أنا شاب تجاوزت الثلاثين بسنوات قليلة, من أسرة ميسورة أو مستورة الحمدلله, وأعمل في وظيفة جيدة ولدي شقة في حي راق, لم أمر بتجارب حب حقيقية في حياتي وعندما اقتربت سني من الثلاثين بدأت أفكر في خطوة الزواج دون تعجل, رشحت لي أمي وبعض المعارف فتيات كثيرات كنت أشاهدهن بعين العقل فلم تجذبني إحداهن للارتباط بها. في البداية لم أهتم بمرور السنوات فأنا رجل ولا يعيبني شئ لكن في نفس الوقت لا أجد داعيا يدفعني للتعجل في ارتباط لا أقتنع تماما بصاحبته, حتي انتبهت مؤخرا لنظرات وتساؤلات غريبة ممن حولي عن سر عزوفي عن الزواج, بل وبدأت الشائعات تسري من حولي عن إصابتي بمرض عضال يمنعني من الزواج, أو عن سوء أخلاقي أو حتي شذوذي!! بل وحذرني بعض أصدقائي من أنني لو استمررت علي حالي هذه عدة سنوات قليلة أخري فلن أجد من تقبل بي لتأخري في الزواج, وأنالفتاة التي تأخر بها سن الزواج تفضل الارتباط بمطلق أو أرمل عن الارتباط بأعزب تأخر في الزواج, وبدأت بالفعل ألاحظ عدم تحمس الفتيات العشرينيات للارتباط بي. مما أثار دهشتي ودفعني للكتابة إليك... فهل هناك عنوسة للرجال؟ وما هي حدودها عمريا؟ وهل علي أن أسرع بالارتباط قبل أن أتلفت حولي فلا أجد من تقبل بي؟ وماذا لو كنت لم أصادف حتي الآن من أنجذب إليها وأتمناها زوجة؟ هل أتزوج لأتزوج فقط؟ أرجو أن تجيب علي تساؤلاتي وتشير علي بما يجب عمله سيدي إن لفظ العنوسة هو لفظ مقيت وغير صحيح سواء للنساء أم للرجال, وسن الزواج تتحدد بجاهزية الإنسان له رجلا أم امرأة عقليا ونفسيا, وفي حالة الرجل تضاف الجاهزية المادية أيضا لتحمل مسئولية وجود إنسان آخر في حياته والإنفاق علي الزوجة مثلما أوجب الشرع والعرف. أما العمر فله حد أدني وهو بلوغ سن الرشد واكتمال النضج لكن لا حد أقصي له, وبالنسبه لعمرك فهناك الكثير من الجنسين في مثل عمرك ولم يتزوجوا بعد فلماذا كل هذا القلق والخوف؟ خاصة أنك كما وصفت نفسك لا ينقصك شيء, وبالتالي أصبر علي اتخاذ خطوة الزواج حتي تجد من يهواها قلبك ويتقبلها عقلك, ولا ترمي بنفسك في تهلكة الاختيار الخطأ المتسرع لأنه من أكثر الأسباب شيوعا لفشل الزواج الذي يقوم أساسه علي الاختيار الصحيح المتأني لشريك الحياة, ويبدأ بالقبول الذي يعد أهم التوافقات التي تضمن الانسجام وتحفز الاستعداد لكسب الشريك, لأن القبول معناه حدوث التوافق النفسي بين الشخصين ثم يأتي بعده: التوافق في العقل ومستوي التفكير التوافق في المستوي الثقافي والتعليمي الشخصي. التوافق في الإمكانات المادية والتوافق الاجتماعي بين مستوي الأسرتين وبهذه التوافقات الأربع تكون قد اكتملت أعمدة إقامة بيت جديد علي أسس سليمة, وقد تسأل عن أهمية العواطف ومشاعر الحب, فأجيبك أن الحب إن وجد فهو يمثل الواجهة الخارجية لهذا البناء, فهناك كثير من البيوت المتينة القوية المبنية علي أساس سليم بينما واجهتها بسيطة جدا ومع الوقت تستطيع أن تجملها وتحسنها من الخارج بالحب الحقيقي الذي يأتي مع الوقت بالعطاء المتبادل من الطرفين علي أن يكون أساس هذا العطاء هو ما يحتاجه الشريك, فكلما أتقنت عطاءك... توطدت علاقتكما وازدادت محبة الشريك وتفنن في سبل إسعادك. سيدي هناك شعور بداخلي يجعلني أعتقد أن لديك شعورا بالخوف من الزواج ربما نتيجة أحداث قديمة عايشتها في صباك وتحولت مع الوقت إلي وسواس أو خوف من الارتباط, أنصحك بالذهاب إلي استشاري نفسي ليساعدك علي تحديد حقيقة الحواجز النفسية بداخلك والتي ربما تكون حائلا بينك وبين حسنة الدنيا والآخرة... الزوجة الصالحة, أما إذا تأكدت من أنك لست موسوسا من الارتباط فإنني أنصحك بالتريث لأن الزواج مشروع عمر ورباط وثيق وغليظ لا يصح الاستهتار به أو الإقدام عليه دون استعداد نفسي فقد ثبت بالأدلة الدامغة من خلال آلاف الزيجات التي تأتي إلينا في مراحلها الأخيرة, أن الزواج دون تأهيل ودون مقدرة نفسية مصيره الفشل والطلاق, أوالشقاق والعيش بلا رغبة في علاقة زوجية وهمية قائمة بغرض الحفاظ علي الشكل الاجتماعي فقط, وكل ما عليك بدءا من الآن الاهتمام بالظهور والخروج مع أقاربك وأصدقائك في المناسبات والتجمعات العائلية وممارسة الأنشطة المختلفة لزيادة فرص تعرفك بالعائلات وبزوجة المستقبل.