتوصل إلي تقاسم أكثر إنصافا لأعباء ومسؤوليات استضافة ودعم اللاجئين في العالم عن طريق اعتماد ميثاق عالمي للاجئين في عام2018 وحتي يظهر هذا الميثاق للنور وحتي يأتي وقت تطبيقه فإن العالم يحتاج إلي تحركات سريعة وخطوات واقعية وملموسة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في أزمة اللاجئين بعيدا عن حسابات المصالح السياسية التي تحكم تحركات الدول الكبري والاعتماد علي الحسابات الانسانية فقط.