بغض النظر عن نتيجة الاستفتاء علي التعديلات الدستورية التي أجريت يوم السبت, فإن الاقبال الهائل وغير المسبوق علي لجان الاقتراع يؤكد اننا بدأنا مرحلة جديدة لم تعد فيها ممارسة السياسة عملا مقصورا علي الأحزاب وحدها.. لكنها باتت قوتا يوميا لكل أفراد الشعب.. فقد طغت أنباء الاستفتاء علي أي حديث وحتي نتيجة مباراتي والإسماعيلي في ذهاب دورس الأبطال الإفريقي. الآن فقط بات كل مصري يشعر بأهمية صوته وبأنه لم يعد كمالة عدد وأنه سواء صوت أو لم يذهب إلي الصندوق فإن النتيجة معروفة سلفا. ومما لا شك فيه أن تسهيل عمليات الاقتراع والاكتفاء ببطاقة الرقم القومي شجع الملايين علي ممارسة حقهم الانتخابي والإدلاء بأصواتهم في أول استفتاء عقب ثورة25 يناير. لقد شارك الملايين وبينهم كاتب هذه السطور لأول مرة وكان هناك تصميما من كل الفئات والأعمار علي المشاركة في أول عرس ديمقراطي حقيقي بعيدا عن الممارسات التي انطوت علي تزوير إرادة الناخبين فيما سبق مما دفع الغالبية العظمي إلي مقاطعة العملية الانتخابية وايثار السلامة ضمن ما اطلق عليه في السابق بحزب الأغلبية الصامتة. ما حدث يبعث علي التفاؤل بمستقبل الديمقراطية في مصر.. حيث تقاطر المصريون من الجنسين علي صناديق الاقتراع منذ ساعات الصباح الأولي.. ووقفوا في طوابير طويلة جدا تفوقت علي كل طوابير الخبز واسطوانات الغاز وحتي طوابير الجمعيات التعاونية في زمن الحروب.. وهذا إن دل علي شيء فإنما يدل علي تغير المصريين كل المصريين وحرصهم علي انجاح أول تجربة ديمقراطية عقب ثورة25 يناير. لقد فتحت ثورة25 يناير الباب أمام الأغلبية الصامتة لأول مرة لتقول كلمتها دون خوف أو توجيه من أحد.. وانطلق الجميع ليدلي بدلوه في التعديلات الدستورية سواء ب نعم أو لا لا فرق.. فقواعد اللعبة الديمقراطية تسمح بالرأي والرأي المضاد.. طالما تم ذلك بأسلوب ديمقراطي وغلفه حوار راق بعيدا عن التعصب أو تزييف إرادة الناخبين. إن الاقبال غير المسبوق وغير المعهود خطوة في الاتجاه الصحيح يتعين البناء عليها لبناء ديمقراطيتنا الوليدة.. فمصر ليست أقل من الهند أو تركيا أو غيرها من البلدان التي تشهد معارك انتخابية حقيقية تحفل فيها كل معركة انتخابية بكل فنون المتعة والإثارة.. وهذا هو الأسلوب الناجح حتي الآن لاختبار الأفكار والبرامج التي تطرحها الأحزاب والتنظيمات السياسية. ومع التسليم بأننا مازلنا في كي جي وان ديمقراطية دعونا نفرح بهذه المناسبة التي حرمنا منها لعدة عقود حتي ظننا أننا من طينة غير سائر الشعوب مثل الولاياتالمتحدة أو بريطانيا أو فرنسا. إن حرص المسنين وكبار السن والسيدات والفتيات والشباب علي الادلاء بأصواتهم.. في استفتاء أمس يؤكد أننا عرفنا الطريق ولن تعود عقارب الساعة إلي الوراء طالما حرص كل مصري علي ممارسة حقوقه السياسية وفي مقدمتها المشاركة في الانتخابات.. وفي المقابل حصلت السلطات المسئولة علي احترام إرادة الناخبين.. دعونا نجرب.. ونجرب.. ولن نندم.. فمع الديمقراطية الحقيقية.. الكل كسبان كسبان.