كان الرئيس السيسي في حواره التليفزيوني الأخير صريحا ومدركا أبعاد أزمة التعليم في مصر, حيث صرح بأن إصلاح التعليم يحتاج إلي عمل مستمر لأكثر من خمسة عشر عاما, وقد استهل لقاءه بالحديث عنإسقاط الدولة أمنيا ودينيا واقتصاديا, وهي محاولات لم يكتب لها النجاح وان لم تتوقف, لكن الذي فاجأنا أخيرا استخدام امتحان الثانوية العامة بالذات لاسقاط الدولة باعتباره أحد الأسس الرئيسية التي يقوم عليها التعليم والفيصل للتفرقة بين المتفوق والخائب,وقد جاءت أزمة تسريب امتحانات الثانوية العامة بأجوبتها لتثبت ذلك علي وجه اليقين,فهو يهز المجتمع الذي له أكثر من نصف مليون طالب يجتازون امتحانات الثانوية في نحو1580 لجنة, والذي لا خلاف عليه أن امتحان الثانوية العامة بالذات له وضعه الخاص كمعيار لمدي جودة التعليم بمصر, وبالتالي فهو مؤشر لمستوي الخريج التعليمي والمهني, مما يقتضي ضرورة احاطته بالضمانات والاحتياطات المشددة التي تضمن كفاءته الكاملة,حتي ان البعض طالب ساخرا بحتمية اسناد عملية وضع الامتحانات وتصحيحها للادارة الهندسية بالقوات المسلحة حيث انها مسألة من صميم الامن القومي لأي دولة. هذا التسرب كان معناه إهدارا لمبدأ تكافؤ الفرص بين الطلاب, وهو ايضاإجحاف كارثي بفرص المجتهدين والجادين لصالح العابثين والفاشلين, إن هذه الحالة المرضية الشائنة لانتشار الغش, بل مشاركة بعض الأهالي فيها, فضلا عن السعي للابتكار فيها, ليست إلا الحلقة الأخيرة لفساد وتدهور النظام التعليمي كله, كظاهرة تتجاوز سلطات وامكانات وزير التعليم, بالفعل قد يكون وراء ذلك مؤامرة ممن يريدون إسقاط مصر, ولكن يبقي ان هناك عيبا خطيرا في المنظومة التعليمية بالكامل بمصر. وإصلاح منظومة التعليم يرتكز علي عدة عناصر منها: المدرس, والكثير منهم للأسف فسدة مرتشون, يهدمون وطنا بأكمله من اجل أموال الدروس الخصوصية والسناتر,قاموا بمص دماء شعب مصر حتي غير القادر منهم وذلك بعد أن هجروا المدارس والفصول عمدا, فضاعت هيبتهم وانعدمت وظيفتهم التربوية ودورهم كقدوة يحتذي بها الطالب, ولم يكتفوا بذلك بل تعمد البعض منهم إشاعة الفوضي داخل اللجان.. باغفال الرقابة وتمكين الطلبة من الغش واهدار فرص الطالب المجتهد في أن يحصد ثمار تعبه خلال عام كامل ولا يسوي بطالب فاشل. الطالب.. والذي بات للأسف يعتمد علي حفظ ما يلقن له بالدرس الخصوصي, والغالبية العظمي من أبنائنا الطلبة بنيت ثقافتهم التعليمية علي الغش والفهلوة والبرشام والبلوتوث, وان محاولة تغير هذه الثقافة والقناعة في عام او عامين هي ضرب من الخيال. المدارس.. يجب أن تكون منشآت تعليمية متكاملة بها المعامل العلمية اللازمة والمكتبات والملاعب وقاعات الأنشطة المختلفة, كما كانت من قبل وحتي أيام عبد الناصر, مع إعطاء الدور الأكبر للمدارس الفنية علميا وكذا بزيادة اعدادها. المناهج.. يجب ان تكون متكاملة, تعليمية وتربوية في الوقت نفسه, هدفها خريج مؤهل علميا ومعد نفسيا للتعامل مع المجتمع وتحدياته, يجب ان تحتوي علي الأنشطة الفنية والاجتماعية والرحلات الترفيهية والثقافية والعلمية بداخل المدينة وخارجها. إنها عملية متكاملة تحتاج إلي مجهود ضخم ومتواصل, وما ذكر ليس إلا نقاط للتوضيح, عملية أقل ما توصف به انها من أخطر مهام الأمن القومي, فبدون تعليم حديث وجيد وراق لا يمكن ان تبني اي امة نهضتها, ولا يمكن ان تأمل اي تقدم في مستوي معيشة ابنائها.