التحليل العلمي لمفردات الخطاب الصادر عن المجلس الأعلي للقوات المسلحة, سواء كان في شكل حوارات فنية استشارية, أو تليفزيونية, أو بيانات مكتوبة, يضع أيدينا علي عدة حقائق: الحقيقة الأولي معنوية, أدب رفيع, تهذيب راق, دماثة خلق, تعبر عن منهج معتمد في الكيفية التي يتخاطب بها المجلس الأعلي مع الشعب المصري وثورته وشبابه ورموزه وكافة تياراته. الحقيقة الثانية تعاقدية تعاهدية, حتي لو لم يكن هناك عقد إلزامي مكتوب, ومذيل بتوقيع من المجلس الأعلي, فإن العقد والعهد واضح هو أن المجلس الأعلي ليس بديلا عن الشرعية, وليس بصدد ولا وارد طلب السلطة, ومهمته الأولي والأخيرة, هي نقل مسئولية الحكم إلي مؤسسات مدنية ينتخبها الشعب المصري بحرية ونزاهة. الحقيقة الثالثة اجتماعية, تعني بحفظ وصيانة النسيج الاجتماعي في إطاره الوطني, الذي يندمج فيه كل المصريين تحت علم مصر باعتباره رمز الهوية الوطنية, لمصر العربية, صاحبة الالتزام والدور العربي الذي لا تتنازل ولا تتخلي عنه. الحقيقة الرابعة سياسية, وهي الترفع عن الانغماس في تفاصيل المداولات السياسية اليومية الداخلية للأحزاب والقوي والاتجاهات وجماعات المصالح. فالمجلس الأعلي يحتفظ بمسافة كافية وموحدة بعيدا عن كل هذه الأطياف, فلاتقربه شبهة انحياز لأي طرف. الحقيقة الأخيرة أخلاقية, تعني الالتزام المطلق بالشرف العسكري في خدمة الشرف الوطني, بصورة مقدسة طاهرة, لا يقترب منها الشك ولا تحوط بها الريبة... المصريون لديهم اعتزاز وثقة في المجلس الأعلي, نقول هذا ونكتفي لأن هذا هو ما نؤمن به ويؤمن به الناس... ولكن بعض الأصوات والأقلام, تبدأ كلامها بهذه المقدمة, ثم تضع حرف لكن, وتستدرك, وتبدأ في استخدام لغة جديدة, فيها شيء غريب علينا, ربما يكون الدافع إليها هو فرط الحماس والعشم, أو ارتباك وتوتر هؤلاء الذي يكتبون ويتكلمون, ومهما تكن الأعذار, فمن الأولي أن نرد علي الخطاب المهذب بخطاب مثله, دون حاجة إلي عنف لفظي, وإشارات لا تبشر بالخير. ويمكنك, ومن حقك, أن تقول كل شيء بحرية مطلقة. والمهم أن يكون بلغة لائقة. وفي البدء كانت الكلمة.