محافظ الدقهلية يقرر تخفيض درجات القبول بالثانوي العام إلى 235 درجة    قرار جمهوري.. ماجد إسماعيل رئيسًا تنفيذيًا لوكالة الفضاء بدرجة وزير    سعر الريال القطرى اليوم الثلاثاء 19 أغسطس 2025 فى البنوك الرئيسية    النقل تختتم تدريب الدفعة الأولى من السائقين: فرص عمل للمتميزين    محافظ الجيزة يجازي مسؤولين بحي الهرم لتقاعسهم عن إزالة مخالفات بناء    وزير الري: تطوير مؤسسي ومنظومة إلكترونية لتراخيص الشواطئ    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل تعاملات اليوم    "الأوقاف": مؤسسات العالم في اختبار حقيقي لإدخال المساعدات لغزة    وزيرة التخطيط والتعاون تتحدث عن تطورات الاقتصاد المصري في مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية    ريبيرو في اختبار مبكر.. الأهلي يبدأ الموسم بنزيف غيابات    فانتازي يلا كورة.. ارتفاع سعر كريس وود    حسن عابد مديرا لبطولة أفريقيا ل شباب الطائرة    "قصص متفوتكش".. 3 معلومات عن اتفاق رونالدو وجورجينا.. وإمام عاشور يظهر مع نجله    بعد لدغ طالبة قنا.. برلماني: طهروا المدارس من الزواحف والعقارب    أخبار الطقس.. 4 ظواهر جوية تضرب المحافظات خلال ساعات    قرار جديد من وزارة الداخلية بشأن إنشاء مركز إصلاح (نص كامل)    تموين المنيا تواصل حملاتها المكثفة وتضبط 318 مخالفة متنوعة    ضبط 433 قضية مخدرات فى حملات أمنية خلال 24 ساعة    ضبط 108780 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    "بدلة أنيقة".. دينا الشربيني تتألق في أحدث ظهور (صورة)    أوس أوس ضيف برنامج فضفضت أوى على watch it غداً الأربعاء    " ارحموا من في الأرض" هل هذا القول يشمل كل المخلوقات.. أستاذ بالأزهر يوضح    واعظة بالأزهر: الحسد يأكل الحسنات مثل النار    نائبة وزير الصحة ووفد "يونيسف" يتفقدون منشآت صحية بشمال سيناء    53 مليون خدمة.. ماذا قدمت حملة "100 يوم صحة" خلال 34 يومًا؟    هل يمكن أن تسبب المشروبات الساخنة السرطان؟.. اعرف الحقيقة    جولة للجنة التفتيش الأمنى والبيئى بمطارى مرسى علم والغردقة الدوليين    80 قطارًا.. مواعيد انطلاق الرحلات من محطة سكك حديد بنها إلى المحافظات الثلاثاء 19 أغسطس    خلاف علي 50 جنيها.. تفاصيل مقتل ترزى علي يد صاحب محل بالوراق    وظائف وزارة الأوقاف 2025| تعرف على الشروط وطريقة التقديم    إلغاء إجازة اليوم الوطني السعودي ال95 للقطاعين العام والخاص حقيقة أم شائعة؟    «ضربة قوية».. الأهلي يعلن نتيجة الأشعة التي أجراها ياسين مرعي    «التأمين الشامل».. تشغيل عيادة علاج طبيعي للأطفال بمركز طب أسرة العوامية بالأقصر    كونتكت المالية تحقق نتائج قوية خلال النصف الأول من 2025    5 قرارات جمهورية مهمة وتكليفات حاسمة من السيسي لمحافظ البنك المركزي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 19-8-2025 في محافظة قنا    وزيرا الإسكان والسياحة ومحافظ الجيزة يتابعون مخطط تطوير منطقة مطار سفنكس وهرم سقارة    رئيس الوزراء يلتقى وزير الدولة للاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني    وزيرة التنمية المحلية: الانتهاء من التأثيث النمطي ل332 مجمع خدمات حكومية    الأهلي يواصل استعداداته لمواجهة غزل المحلة    وزير الخارجية يعرب لنظيره الهولندي عن الاستياء البالغ من حادث الاعتداء على مبنى السفارة المصرية    السبت.. عزاء الدكتور يحيى عزمي عقب صلاة المغرب في مسجد الشرطة ب6 أكتوبر    عماد أبوغازي: هناك حاجة ماسة لتغيير مناهج التاريخ فى الجامعات    سقوط 21 شهيدا بنيران جيش الاحتلال في عدة مناطق بقطاع غزة منذ فجر اليوم    وزير الخارجية الألماني يطالب بوتين بالموافقة على وقف إطلاق النار    ياسمين صبري ناعية تيمور تيمور: «صبر أهله وأحبابه»    رئيس وزراء السودان يطالب الأمم المتحدة بفتح ممرات إنسانية في الفاشر    أبرز تصريحات لقاء الرئيس السيسي مع الشيخ ناصر والشيخ خالد آل خليفة    رسميًا.. 24 توجيهًا عاجلًا من التعليم لضبط المدارس قبل انطلاق العام الدراسي الجديد 20252026    «عارف حسام حسن بيفكر في إيه».. عصام الحضري يكشف اسم حارس منتخب مصر بأمم أفريقيا    رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2025 بعد انتهاء تسجيل رغبات طلاب الثانوية العامة 2025 للمرحلتين الأولي والثانية    فرصة لطلاب المرحلة الثالثة.. تعرف الجامعات والمعاهد في معرض أخبار اليوم التعليمي    هناك الكثير من المهام والأمور في بالك.. حظ برج العقرب اليوم 19 أغسطس    «زي النهارده».. وفاة الكاتب محفوظ عبد الرحمن 19 أغسطس 2017    جمال الدين: نستهدف توطين صناعة السيارات في غرب بورسعيد    حقيقة إصابة أشرف داري في مران الأهلي وموقف ياسين مرعي من مباراة غزل المحلة    ما علاج الفتور في العبادة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجوز قضاء الصيام عن الميت؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نيتشه.. فيلسوف عابر للأزمنة

بدعوة كريمة من دار كلمات للنشر والتوزيع أنهيت ترجمتي لأحد كتب نيتشه المهمة: إنسان, مفرط في إنسانيته, أو ما يطلق عليه: كتاب العقول الحرة. هذا ما دفعني للكتابة عنه والخوض في حياته ومسيرته الفكرية والفلسفية واتجاهاته الدينية التي أثارت الكثير من الجدل والخلافات.. بل الكثير من الحروب والنزاعات التي نتج عنها موت الملايين من البشر ودمار البلاد وتشريد العباد.
ينظر إلي فريدريك نيتشه باعتباره أحد أكثر فلاسفة العصر الحديث شهرة وتأثيرا, حيث أثرت أعماله وأفكاره مسيرة الفلسفة والمعرفة الإنسانية, وكانت ملهمة للوجودية وما بعد الحداثة, وبعيدا عن بعض العبارات المثيرة للجدل المعروفة عنه, دعونا نخوض في سطور موجزة تتناول حياته ومعتقداته.
لكن من هو نيتشه؟ وما هي أهميته ومكانته العلمية وتلك الشهرة الواسعة التي أحاطت به وما هي الآثار والنتائج التي نجمت عن كتبه وفلسفته ومعتقداته والتي جعلت الكثير من المعجبون يهيمون به ويحلقون في فلكه بل ويضحون بأنفسهم في سبيل تحقيق تلك المبادئ. بل وتنشب بسببها الحروب والكوارث التي أتت علي الأخضر واليابس والملايين من الضحايا والمفقودين في سائر أنحاء العالم عامة وفي أوروبا بصفة خاصة.
ويقول الدكتور لويس عوض: وقد قدر لابن القس هذا أن يكون أكبر داعية عرفه التاريخ لمناهضة الأخلاق المسيحية.. فهو من فرض خشيته أن يكون قديسا آثر أن يكون شيطانا.وقد كان نيتشه شيطانا بالفكر.. لذلك تدور أكثر كتابات نيتشه حول فكرة واحدة هي تحرير الإنسانية من الأخلاق المسيحية.. فالأخلاق كلمة لا معني لها إلا في قاموس العبيد, والفضيلةعملة يشتري بها الضعفاء السعادة في الحياة الدنيا أو في الدار الآخرة.. الأخلاق المسيحية عند نيتشه أخلاق المنفعة, والمسيحية هي, اللعنة الوحيدة الكبري, وهي الانحراف الوحيد الهائل المتغلغل الذي تجوز مقاومته بأية وسيلة.. وأنا أسميها الوصمة الوحيدة الخالدة في جبين البشرية]..
كما هاجمنيتشهالثورة الفرنسية لأنها تنادي بالمساواة والإخاء بين الناس, وهي ضد فكرة السوبرمان الذي يتميز بالفخر والعظمة والمعرفة وركوب الأخطار وخوض المعارك, وقالنيتشهإن المسيحي كائن بطال, مغرور, ضائع.أنه غريب عن نشاطالأرض.. فلهذا فإن الحياة تنتهي حيث يبتديملكوت اللهوأيضا قالنيتشهفأول واجب علينا إذا أردنا أن نمهد لظهور السوبرمان هو ليس التخلي عن الأخلاق المسيحية فحسب, بل مقاومة هذه الأخلاق التي تمجد الضعف وتحول دون ظهور السوبرمان فالمجد للأقوياء وسحقا للضعفاء والمحتاجين, والخير والرحمة كلمتان ينبغي إزالتهما من القاموس.كن صلبا, لا تراع جارك.. فالخطر الأول علي الإنسانية الفاضلة كامن في الأخلاق المسيحيةوعندما أصدر نيتشه كتابه فيما وراء الخير والشر دافع فيه عن الشر وهاجم الخير, بل وهاجم الفيلسوف الإنجليزي جون ستيوارت ميل الذي قال إن من واجبالإنسانأن يعمل علي انتصار الخير واندثار الشر.
أما نظرة نيتشه للإنسان فتتمثل أن نيتشه قد هاجمالإنسانالحالي بوصفه الدودة الحقيرة والقرد والحيوان, وكان يحلمبالإنسان السوبرمانأوالإنسانالأعلي الذي يحطم كل المقاييس البشرية, فعنالإنسانالحالي يقول إن الذي يثير اشمئزازنا هو هذه الدودة الحقيرة,الإنسانالذي ما برح يتناسل.. يمكننا التساؤل عما إذا كان هؤلاء المسافرون الجوابون قد شهدوا في طوافهم شيئا يبعث علي الكراهية والتقزز أكثر من وجهالإنسان.. الإنسانأقسيالحيواناتوأشجعها, وعندما يفكر فهوالحيوانالذي يصدر أحكاما.. فهو مرادف للمرض والاعتلال. وأنه لا يدرك نفسه إلا من خارجأما عنالإنسانالسوبرمان فقالنيتشهلقد ماتت الآلهة جميعا, ونريد الآن أن يعيش السوبرمان أوالإنسانالأعلي.. أنني أبشركم بالإنسان الأعلي.يجب أن يأتي منالإنسانمن يفوقالإنسانويقول الدكتور لويس عوض أيضا: فقد تأثر نيتشهبنظرية داروينفي التطور, وبني عليها نظرية أخري خلاصتها أن فيالإنسانغزوا طبيعيا يجعله يعتقد أنه آخر مرحلة من مراحل الحياة العضوية, ولكن تاريخ تطور الأحياء يدلنا علي أن عملية التطور لن تقف عند حد الإنسان, بل ستستمر في المستقبل ومنها سينشأ نموذج من البشر أرقي من الإنسان الحالي وأقرب إلي الكمال, يمكن أن نسميه السوبرمان.فإن لم تكن عوامل التطور الموجودة تؤدي بالضرورة إلي ظهور السوبرمان فيمكن أن نعمل علي توجيهها بحيث تنتهي بظهوره..
والسوبرمان أو الإنسان الفاضل لا يختلف عن الإنسان العادي في أنه أدني إلي السعادة, بل يتميز عنه بالقوة, وتتمثل هذه القوة في الإرادة الجبارة وفي مباشرة السلطان.. ولكي توطئ لظهور هذه الفصيلة الراقية من البشر لابد أن يتعلم البشر القوة والصلابة والقسوة, وأن يبغضوا الضعف والدعة والراحة والقناعة والتسامح والرحمة والتواضعوالإخاء والمساواة.
أما نظرة نيتشه للمرأة فهي نظرة احتقار شديد, فقد أظهر كراهيته الشديدة للمرأة بالرغم من أن أمه كانت سيدة متدينة, وأخته أليصابات كانت من أقرب الناس إليه, وقد وصف النساء في كتابه هكذا تكلم زرادشت..بأنهن قطط وطيور وأبقار,وأن دورهن في الحياة مجرد الترفيه عن الرجال المقاتلين, ودائما ينشغلن بالرقص وأدوات الزينة والكلام الفارغ والعواطف الهوجاء, ومن أقوالهإذا ذهبت إلي امرأة فلا تنسي أن تأخذ معك سوطكويري أن المرأة التي تريد أن تستقل بذاتها ولا تخضع لإرادة الرجل فأنها فظيعة, وأن الشرقيين محقون لأنهم ينظرون للمرأة كقطعة تباع.
وبينما كان نيتشه علي فراش الموت قال لأخته أعطني وعدا إذا مت ألا يقف حول جثتي إلا الأصدقاء, فلا يسمح بذلك للجمهور المحب للإستطلاع, ولا تسمحي لقسيس أو غيره أن ينطق الأباطيل بجانب قبري, في وقت لا أستطيع أن أدافع فيه عن نفسي.أنني أريد أن أهبط إلي قبري وثنيا شريفا.
هذا وقد امتلأت أعمال نيتشه بالأفكار البطولية, وكان التغلب علي الذات هو أحد الأعمدة الرئيسية لأفكاره, والذي يتلخص في قدرة الإنسان علي التغلب علي الظروف والصعاب, كي يصل لما أسماه السوبر مان أو الإنسان الأرقي, وحينها فقط, يصبح الإنسان بالفعل كما يجب أن يكون.
وبعد تلك قراءة سريعة في عالم نيتشه وفلسفته وفكره نابعة من دعوة صادقة لإعمال الفكر والعقل لترسيخ قيم العلم والحق والجمال. رغم اختلافنا معه ومع فلسفته وأفكاره لكنها رحلة في عقل الرجل وفلسفته فلربما نصل للإيمان الأسمي الأنقي الذي نجد في رحابه السلوي وراحة البال.. لنصل به ومن خلاله للإنسان... المفرط في إنسانيته.. الإنسان الذي يسمو ويرتفع بإنسانيته الذي لا يقتل ولا يكذب ولا ينافق ولا يسفك الدماء.. الإنسان الحر الذي لا يتاجر بالدين.. الذي يسمو فوق نفسه الذي يضحي بنفسه في سبيل غيره الذي يبذل الغالي والنفيس في سبيل مجتمعه وإخوانه في الإنسانية... ليصبح بحق: إنسان... مفرط في إنسانيته!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.