يوما بعد يوم تؤكد لنا الاحداث ان الاعاقة ليست في البدن وانما في العقل الذي يقع اسيرا للافكار المحبطة او الدعاوي العقيمة من نوعية نقص الامكانات, غير ان بشرا من معدن خاص فرضوا كلمتهم علي الدنيا واعلنوا بملء فيهم تحديهم للابتلاء الذي قدر عليهم, فكان ان صبروا واحتسبوا اعاقاتهم الجسدية عند الله, لكنهم لم يستسلموا او يركنوا لواقعهم الصعب, ورفضوا نظرات الشفقة او مصمصة الشفاه عند رؤية الاصحاء لهم, او علامات الدهشة عندما يشاهدونهم وهم يمارسون الرياضة التي وجدوا فيها سلوي لوحدتهم ورفيق حياتهم الذي يقويهم علي مواجهة الحياة والتعايش مع واقعهم بواقعية بعيدا عن الاحلام والدعوات والشفقة ممن يقدم لهم خدمة او يسهل لهم مهمة, ومع ممارسة الرياضة تضاءلت الاعاقة امام الطموح والارادة الفولاذية الكامنة داخل الابطال, رجالا وسيدات, وراحوا يخرجون طاقاتهم في ممارسة الرياضات التي تناسب اعاقاتهم وكانت رياضة رفع الاثقال في المقدمة ومعها العاب القوي والكرة الطائرة جلوسا والرماية, وظهرت اسماء سرعان ما تألقت في سماء المجد لتقارع اسماء الاصحاء, فعرفنا الرباع الاسطوري متولي مطحنة وعرفنا المرأة الحديدية فاطمة عمر, ولحق بهما الفيلسوف شريف عثمان وشعبان دسوقي وتوالت الاجيال منذ المشاركة المتميزة في الدورة البارالمبية عام96 في اتلانتا وصولا الي دورة ريو دي جانيرو2016, والانجازات تتوالي والحصاد الذهبي يتزايد, واسماء الابطال تتعدد والاهم هو انتشار الممارسة الرياضة لذوي الاحتياجات الخاصة بكل فئاتهم حتي اننا وجدنا منتخبا لكرة القدم للصم والبكم, ثم منتخبا لكرة الجرس وكلاهما يحقق الانجازات القارية والعالمية, مايعني ان الرياضة قادرة علي ان تستخرج الطاقات الكامنة داخل كل انسان, وهي ايضا قادرة علي أن تخرجه من دائرة الاحباط واليأس والرضا بالمقسوم, الي الحلم والامل والطموح, ليتحول معها الانسان من اصحاب الحاجات الي فخر للعائلات بل ومصدر سعادة وتغير لواقعهم المادي, اذ اولت الدولة ممثلة في وزارة الشباب والرياضة واللجنة البارالمبية المصرية اهتماما خاصا بالابطال, وتشرف علي رعايتهم الصحية والغذائية, واعدادهم الرياضي ليحققوا الانجازات التي ترفع راية الوطن في المحافل العالمية, وكم كانت فرحتنا كبيرة عند عزف النشيد الوطني بعد فوز الثلاثي راندا وشريف عثمان ومحمد الديب بميدالياتهم الذهبية وكذلك ارتفاع العلم المصري في سماء الاولمبياد من خلال الميداليات الفضية والبرونزية التي رفعت الرصيد المصري الي احدي عشرة ميدالية مع تألق خاص لفريق الكرة الطائرة جلوسا الذي لفت الانظار بقوة ويستحق التكريم مثله مثل الفائزبن وحسنا فعلت وزارة الشباب والرياضة عندما اعلنت ان المكافآت المالية للابطال ستكون كما هي بالنسبة للاصحاء بواقع مليون جنيه للميدالية الذهبية وسبعمائة وخمسين الفا للميدالية الفضية وخمسمائة الف جنيه للميدالية البرونزية وهي مكافآت تليق بالابطال الذين سيسعدون ايضا بالتكريم الادبي من قبل الدولة ممثلا في الاوسمة وكذلك تكريم الهيئات الرياضية والبرلمانية والمجتمعية, ان الاحتفاء بالابطال واجب وطني علي الدولة والمجتمع لانهم يستحقون من جهة ولتقديم القدوة والمثل للابطال الصاعدين وجذب انتباه الاسر الي الدفع بابنائها الي ممارسة الرياضة التي كان لها مفعول السحر في تغيير واقع الابطال وتغيير نظرة المجتمع لهم, غير اننا ونحن نوجه التحية للجنة البارالمبية وابطالها, نلفت الانظار الي اهمية التفكير في المستقبل, فدورة طوكيو علي بعد اربعة اعوام فقط وهي في عمر اعداد الابطال فترة قصيرة, اذا كنا حريصين علي مواصلة التفوق, لان المنافسة في ريو كشفت سطوع نجم منافسين كثر.