أنا عاوز تزينوا المضيفة بالأنوار وأسمع صوت زغاريد والناس كلها تكون فرحانة أنا ولادي ماتوا شهدا.. كانت تلك كلمات الأب المكلوم عقب العثور علي جثمان ابنه الأصغر الذي مات غريقا وقبلها بساعات تم العثور علي جثمان ابنه الأكبر طالب الهندسة الذي سقط بالرياح التوفيقي عندما حاول غسيل وجهه لارتفاع حرارة الجو ولكن قدمه زلت لتسقط بالمياه واستنجد محمد بشقيقه الأكبر عبدالله الذي هرع إليه محاولا إنقاذه لكن الرياح جرفته ليلحق بشقيقه.. حلمي هو حلم ولادي ابني الكبير متفوق وهو طالب في هندسة البترول وعشان كده قرر عبدالله أنه يجتهد بالثانوية العامة ومتعبنيش ولا حسيت به ولا حاجة وكان بياخد فقط الدروس الضرورية ولما ظهرت النتيجة حسيت إن ربنا راض عني ودخل كلية الهندسة زي أخوه وبدأت أسمع عبارات الحسد من البعض ولكنني كنت أتجاهلها لأنني مؤمن بالله وبقضائه وقدره.. لم يتمالك الأب نفسه وبدأ في البكاء وهو يقول: كان زي القمر والله بدر في تمامه كل الناس بتحسدني عليه أدبه وأخلاقه وشطارته ونجح في الابتدائية بمجموع عال وكان أمله يكون زي اخواته ولأنهم أبناء بارين فقد قرروا أن يساعدوني في عملي ووافقت ليتعلموا الاعتماد علي أنفسهم وأنا أعمل في أعمال رصف كوبري سندوب الجديد. فعبدالله كان يوفر كل قرش ليصرف علي نفسه في كليته وحلمه أن يصبح مهندسا مدنيا أما محمد الصغير وهو طالب بالإعدادي وعلي الرغم من صغر سنه إلا أنه كان رجلا بمعني الكلمة وكان أمله كبيرا في شراء جهاز محمول جديد وطلب العمل معي بأعمال الكوبري ووفر مرتبه لشراء المحمول وانتحب الأب قائلا: ولادي حبايبي مش مصدق انهم راحوا.. ميتعزوش علي اللي خلقهم فيما وقع الخبر علي الأم كالصاعقة فلم تشعر بنفسها إلا والأرض تميل بها وهي تصرخ عبدالله.. محمد... ولادي... وسقطت مغشيا عليها لتتلقي عقب ذلك العزاء لفقدانها أعز ما تملك في الدنيا.. كان اللواء عاصم حمزة مدير أمن الدقهلية قد تلقي إخطارا من اللواء مجدي القمري مدير مباحث المديرية, بغرق اثنين داخل مياه الرياح التوفيقي.. وعلي الفور انتقلت قوات الإنقاذ النهري إلي مكان البلاغ وتبين أنه أثناء قيام طالب بالمرحلة الإعدادية ويدعي محمد حمادة عبد الله14 سنة بالعمل مع والده بكوبري سندوب في إجازة الصيف, نزل إلي ترعة الرياح التوفيقي لغسل يده فانزلقت قدماه وسقط داخل المياه وأثناء محاولة شقيقه عبد الله19 سنة طالب بكلية هندسة مساعدته وإنقاذه جرفه التيار وغرق هو الآخر, وبعد فترة تم استخراج جثة الأخير وقام أهالي القرية بقطع الطريق للمطالبة بسرعة البحث وإخراج الجثة ليتم القبض علي اثنين منهما.