يستيقظ وزير التربية والتعليم علي هاتف مزعج في الصباح الباكر من مدير مكتبه وهو متوتر.. متلعثم.. حامل هم انفجارصاحب المعالي في وجهه, أعقبه مباشرة سلسلة مكالمات من جهات سيادية وأمنية وشخصيات مسئولة ثم مهاتفة من رئيس الوزراء مليئة انفعالا وعدم رضا.. إيه اللي بيحصل علي باب وزارتك يادكتور؟!,الجمهرة دي سببها ايه؟!, أولياء الأمور أعدادهم غفيرة ونازلين بأولادهم الطلبة.. أيه اللي سبتوه يستفحل تاني؟!.. ساعة زمن تكون حليت الأزمة وترفع لي تقرير..كله إلا الطلبة دول مستقبل مصر. يستجمع الوزير نفسه وملابسه يستكملها علي سلالم مسكنه دونما غسيل وجهه, وفريرة علي مكتبه الذي يدخله من الباب الخلفي للوزارة قبل معاونيه ومستشاريه,ويقرأ تقريرا مبدئيا أعده أمن الوزارة عن ثورة أولياء الأمور. يقول التقريرفي ديباجته: في مصر19 مليون طالب في مراحل التعليم قبل الجامعي, كلهم في رقبة معاليكم,وتنقسم المدارس إلي حكومية, ورسمية تجريبية, ودولية,وخاصة عربي ولغات, والأخيرة بشقيها ترفع عن كاهل الحكومة أعباء ما يزيد علي4 ملايين طالب, ثم فقرة توضيحية جاء فيها تري كم كانت ستتكلف الدولة من بناء وتجهيز مدارس ومعلمين وإداريين وموظفين وعمال ومرتبات وكتب وأنشطة وخلافة من مستلزمات العملية التعليمية لهذا العدد الرهيب من أولادنا,وعن طيب خاطر يتحمل المواطن متوسط الحال تكلفة تعليم ابنائه؟! ويضيف التقرير- الذي أخذ الوزير يتصفحه بسرعة لعله يجد فيه ما يرد به علي رئيس الحكومة- أن الأباءعندما الحقوا أبناءهم بالمدارس الخاصة أملا في تعليم فلذات أكبادهم تعليما جيدا, اختاروا التي تتناسب مصروفاتها مع قدرتهم المادية, وما يستطيعون اقتطاعه بالعافية من ميزانيتهم, مع علمهم المسبق بنسبة الزيادة التي تطرأ علي المصروفات سنويا, غير أن الذي حدث في عهد الوزير محب الرافعي صدم العقول وألهب الجيوب, وقفزت مصروفات عدد غير قليل من المدارس قفزة بهلوانية شيطانية واسعة تراوحت بين40 و50 بالمائة دون احم ولا دستور, ووجد ولي الأمر نفسه مجبرا علي سدادأكثر من7 آلاف جنيه مصروفات سنوية وهو الذي كان يدفع5 آلاف جنيه, كيف ولماذا ومن يقبل هذا أوتستطيع ميزانيته أن تتحمله؟!, والقرار الوزاري يحدد له نسبة الزيادة ب3 بالمائة فقط؟!,.. يبدو أن مافيا التعليم الخاص بالوزارة ساعدت أصحاب هذه المدارس علي مص دماء أولياء الأمور, الذين طرقوا جميع الأبواب, حتي ظهرت في الأفق بوادر انفراجة, عندها استشعرت المافيا انكشاف أمرها, فعدلت من موقفها مؤقتا وأرسلت للمدارس- بالاتفاق- كتابا يحذرها من زيادة المصروفات, ثم أعقبته في عهد الوزير نفسه بقرار جديد من تفصيل ترزية التعليم الخاص لمصلحة رجال بيزنس المدارس, تحت لافتة إعادة التقييم!. ويستفيض التقرير: استشاط الشارع المصري غضبا من القرار وبدأ أولياء الأمور مجددا ومن أول السطررحلة البحث الشاق عن من يعيد إليهم حقهم المسلوب,حتي اتخذ الوزير الهلالي الشربيني أوائل الشهر الماضي قرارا جريئا أثلج الصدور وأفرح القلوب بإلغائه للقرار الكارثي إعادة التقييم, وأرسل بذلك منشورا رسميا إلي جميع المديريات التعليمية,.. ويا فرحة ماتمت, فقد ضربت إدارات معظم هذه المدارس بالتعاون مع خفافيش الظلام بإدارات تعليمية عرض الحائط بقرار الوزير الذي صاح مندهشا ومتسائلا لماذا؟! الشارع ثائر.. يجيء الرد ممن يقفون حوله, تعلم يافندم أن المديريات التعليمية تحت سلطة وإمرة كل محافظ, وهو المنوط به تنفيذ القرار,.. ولماذا لم ينفذ المحافظون قرارا جماهيريا ومطلبا مستحقا؟!,..صوت من وسط الجمع يخرج قائلا: إذا كانت العاصمة الأم بغير محافظ منذ أكثر من خمسة أشهر والقائم بأعماله لن يفعل قرارا والأسباب معروفة,.. تدخل, احسم, افعل شيئا يامعالي الوزير وانزع فتيل أزمة أولياء أمور فاض بهم الكيل وطفح. إنه سيناريو حقيقي للوقائع والأحداث فيما عدا الفقرة الأولي وما بني عليها.