بوضوح

سعيد شحاتة.. العاشق والمعشوق

لا يعطي الكون أسراره المخبأة عميقا إلا للعشاق.. وحسب درجات العشق وبقدر صفاء النفس تشف الكلمات
والتي هي رموز التعبير في الحياة- وتدق تدق حتي تصل إلي اللغة الطاقة حيث لا كلام كما هوالحال عند الصوفيين. وسعيد شحاتة الشاعر.. يملك في داخله الصدق الذي يجعله يري ما يخفيه الضباب عن غيره.. ويملك من الكلمات ما يمتلئ بها قلبه الواعي أما في البدء فكان العشق ملء النفس.
ديوانه البديع للأنبيا حواديت يأخذك علي أجنحته السحرية.. من البحر إلي الأرض إلي السماء حاملا داخلك- إن أمكن- تراثا إنسانيا سائلا ومتسائلا جوالا بادئا رحلتك من الذات عائدا بحصيلتك إلي الذات وقد ازددت عشقا للحياة وللوجود وللناس دون أن تفقد شيئا من إيمانك.
يقول سعيد شحاتة في مقدمة قصيرة معبرة:
انظر إلي السماء وكأنها شاشة عرض كبيرة تستعرض فيها الملائكة تاريخ رسالات المحبة لا أريد سوي ابتسامة طيبة صادقة يقول الشاعر الحي:
الورد في عروقي انتشي بتنهيده الكحلاوي وبشادية وملامح عاطف الطيب في اخراج الحياة داخل شاشات العرض في الشارع روحي علي الموتوسيكل بتهفهف ورا الشيخ حسني في الكيت كات..
صوت عب حليم وطوبار وعب باسط وصوت رفعت وثومة..
وضحكة الماشيين علي صراط الحياة حافيين.. بيسجلوني في دفتر العايشين..
وسعيد شحاتة يكتب عن الصيادين في رحلاتهم المجهولة وسط البحر حيث عاش قريبا من بحيرة البرلس.. وعن طفولته حيث أنضجه موت الأب مبكرا.. وعن حضن أمه.. وفرحته الكبري بطفليه.. آلاء وأخيها.
ما تلومش واحد بيعشق بنته حد الموت ولا ست ضمت ضناها لصدرها الملكوت وإيام نقول إن مصر بتعشق المناكيد أو يوم تفكر علاقة مصر إيه بسعيد علشان دي بنتي الكبيرة ونا ابنها البكري عنقود بيعشق فرحته العناقيد.
وسعيد شحاتة واسع الأفق وله رؤية.. لم تقولبه المذاهب والنظريات.. ولم تحده النظرة الغائمة القاتمة النافية لكل شيء لحساب المجهول.. والحقيقة أن الحياة تتنفس بالأحباب.. القادرين علي عبور بوابات الظلام.. الفرحين.. القادرين علي خداع الموت رغم وساوسه.. المنشدين.. المصريين علي عزف موسيقاهم الراقصة وسط نواح النواحين.. فالفرح هو انتصار المحزونين علي الحزن.. الذين أمكنهم بإرادتهم الحرة وموهبتهم الطبيعة- تحويل الطاقة السلبية إلي طاقة ايجابية والذين أمكنهم الإبقاء علي الإنسان حيا مزغردا وسط ضرائب الحروب والدمار.
وإلي زوجته المحبوبة يكتب سعيد شحاتة في قصيدة سومة:
ونا وانتي بنكتب آخر كلمة في أعمارنا حطي إيديكي في دهاليز القلب ومرري روحك فوق أوجاعي برقة وسمي عليا وقولي لآخر عيل.. خلفناه:
الحلم حياه
عشناها بنحلم
وأكيد هنسك ببناها علينا
وأرواحنا بتحبي.. في صالة حلم فسيحة.