متشخبطش علي الحيط من أهم وأولي الدروس التي تلقنها الأم لأولادها الصغار عندما يبدأون في استيعاب سياسة التعليمات الأبوية علي طريقة افعل ولا تفعل, وتبقي هذه الجملة من أكثر العبارات التي ترددها الأم بصفة يومية للتأكيد علي سوء هذا السلوك لتربية الطفل علي أن الحائط منطقة محظورة لا يجوز الاقتراب منها. وبمرور الوقت تبدأ مرحلة أخري في حياة الابن يكون فيها للحائط دور كبير ومحوري من خلال مجلة الحائط في المدرسة حيث تدفع كل مدرسة بهذا النشاط لتنمية مهارات تلاميذها للتعبير وتنمية طرق التواصل فيما بينهم, لتنقسم جدران المدرسة وأسوارها ما بين لوحات فنية تضم عددا من أجمل الرسوم والتصميمات التي أبدع فيها الطلاب أو كلمات وأشعارا وعبارات مكتوبة بالخط العربي المميز لنشر قيم معينة. لتبدأ مرحلة مختلفة تماما بعد هذه الفترة, وهي مرحلة اختفاء الجدران الجميلة والحوائط المليئة بالإبداعات المكتوبة والمرسومة من حياتنا وتحل مكانها جدران الشارع التي تفتقر لأبسط قواعد الرسم والخط, وهو أمر طبيعي لأنها تعتمد علي توليفة غير منسجمة من كلام في الحب والسياسة والآيات القرآنية والأحاديث النبوية والحكم الدنيوية بالإضافة إلي الإعلانات التي تحتل العدد الأكبر من الجدران في الشارع باختلاف أنواعها وتوجهاتها, حتي الألفاظ النابية والشتائم وجدت مكانا لها أيضا علي جدران الشارع. هذه الجدران بكل ما تحمله من شخبطة وإعلانات وبذاءات في ملف بالصور ترصده الأهرام المسائي.. من الجرافيتي إلي خط الإيد: للسياسة حوائط كثيرة يمكن أن نعتبر ثورة25 يناير بداية استخدام جدران الشوارع لتوثيق الأحداث والآراء والشعارات السياسية بداية من الشعب يريد إسقاط النظام وارحل, وصولا إلي فن الجرافيتي الذي لم يقتصر علي الكتابة فقط بل تضمن عددا من الرسوم والصور التي تستهدف توصيل معني معين, لتحصل السياسة فجأة علي نصيب الأسد من جدران الشارع بعد سنوات طويلة ظل الوجود السياسي الوحيد علي الجدران في فترات الدعاية الإنتخابية ولكن لم يكن للتعبير أو الرأي السياسي مكان أبدا. ولكن مع توالي الأحداث السياسية ومعها التغييرات التي لحقت بالنظام الحاكم استمر استخدام الجدران في رصد الآراء السياسية ونشر بعض الدعوات والمطالب مثل دعوة تمرد للنزول يوم30 يونيو وإسقاط الإخوان والعديد من المنشورات التي يستهدف أصحابها إعلان موقف سياسي معين, كما استغل أنصار الإخوان جدران الشارع كوسيلة للتشويه وإعلان مواقفهم في آن واحد ولكن من خلال كتابات يدوية علي أي جدار فارغ مثل كتابات نهاية الانقلاب يوم25 يناير2014 وغيرها من الكتابات التي استهدف أصحابها محاربة ثورة30 يونيو, وهناك بعض الكتابات التي وثقها أصحابها للتعبير عن الرأي المحايد الذي يدافع عن الوطن فحسب إما من خلال إعلانات صغيرة تدعمها بعض الشركات والأشخاص أو كتابات كلنا مصريون كلنا واحد ويا رب احفظ مصر وأهلها, بالإضافة إلي الدعاية الانتخابية التي استمر وضعها كما كانت عليه قبل الثورة حيث كست إعلانات المرشحين جدران الشارع ولا يزال عدد كبير منها موجودا حتي الآن. اسمك ومهنتك.. إعلان من كلمتين وبس أحمد للعقارات, أسامة للبويات, عادل سمسار وغيرها من الأسماء المقترنة بوظائف اختار أصحابها أن تقترن بأسمائهم كأسماء شهرة تميزهم فيما بينهم وداخل المنطقة التي يعملون فيها, شرط اختيار المكان المناسب للإعلان عن خدماتهم والبنط الأكبر الذي يلفت الأنظار بالإضافة إلي كتابة رقم التليفون والخدمة التي يقدمها بشكل واضح لتسهيل الأمر علي المواطن الذي يبحث عن هذا النوع من الخدمات. ومن أهم الصفات التي يتميز بها صاحب هذا الإعلان هو استخدام أقل عدد من الكلمات وعدم اعتماده علي أحد الخطاطين لإعلان أكثر جاذبية وتنسيقا لأن كل ما يشغله هو استغلال أي مساحة فازغة علي أحد الجدران وتكثيف عدد مرات الإعلان عن نفسه حتي لو كتبه عشرات المرات علي حائط واحد, فالأهم لديه هو تحقيق الهدف من وراء الإعلان مهما تكن الوسيلة. بقلم فلوماستر أو اسبراي أو ورقة مطبوعة علي الكمبيوتر اثبت حبك إلي الأبد.. أو انضم لمكاتب توفيق راسين في الحلال أحمد بيحب مروة, محمد ومحمود وأيمن أصدقاء إلي الأبد والحب من طرف واحد مؤلم يا من غير لي حياتي يا من أحببته من كل قلبي حب وعطاء بدون مقابل كانت هذه بعض الرسائل التي شهدت عليها بعض الجدران وتمتليء بمحتواها الذي يقوم علي بعض الوسائل السهلة السريعة غير المكلفة مثل قلم جاف أو ملون وأحيانا سبراي ومساحة فارغة علي أحد الحوائط وفي بعض الأحيان طباعة ورقة مكتوبة علي جهاز الكمبيوتر ولصقها علي أحد الجدران كنوع من التوثيق يقوم به كل من يكتب رسالة علي الجدران حتي لو كان هذا التوثيق تشويها لها. والأمر لا يقتصر فقط علي علاقات الحب والصداقة بل ابتدع بعض الشباب ملصقات وكتابات تحتوي علي أرقام هواتفهم والبريد الإلكتروني لمن يرغب في التواصل علي حد وصفهم وطلبهم, كما تندرج إعلانات مكاتب الزواج تحت هذا النوع من المحتوي الذي يملأ جدران الشارع من وعود بمساعدتك في إيجاد شريك الحياة وضمان السرية التامة والتأكد من البيانات. إعلانات الحج والعمرة تتصدر جدران الدين.. وأزمة صليت ع النبي انتهت وبقيت المنشورات لأننا' شعب متدين بطبعه' أو هكذا نصف أنفسنا, فمن الطبيعي أن تجد الإعلانات والكتابات الدينية علي جدران الشارع سواء لتحقيق هدف معين من وراء الإعلان أو لإظهار حالة من التدين يسعي صاحبها لإبرازها أو اكتساب ثواب كما يري البعض. فتجد إعلانات تبدأ بآيات فريضة الحج من القرآن الكريم وينتهي بالإعلان عن فرص للحج والعمرة بأسعار مميزة والشرط الوحيد لتحظي بالفرصة هو الاتصال بالرقم الموجود بالإعلان. أما الكتابة الأبرز والأكثر انتشارا في الكتابات الجدارية ذات الطابع الديني في معظم الشوارع فهي لافتة' هل صليت علي النبي محمد اليوم ؟', هذا الإعلان الذي أثار حالة جدل واسعة بداية فترة انتشاره, والذي لا يزال منتشرا وموجودا في شوارع عديدة حتي الآن!!. إعلانات الدروس الخصوصية ترفع شعار: بادر بحجز مكانك مع المستر وفي الشارع! بادر بحجز مكانك مع الفيلسوف, صاحب الدرجة النهائية, الفارس الأول بدون منازع, القمة في الكيمياء ليست عناوين لأفلام سينمائية هي جزء من دعاية ممتدة طوال العام لدروس خصوصية لدي قمة الكيمياء وفارس الفيزياء وفلاسفة وأدباء المراحل التعليمية المختلفة لعدد من المواد الدراسية حيث يتنافسون فيما بينهم لجذب أكبر عدد من الطلاب من خلال حجز النسبة الأكبر من جدران الشوارع المختلفة. تحتل المرحلة الثانوية الجانب الأكبر من هذه الدعاية نظرا لخطورة هذه المرحلة وزيادة الاهتمام بها من قبل الطلاب وأولياء الأمور علاوة علي قيام عدد من المراكز الخصوصية بالإعلان عن نفسها, واللافت للنظر في إعلانات الدروس الخصوصية سواء لمدرسين أو مراكز خصوصية أنها تتبدل باستمرار وقد تصادف أحد الأشخاص يقوم بطلاء الحائط وإعادة الكتابة عليه من جديد أو لصق بعض الإعلانات الجاهزة علي نظيرتها الموجودة علي الحائط. وأثناء الجولة لاحظت وقوف ثلاثة أفراد أمام أحد الإعلانات التي تندرج تحت محتوي الإعلانات التعليمية حيث طلب أحدهم من صديقه تصوير إعلان عن مركز يعلن عن توفير خدمة معادلة كليات الهندسة والتجارة مطلوب خريجو المعاهد الفنية وأصحاب الدبلومات الصناعية والتجارية وتوفير ملازم شرح وامتحانات سابقة للمعادلة وحلها, بينما التفت الثالث لإعلان آخر يحمل عنوان كبيرا بارزا فرص عمل. .. وحوائط ترفع شعار للقراءة فقط النظافة من الإيمان, النظافة سلوك حضاري, رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري, إن الله جميل يحب الجمال, علم الإنسان ما لم يعلم ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلي الجنة عبارات بمجرد أن تراها علي أحد الجدران في الشارع تتأكد أنك بالقرب من إحدي المدارس لأنه المكان الوحيد الذي ارتبطت به هذه الحكم والشعارات التربوية والآيات القرآنية في أذهاننا, ورغم الطابع الجمالي والمعني التربوي الذي تحمله هذه الجدران إلا أنها لم تنج من عمليات الشخبطة والتخريب وفي كثير من الأحيان السخرية مما هو مكتوب والتعديل فيه وأحيانا تحريفه. كما تندرج تحت هذا النوع من المحتوي الذي يحمل بين طياته جانبا من التعليمات تلك الحوائط التي تحمل عبارات مثل من فضلك ممنوع إلقاء القمامة هنا والتي من شأنها توجيه السلوك العام والتحذير من إلقاء القمامة والتأكيد علي نظافة المكان وعدم تلويثه ولكن تختلف طريقة الاستجابة بين فرد وآخر فهناك من ينصاع للتعليمات ويسعي لتنفيذها وهناك من يراها ولا يقرأها أو يمنحها أي شكل من أشكال الإهتمام, وهؤلاء ينضم إليهم الفريق الذي يستغل أول فرصة بعد تنظيف أحد الجدران وإزالة كل الكتابات والملصقات عليه وطلائه من جديد ليكتب عليه مبروك البوية الجديدة. شقق.. فرص عمل.. دورات تدريبية..وجيم ملصقات وكتابات عن خدمات من الإبرة للصاروخ.. والشاطر اللي ينشر أكتر تسعي للحصول علي شقة بمواصفات خاصة أم تبحث عن فرصة عمل, هل تروق لك فكرة العمل في مصنع ملابس في أحد التخصصات التالية ؟, وماذا عن خدمات خاصة تقدمها إليك بعض المكاتب كمكتب محاماة أو مكتب قضايا تعويضات ؟, هل تبحث عن مركز رياضي يؤهلك للقبول بالكليات العسكرية والشرطة ويمنحك الجسم المثالي ؟.. كل هذه التساؤلات وغيرها يمكنك الحصول علي إجابة لها أو ربما إجابات عديدة ومتنوعة. هذا النوع من الإعلانات الذي يتميز بالتكرار والانتشار للإعلان الواحد والتشابه مع إعلانات أخري تحمل نفس المحتوي بمواصفات وكلمات مختلفة, وهي إما ملصقات أو لوحات أو حتي كتابات يسطرها أصحابها بأنفسهم لتفادي تحمل أي تكلفة أو لسرعة نشر الإعلان وانتظار مردوده. جدران +18 هذا النوع من الشخبطة لم يكن من الممكن أن يصاحبه أي صور لأنها لا تستدعي التوثيق وكذلك لا يجوز, لأنها ببساطة عبارة عن ألفاظ نابية وشتائم كتبها أصحابها أحيانا بلا هدف وفي أحيان أخري بهدف توصيل رسائل بينهم وبين أصدقائهم لينتهي الأمر بحصيلة كبيرة من الكلام الخارج الذي ينفر منه البعض ويشعر بالحرج لقراءته بسبب وقوعه في مرمي نظره فيما لا يلقي له البعض الآخر بالا لاعتياده عليه إما اعتياد قوله أو إعتياد رؤيته. أما النوع الآخر الذي لن نتمكن من عرضه أيضا رغم توافره وكثرة انتشاره هو مشهد وليس أي نوع من الكتابات حيث يقوم بعض الأفراد من الرجال بقضاء الحاجة في الشارع وتحديدا بجوار أحد الجدران غير عابئ بالمشهد العام أو بالأذي الذي يتسبب فيه لغيره من المارة بالشارع لتتحول الجدران إلي دورات مياه عمومية يلجأ إليها من يرغب ويجرؤ أيضا.