كنت أتمني ألا يبادر السيد عمرو موسي ليكون أول من يلقي بنفسه علي أتون الرئاسة الملتهب.. ولو كنت ممن يقدمون له الرأي لاقترحت أن يصطبر وأن يترك غيره يأخذ الطلعة الأولي من المواجهة مع الناس.. حتي ينظر ويري ويرصد ويحلل ويختبر الواقع الجديد.. ليس من المصلحة أن يكون عمرو موسي هو أول من يدخل غرفة الاختبار.. حيث تتشكل لجان الممتحنين من أجيال شابة مندفعة.. منهم من هو مثقف.. ومنهم من يفتقد إلي الخلفية المعلوماتية البسيطة.. ومنهم من لا يعجبه أحد.. ولا يقف عند حد ولا سقف. كنت أتمني أن يتريث السيد عمرو موسي حتي يضع الخطط الإعلامية والاتصالية والتمويلية.. وحتي يضع البرامج والمشاريع.. وحتي وهذا هو الأهم يتعرف بدقة وعن قرب علي نوعيات الأسئلة التي يمكن أن تواجهه.. ليس فقط من الشباب.. وإنما من كل قطاعات المجتمع.. من أهل البيزنس.. وحتي أهل الريف من فلاحين وعمال زراعيين. كنت أفضل أن يبدأ السيد عمرو موسي بأن يركب سيارة مجهزة.. ويأخذ مصر من الإسكندرية حتي أسوان.. يتعرف علي الواقع.. يلقي نظرة علي الناس.. الطرق.. المستشفيات.. المدارس.. المطبات.. الترع.. الحقول.. محال الجزارة.. عربات الفول.. دكاكين العصير.. المقاهي. نعم.. السيد عمرو موسي له شعبية.. لكنه ليس شعبيا بالمرة.. هو في النهاية ابن الأرستقراطية الدبلوماسية.. قضي فيها حياته.. لا يعرف شيئا عن أسعار توريد القمح بعد شهرين.. لا يمكن أن تكون لديه معرفة بمئات الألوف من المصريين تقتلهم أمراض الكبد.. لم يدخل مدرسة حكومية ليري حال التلميذ والأستاذ والأبنية والمقررات. ليس مطلوبا منه أن يفعل ذلك بنفسه.. إنما المطلوب أن يكون لديه من يضع يده علي الحقائق.. ويكفيه أن ينزل وأن يسمع وأن يري وأن يدرس وأن يقرر.. القاهرة هي عاصمة مصر.. لكنها ليست مصر. السياسة قضية هامة.. لكنها واحدة من عشرات القضايا. الإعلام عنصر مؤثر.. لكن الواقع أكثر تأثيرا. أسئلة المذيعات والمذيعين مهمة.. لكن الأخطر هو أسئلة الناس الذين يريدون صوتا يعبر عنهم.. وأذنا تسمعهم. عمرو موسي واثق من نفسه إلي حد الغرور في القضايا العربية والدولية. لكن القضايا المصرية شأن مختلف تماما. خبرة موسي السابقة.. ونجاحه السابق.. لا ينفعه كثيرا فيما هو مقبل عليه.. إلا من باب الثقة فيه.. وحسن الشهادة له. موسي تعود علي الصعود.. واليوم المطلوب منه هو عكس طبيعته.. هو النزول. انزل إلينا ياموسي.. وحاول.. اعرف أن المهمة صعبة.. وأن المسالك وعرة!