عانت محافظة بني سويف لسنوات طويلة من قرب اندثار أزهي حرفها وهي صناعة الفوانيس اليدوية وتحول كبار رجال الحرفة الي تصنيع الصواني والنرجيلة بسبب إغراق السوق ب الفوانيس الصيني الرديئة إلا انه ومع صدور قرار الرئيس السيسي بمنع استيراد الفوانيس من الصين عادت المهنة للحياة مرة أخري وأخرج الصانع كل ما في جعبته من فن ليسد العجز وتعطش السوق في شمال مصر وجنوبها. التقي الأهرام المسائي مع أصحاب تلك المهنة وورثتها في بني سويف عن الفنان الراحل كمال جودة وهم أبناؤه الثلاثة حسن وعادل ومحمد الذين ذاع صيتهم الي أسوان. يقول الابن الأكبر حسن انتشرت صناعة الفوانيس منذ قديم الأزل بمنطقة باب الخلق بالقاهرة وامتدت بعدها للعديد من المحافظات وكانت بدايتها في بني سويف وذلك لقربها الشديد من القاهرة وكان الفنان كمال جودة أول من تعلم مهنة صناعة الفوانيس وكان عمره وقتها6 سنوات وتتلمذ علي يد محمد الفوانسجي بباب الخلق بالقاهرة بعد أن أرسله والده الي هناك لأنه كان يحتاج لتطوير صناعة الفوانيس بالمحافظة حيث كانت تقتصر علي صناعات بدائية ل بوابير الجاز والصواني ثم عاد الصغير من القاهرة لينشر مهنة صناعة الفوانيس اليدوية وصناعات أخري قريبة منها ثم أورثها لأبنائه وأحفاده قبل أن يتوفي عن عمر ينهاز ال77 عاما. ويضيف حسن لم يقف تعليم الوالد لنا علي صناعة الفوانيس بل جعلها تجري بعروقنا وهو ما يجعلنا نحافظ عليها ونعلمها أيضا لأبنائنا ولا نقوم بصناعة الفوانيس فقط لأن ربح الفوانيس يقتصر علي شهر شعبان ورمضان لذا علمنا الوالد مهنا أخري نستخدم فيها نفس أدوات ومستلزمات صناعة الفوانيس فنقوم بصناعة أفران الكنافة والحواوشي و شواية الكباب والمداخن وهلال المساجد والشيش بأنواعها وتابع لا نقوم حاليا بالتصدير للمحافظات الأخري إلا في أضيق الحدود حيث أن الانتاج مقارب للطلب ببني سويف وكان والدي في السابق يصدر لفرنسا ومحافظتي الأقصروأسوان لتزيين الحنطور للسياح وكان الإقبال دائما علي فانوس النجمة ولكن تعرضنا لانتكاسة في صناعة الفوانيس عندما دخلت علي مصر فوانيس الصين واستمر الحال علي ما هو عليه لمدة6 سنوات ولكن سرعان ما اختفي هذا الشبح وعاد الإقبال علي الفوانيس البلدي ذات الشمعة والباب الجانبي خاصة عقب قرار الرئيس بمنع استيراد الصيني. ويشرح لنا الابن الأوسط عادل بعض أسرار صناعة الفوانيس ومتطلباتها قائلا معظم الفوانيس الآن مطلوبة بزجاج ملون ومكتوب عليها الآيات القرآنية بالخط العربي وخاصة للفنادق والشركات والخيم الرمضانية لذا نرسل الزجاج أولا قبل الشروع في الصناعة لمتخصص في محافظة الجيزة لتلوين الزجاج والكتابة عليه ثم نعود به مرة أخري ونقوم بتجهيز مقاسات الصفيح المطلوبة لكل فانوس ونقوم بعمليات الثني واللحام والصندقة ثم نقوم بتجهيز القبب والقعود وهي الاجزاء الموجودة أعلي الفانوس وأسفله وآخر مرحلة هي تجميع الفانوس بعد تثبيت الزجاج. وأضاف ان هناك نوعا آخر من الزجاج يطلق عليه الشربتلي ونقوم نحن بتلوينه عن طريق وضع التفتة والجملكة والسبرتو في الشمس لمدة3 شهور ثم نمشط به الزجاج فيصبح لونه مثل لون الشربات وله أيضا زبونه ونحتاج في مراحل التصنيع الي الصفيح والذي نشتريه من منطقة باب الشعرية بالقاهرة والزجاج ولحام القصدير والمقصات والكردون واخيرا الدقماء والثناية واللهب. وأستطرد قائلا نقوم في النهاية بصناعة100 شكل وحجم من الفوانيس أشهرها النجمة وأبو عرق وكتاب حياتي وعفركوش وأبو عياله والبرج الكبير... ويتراوح سعر الفانوس من6 جنيهات إلي500 جنيه حسب الطلب. ويختتم الابن الأصغر محمد الحديث قائلا: كان والدي وعمي حسن ومعهم جدتي يقومون بصناعة صواني العشاء للعرائس المرسوم عليها وكذلك صواني الشاي النحاسية ولمبات الجاز رقم10 و15 فضلا علي أباريق الوضوء والبوابير بجانب صناعة الفوانيس.