لم تصدمنا مساء أمس الأحد لجنة تحكيم الدورة التاسعة والستين من مهرجان كان السينمائي الدولي سوي مرة واحدة خلال إعلانها الجوائز في حفل الختام( فيما كنت أتوقع صدمات أكبر بناء علي خبرات سابقة مع كان), وذلك عندما منحت جائزتها الكبري للفيلم السخيف فقط نهاية العالم للمخرج الكندي زافييه دولان, ولن أذكر أنه إنتاج مشترك مع فرنسا لأن جميع أفلام المهرجان تقريبا كذلك, ولكن أقول إنه يحمل معظم آفات الفيلم الفرنسي- والتي تخلصت منها الأجيال الجديدة من المخرجين الفرنسيين- من مط وتطويل وتعبير بالكلام أكثر من الصورة, ليكون تتويجه السقطة الوحيدة للجنة. وفيما عدا ذلك, صدقت معظم توقعات الأهرام المسائي فيما يخص الجوائز, والتي نشرت في هذا المكان أمس, ليتضح أن ذوقنا الشخصي يتشابه كثيرا مع ذوق لجنة التحكيم, والتي رأسها- ورأس المهرجان كله وفقا لمسميات كان- المخرج والمنتج والسيناريست الأسترالي جورج ميلر, وضمت في عضويتها ثمانية سينمائيين هم: المخرج والسيناريست الفرنسي أرنو ديبليشان, والممثلة الأمريكية كيرستين دنست, والممثلة والمخرجة الإيطالية فاليريا جولينو, والممثل الدنماركي مادس ميكلسن, والمخرج والسيناريست المجري لاتسلو نيمس, والممثلة الفرنسية فانيسا بارادي, والمنتجة الإيرانية كتايون شهابي, والممثل الكندي دونالد سزرلاند. وكنت قد توقعت- في ضوء المستوي المتوسط لأفلام المسابقة- ألا يدخل لائحة الجوائز سوي عدد قليل من الأفلام, وعلي رأسها البائع للمخرج الإيراني الكبير أصغر فرهادي, وبكالوريا للمخرج الروماني الكبير كريستيان مونجيو, وأنا دانيال بليك لكين لوتش, والفيلم الألماني إردمان, من إخراج مارين آدي, وفيلم هي للمخرج الهولندي الكبير بول فيرهوفن. كما رشحت الممثل الإيراني المتميز شهاب حسيني لجائزة التمثيل رجال عن دوره في فيلم البائع لفرهادي, والنجمة الفرنسية الكبيرة إيزابيل أوبير- عن أدائها الرائع في فيلم هي لفيرهوفن- في فئة الممثلات. وما حدث أنه تم تتويج الأفلام سابقة الذكر, فيما عدا إردمان وهي, وحصلت علي الجوائز الرئيسية مع تغيير المواقع والترتيب.. ففي حين رشحت البائع أو بكالوريا للسعفة الذهبية, حصل الأول علي جائزة السيناريو وحصل الثاني علي جائزة الإخراج مناصفة مع متسوقة شخصية للمخرج الفرنسي أوليفييه أساياس.. وفيما توقعت ترضية لوتش بالسيناريو أو الإخراج, قفز فيلمه إلي منصة السعفة الذهبية, في اختيار كلاسيكي تماما للجنة التحكيم, سواء من حيث اسم المخرج دائم الحضور إلي كان, والذي سبق له الحصول علي السعفة عام2006 عن فيلمه الريح التي تهز الشعير, أو من حيث فيلمه نفسه شديد التقليدية والكلاسيكية في البناء والتنفيذ, مما يصل به أحيانا إلي حد الملل, وأحيانا أخري إلي حد المباشرة. وفيما تجاهلت اللجنة تماما إيزابيل أوبير, في مفاجأة للجميع, تطابق قرارها مع ترشيحي فيما يخص أحسن ممثل, لتنضم جائزة حسيني إلي جائزة فرهادي, وليكون الختام إيرانيا لكون البائع الفيلم الوحيد الذي حصل علي جائزتين. وبشكل عام, تعد جوائز كان2016 متوازنة, حيث أرضت اللجنة فرنسا, صاحبة الأرض والجمهور, وأرضت فن السينما, علي الأقل الكلاسيكي, فيما كان التجريب أو حتي التجديد المتضرر الأكبر, ولم يتم تكريمه إلا في جائزة واحدة تقريبا, وهي جائزة لجنة التحكيم لفيلم العسل الأمريكي, من إخراج الإنجليزية أندريا أرنولد, وإن كنت أعيب عليه كثيرا من التطويل.