أسفت غاية الأسف عند تناول البعض لموضوع تحديد الحدود البحرية مع السعودية وتحدثهم عن مصر كانها دولة مستباحة صغيرة مغلوبة لظروفها الاقتصادية ولهؤلاء اقول كلمة عيب.واحيل لهؤلاء الحاقدين والمرجفين في المدينة موقف مصر وقواتها المسلحة وقيادتها من محاولات التنظيم الاخواني استباحة سيناء وموسم توزيع الجنسية المصرية علي تنظيم حماس والموقف الحاسم من حلايب وشلاتين. إن هؤلاء الحاقدين لا يعرفون ما هي مصر وحقيقة مصر. يقول عالمنا الجليل جمال حمدان في رائعته شخصية مصر دراسة في عبقرية المكان سواء من حيث الموضع أو الموقع, تحتل مصر مكانا وسطا: وسطا بين خطوط العرض والطول, وبين المناطق الطبيعية وإقليم الانتاج, وبين القارات والمحيطات, حتي بين الأجناس والسلالات والحضارات والثقافات. وليس معني هذا أننا أمة نصف, ولكننا أمة وسط: أمة متعددة الجوانب متعددة الأبعاد والافاق, مما يثري الشخصية الاقليمية والتاريخية ويبرز عبقرية المكان فيها. وفق الجغرافيا مصر زعيمة العرب لان الجغرافيا حسمتها مرة واحدة والي الابد, فان دور مصر القيادي والريادي في العالم العربي لم ينقطع أبدا حتي في الفترات التي آلت فيها الزعامة الشكلية الي غيرها, وكانت تلك الزعامة خارج مصر مرحلة تجريبية مرحلية عابرة وموقوتة, اما الزعامة التي آلت الي مصر العربية وفق التجربة التاريخية فهي زعامة طبيعية وملمح اصيل في شخصيتها الاقليمية وحتي تحت نير الاستعمار الاوروبي حتي حين انحسر مبكرا في وحدات خارج مصر بينما, كان لا يزال يجثم فيها- كانت مصر بلا جدال القلب الحضاري للعرب, وظلت واحة العرب فقد زودت الطبيعة مصر بكل الصفات والمزايا التي تحتم عليها ان تقوم بواجب الزعامة والقيادة. ويتخرص البعض بالقول ان مصرهي بروسيا العرب وهؤلاء هم عادة الذين قالوا ان الفتح الغربي كان استعمارا. وهم ينسون ان احدا لم يقل- وقد حكمت مصر اكثر من قرنين من دمشق وبغداد ان الاموية كانت استعمارا شاميا أو أن العباسية كانت استعمارا عراقيا وفوق هذا ما المقصود بالزعامة؟ انها لا تعني طبقية اقليمية داخل العروبة, وانما تعني اولوية بين أكفاء وأسبقية لا رياسة في حلبة مفتوحة تظل تترك دار العرب مائدة مستديرة. انها تعني الشقيقة الكبري اكثر منها حق وراثة الابن الاكبر. وحتي دورالشقيقة الكبري هذا يود المغرضون لو يجحدونه أو يجرحونه. ولكن مصر في أي مرحلة من تاريخها العربي مهما تواضعت, سواء قبل النفط او بعده, لم تكن قط الشقيقة الكبري بمجرد السن والحجم. ولهذا فان دورنا القيادي يظل قائما لا كمجرد زعامة فقط. ومع ذلك فليس دور الزعامة الجغرافية ادعاء فظا غليظا, وانما ممارسة متواضعة, وهو بهذا لا يمكن ان يكون تشريفا او تخليدا. بل هو تكليف وتقليد: تكليف من الجغرافيا وتقليد من التاريخ. إنها ليست أبهة أو نعرة سياسية بل مسئولية فادحة تفرضها الطبيعة. والامة العربية بغير مصر هي كهاملت بغير أمير ومصر هي مدرسة العرب ومصنعهم وترسانتهم التي تصدر اليهم قوي التطور. وينبغي علي مصر ان تدرك مغزي هذا الدور الذي القته الطبيعة عليها, انه اساسا واجب التضحية وواجب النموذج وواجب تقديم المثل. وعلي مصر ان تكثف قواها الذاتية واقتصادها وتعمق وتعصرن حياتها لتكون اهلا للقيادة, لان من المسلم به في السياسة ان الشعوب كالافراد... تسعي بلهفة الي أقاربها البارزين الناجحين النابهين, وتتواري من الخاملين الفاشلين.