فرضت سلبيات المحليات والفساد الذي انتشر في أوصالها طوال السنوات الماضية مطالبات جادة بضرورة إيجاد نمط مختلف للمحليات يضمن أداء يليق بمصر في الفترة المقبلة, مما يتيح ممارسة ديمقراطية لمجالسها, ولا مركزية في قراراتها, وهو ما أكدته الدكتورة لبني عبداللطيف رئيسة قسم الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية قائلة: مصر هي المحليات, مشيرة إلي أهمية الإدارة المحلية, لما لها من دور قوي في الحوار السياسي, والمشاركة في توزيع الموارد الاقتصادية للمجتمع المصري. جلسات استماع وحول شكل المجالس المحلية التي تتطلبها المرحلة المقبلة أكدت د. لبني عبداللطيف أهمية أن يدرك المواطن حقه في انتخاب من يمثله بشكل حقيقي في هذه المجالس, بالإضافة إلي مشاركته جلسات استماع لرأيه قبل اتخاذ قرارات تمسه بشكل مباشر ليكون علي علم بالنتائج التي تفرزها والتي تؤثر علي صنع القرار السياسي. وتشدد د. لبني علي أنه في حال شعور المواطنين بأهمية انتخابات الإدارة المحلية علي مستوي الوحدات القروية والمدن والمراكز والمحافظة, سيعزز ذلك آلية الممارسة الديمقراطية اليومية في القضايا ذات الصلة المباشرة بهم وبحياتهم اليومية, بما ينعكس علي البرلمان المصري الذي يهتم بالسياسات والاستراتيجيات العامة, مطالبة بضرورة إشراك العاملين بالمؤسسات المختلفة في القرار ليكون لكل مواطن نصيب عادل من الموارد السياسية والاقتصادية للمجتمع, لأنه بدون ذلك لن تؤثر مكاسب الإصلاح الاقتصادي علي المواطنين, ولن يشعروا بها من الأساس. وشددت علي ضرورة أن تكون هناك موازنة مخصصة لكل وحدة محلية, وهو أمر معمول به في دول عديدة, لأن ذلك يجزئ الحوار السياسي العام داخل كل وحدة, سواء قرية أو مدينة أو غيرهما بين أجنحة الإدارة المحلية الشعبية والتنفيذية, والمواطنين الذين سيصلون لدرجة الرضا عن أداء الجهات التنفيذية بالشفافية والحوار السياسي حول الخطط والموازنات, بما يعني احترام المواطن في مكانه, مطالبة بضرورة أن يتواكب مع ذلك تدريب جيد للجناح التنفيذي, ورفع كفاءته لإدارة الحوار المطلوب حول ما نحتاجه وما يتطلبه ذلك بعيدا عن تركز القرارات الذي يؤدي إلي هدر الموارد حتي ولو بشكل غير مقصود. دور العائلات وحول مشكلات الانتخابات في مصر, وبخاصة في الأقاليم وما يعرف عنها من التعصب والقبليات, أوضحت د. لبني أنه في العالم كله العائلات لها دور كبير في الانتخابات, لكن بعيدا عن العصبيات بما يتيح انتخاب أجود من في العائلات للوصول إلي الأفضلية في النهاية, بعد الوعي بأهمية المكان ودوره وممارسة عمله بشفافية ووضوح, وهو ما تحدثه إجراءات مثل جلسات الاستماع لرأي المواطنين ومشاركتهم في اتخاذ القرارات, وتدريب الجانب التنفيذي علي إدارة الحوار بكفاءة وفاعلية. وأضافت د. لبني أن هناك أهمية للبدء في إجراء التغييرات المطلوبة في قانون الإدارة المحلية بما يحقق الهدف المنشود. مفهوم المحليات واتفق في هذا الرأي اللواء حسن حميدة محافظ المنوفية الأسبق, الذي أوضح أن من التغييرات المطلوب إدخالها بعد الثورة الجديدة أنه يجب أن تكون شاملة في مفهوم الإدارة المحلية والاشتراك الفعلي لمن يتم انتخابهم بشكل حقيقي, وبحرية وديمقراطية, كذلك إصلاح وتعديل قانون الإدارة المحلية بما يتيح استقلالية موازنة الوحدات المختلفة عن إيرادات المحافظة لتنفيذ المشروعات التنموية في هذه الإدارات. وأيد حميدة الدعوة لانتخاب المحافظين, مطالبا بإعطائها أولوية في التغيير السياسي الحادث في مصر, بما يتيح تولي الأصلح المسئولية وفق معايير واضحة, وبإجماع وتوافق شعبي يتيح تيسير العمل وسرعة الإنجاز, بالإضافة إلي إمكان مساءلة المحافظين, مشددا علي أن ذلك أولي الخطوات الحقيقية لتحقيق التنمية الشاملة بعيدا عن المركزية وسلبياتها.