من بين كتابات متنوعة تداولها نشطاء الفيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعي حول فاجعة الطائرة المنكوبة.. وبخلاف عبارات واسعة النطاق تنوعت بين القلق والفزع منذ بداية إعلان خبر اختفاء الطائرة..مرورا بمشاعر الألم والحزن بعد الإعلان عن فقدانها وتوقعات تحطمها, وتضامنا مع ركابها. استوقفتني حملة من العبارات مثيرة الغضب والاشمئزاز, أخذت حيزا واسعا من السخرية والاستهزاء..وحملت كل معاني الشماتة والاستفزاز, تكثفت خلالها دعوات المقاطعة للشركة الوطنية المصرية وتهافتت فيها فرص الشتائم والسباب للدولة مع المزيد من الهجوم علي القوات المسلحة وإقحامها بالأمر والتهكم عليها, كمحاولة ممن يدعون المعارضة لاستغلال الأزمة لشن الهجوم علي الدولة وتكبيدها الخسائر مع ادعاءات حب الوطن والحرص علي إصلاح أحواله. ولا أقول إننا في أولي المصاف الدولية في كيفية التعامل مع الأزمات..ولا نحتل صدارة القوائم في الكفاءة والتطور..واعترف أن لدينا قصورا في جهات عدة بحاجة إلي المراجعة وإعادة البناء علي أسس وثوابت جديدة, وأن من حق الجميع أن يعترض علي كل ما لا يعجبه..ولكن مع اختلاف أشكال المعارضة والاعتراض, قد أتفق علي وجود المعارضة البناءة لأي نظام قائم كمن يعترض علي وجود وضع خاطئ من أجل إصلاحه حرصا علي تجنب عواقب الخلل والأخطاء..وحفاظا علي السلامة العامة..من أجل بناء وطن قويم, مع اختيار توقيت وأسلوب التعبير عن محل اعتراضه, بحيث لا يعطي فرصة للمعارضة الهدامة للمبالغة في استغلال المنطق نفسه..ولكن بمنهج مختلف..وبطريقة ساقطة, تأتي عواقبها علي الدولة بنتائج وخيمة, حال حدوث الأزمات. أما من يشغل يومه بزعم افتراضات خاطئة.. ونشر الشائعات المضللة..وبث الأكاذيب التي قد يصدقها البعض ويتداولها البعض الآخر, ثم يشن هجوما عنيفا يعترض خلاله علي أي شيء يتعلق بمصلحة الوطن, ليخدم به مصالح أخري داخلية وخارجية..لحساب منظمات وجماعات ودول معادية تترقب سقوط الدولة.. فقط لمجرد اختلافه مع النظام..أو محاولة لإثبات فشله, فهو بلا شك قد جرد روحه من كل ملامح الوطنية وبات في تعداد الخونة والعملاء..وقد أصبح جيشا لعدوه ضد بلاده, يستخدم غباءه وعباراته ويروجها متضمنا معالم الشماتة الواضحة في كل حادثة أو فاجعة تصيب المجتمع المصري أو تضره, ولا يسعني أن أضرب المثل بالبيان الذي قدمته الجماعة الإرهابية الساقطة حول حادثة الطائرة فهو أحقر من أن نتحدث عنه..وهم أحقر من أن نذكرهم أو يهزنا جحودهم وشماتتهم, بعد أن بات جليا للجميع أنهم أعداء الوطن وليس بغريب عليهم أن يخرج العيب من أهله, ولكن ما يخجل حقا هي الفئات التي تقدم لهم الحجج والشائعات وتنشط مع أكاذيبهم وضلالاتهم..فهي أشد جهلا وأضل سبيلا. وبعيدا عن كل هذا العبث..وبخلاف ضجيج الفتاوي التي تداولتها وسائل الإعلام ونشطاء التواصل, دون هوادة ورحمة بمشاعر أهالي الركاب وذويهم ممن تحدثوا عن محاولة انتحار لقائد الطائرة أو حالات اكتئاب..وأشياء من هذا القبيل..مع عيوب الطائرة المعروفة والمتكررة التي تداولها البعض فجأة, قد شهدنا جميعا محاولات مكثفة لإلقاء المسئولية الأولي والأخيرة علي عاتق مصر للطيران ودعوات المقاطعة لخطوطها الجوية, صحبتها محاولات التناسي والتجاهل لخروج الطائرة من المطار الفرنسي شارل دي جول, الأمر الذي يشرح علي من تقع المسئولية بالأحري في الكشف عن الطائرة والأعطال وضوابط السلامة والأمان قبل الإقلاع, في حال تقسيم المسئوليات. ولكننا في كل الحالات أمام فاجعة تستوجب التعامل معها بمزيد من الاحترام والعقل..وفي توقيت يتطلب إعادة النظر فيما تتعرض له بلادنا من هجوم شرس ومنظم يحتم علينا وقفة كبيرة مع النفس ومساندتها أمام العالم أجمع..ومهما كانت الظروف.. ادعم بلادك!