أصبحت الديمقراطية والعلمانية ومعاني السلام وحقوق الإنسان في مهب الريح مثلها مثل الأديان..ونتوقع أن نتائج الصراعات المتطرفة سوف تفرض نفسها علي جيل كامل من البشرية.. جيل يسأل ويبحث بلهفة عن اجابات شافية لأسئلة ضاغطة منها: ما هي علاقة الإسلام بالتطرف الدموي؟ ما هو الدين؟ ولماذا عجزت المسيحية أمام التطرف؟ وما الذي يستفيده الإنسان من الدين والآلهة التي لا تشبع من أنهار الدماء؟ وكيف تعترض بعض الآلهة طريق الحرية والعلم والسعادة الآمنة للناس؟ إنها تساؤلات حادة ومتصاعدة في وجدان الشباب في كل دول العالم مع انخراط اعداد منهم في حالة تطرف دموي محمومة تختطف شباب الشرق والغرب والشمال والجنوب ليكونوا وقود نيران التطرف السوداء مع عجز واضح لدي القادة والنخب والمؤسسات عن القراءة والتفكير والفعل الباتر للإرهاب وهو ما سيجعل العقل البشري في حيرة من أمره تدفعه للتخبط وربما المزيد من التطرف. ويخطيء من يتصور أن( الأنامالية) ودعم التطرف ولو بالصمت عن محاربته هو خيار التغيير الثوري والاجتماعي الذي يأخذ المجتمعات البشرية جميعا الي الأفضل.. فقد اصبحت مظاهر انخراط الحركات المتطرفة في التدمير والقتل الدموي والتخريب للتراث في عصر دول الديمقراطية والحريات والحقوق الإنسانية تؤدي الي تخريب خطير علي المتطرفين انفسهم حيث عجلت بانهيار مصداقيتهم وقبولهم اجتماعيا والي الأبد. وإن كان البعض من السياسيين المنتمين لمدرسة صراع الحضارات والأديان يري حصاد التطرف المشتعل في العالم كمؤشرات تبشر بازدهار حضارات غربية علي حساب الحضارات الشرقية فانهم واهمون لان نيران التطرف التي اشعلوها عمدا في الشرق اصبحت تهاجم العواصمالغربية بالدمار وتحصد دماء الأبرياء. ويبدو ان التطرف الدموي الذي رفع بالباطل شعارات دينية بهدف الإطاحة بكل ما هو مقدس قد صدم بقوة ميراث وواقع التهيئة الوجدانية والنفسية لكل شعوب العالم فوجدنا اليوم أثر الصدمات الدامية يزلزل الثوابت الفكرية والنفسية للناس في اكثر من قطر عربي وإسلامي ومسيحي وأوروبي وإفريقي وآسيوي.. والبقية تأتي. وما يحدث شئنا أم أبينا هو مقدمة لتحولات تاريخية تمهد لعصور جديدة.. فمثلما أدي استبداد الكنيسة الأوروبية بشئون الحياة العامة وجعل الدين في الغرب أقرب لأساطير خرافية وتقديس رجاله وأقوالهم بشكل مطلق الي ظهور الإلحاد ورفض منظومة الأديان بالكامل واندلاع ثورات ضد القساوسة سيؤدي اختزال الله والإسلام في حركات معينة وتنظيمات وأمراء وشيوخ جميعهم تركوا أصل النص القرآني واتجهوا الي تعظيم المفسرين للقرآن والسنة وجعلهم في مصاف الأنبياء بل ربما الإله الي تدمير الانتماء الوسطي للإسلام ذاته وكفر الناس به.. وهو ما يتطلب وبسرعة مراجعات شاملة للكتب والمؤسسات الدينية وليس للخطاب الديني فقط. إن دور المثقف والصحفي والإعلامي سيكون حاسما في المرحلة الحالية ويجب ان نسارع بمواجهة علمية وعملية صحفية واعلامية جادة لهذه الحيرة الآسرة لعقول وقلوب الملايين من البسطاء ليفهموا ان الدين براء من التطرف ونظهر بصراحة ان التطرف يخفي وراءه الصراع علي المصالح الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. ولا ننخرط في السطحيات والثانويات والمكايدات وندعم الحق والحقيقة والوطن حتي لا يفقد الناس الثقة بالنخب الفكرية والثقافية.. أفيقوا يا مثقفين وإعلاميين وصحفيين وكفي خطاب البكائية والبؤس والتبعية والتعصب وتغليب مصالحكم الخاصة علي مصلحة الناس. إن الأمر جد خطير فلا تستسهلوا تأثير حصاد أقلامكم وألسنتكم فربما تحولت بسبب التطرف الي نيران تحرقكم والجميع.. يا رب رحمتك.. والله غالب.