أنا رجل في الأربعين أشغل منصبا مرموقا في عملي, تزوجت من15 سنة تقريبا من فتاة رشحها لي الأصدقاء فتوسمت فيها الزوجة التي أتمناها فهي جميلة وعاقلة ومن أسرة تقارب أسرتي في كل شيء والأهم أنها علي درجة عالية من التدين, ولأنني كنت قد رأيت تجارب كثيرة من حولي تسببت فيها الزوجة في تدمير علاقة الزوج بعائلته وخاصة أمه فقد حرصت منذ البداية علي تنبيه فتاتي إلي أهمية دور عائلتي في حياتي ولم تبد هي اعتراضا علي علاقتي بأسرتي خاصة بعد أن تعرفت عليهم عن قرب ولم تجد منهم إلا كل ود ومحبة باعترافها, فأنا الابن الأصغر لهذه العائلة المترابطة التي تضم خمسة إخوة وأخوات بأزواجهم وأبنائهم... لكن زوجتي منذ الأيام الأولي لزواجنا قامت بافتعال المشكلات معي بدعوي أنها من أسرة تحافظ علي الخصوصية تختلف عن أسرتي التي تعتبرها منفتحة جدا ومترابطة زيادة عن اللزوم! ثم بدأت في لومي علي تخصيص وقت كبير لعائلتي التي تقطن مدينة أخري وأحرص علي زيارتهم مرة كل أسبوعين لأستمتع بصحبة أمي وأبي اللذين أصبحا في سن الشيخوخة, وتتهمني دائما بأنني أفضل صحبتهم علي صحبتها. وبعد مرور كل هذه السنوات أشعر بأنني قد استنفدت كل وسائل إقناع زوجتي بتحمل الحد الأدني الذي أقضيه مع عائلتي, مما جعل هذه المشكلة تخيم كثيرا علي حياتنا رغم صغرها, فأنا حريص علي إرضاء زوجتي وإسعادها وفي نفس الوقت حريص علي التواجد أكثر مع والدي اللذين يحتاجان إلي الصحبة والونس في هذا العمر... وقد كتبت لك بمشكلتي لأنني أعلم أنها تواجه الكثير من الرجال وربما بشكل أخطر مما أواجهه, فبماذا تنصحني؟ صديقي الأم والزوجة ككفتي الميزان إن ظلمت إحداهما ظلمت الأخري, وعلي الزوجة العاقلة ألا تضع نفسها بين فكي الرحي أي بين الزوج وأمه لأنها ستكون الخاسرة! بل عليها أن تكون عونا له لا عبئا عليه في بر أمه, لأنه في الآخر لن ينصف زوجته علي حساب أمه فيما يتعلق بحقوقها الشرعية مثل السؤال والاهتمام بشئونها ومساعدتها علي شئون المعيشة خصوصا في مرحلة الشيخوخة. وهذا ليس معناه أن تترك زوجتك دون تلبية كل احتياجاتها العاطفية والمادية ولا أن تظلمها إرضاء لوالدتك ولا أن تهينها أو تسبها بغير حق لكي ترضي والدتك فهذا غير جائز شرعا لأنك أخذتها من بيت أبيها أمانة لتكرمها فعليك أن تعطيها ما هو واجب عليك وزيادة طبعا حسب قدرتك واستطاعتك, باختصارعليك العدل بينهما وإعطاء كل ذي حق حقه وبالنظر إلي موقف الزوجة التي وصفتها بالتدين ومن بيت فاضل فلم تذكر لماذا تناست دينها وسقطت في مثل هذا الخطأ الجسيم ووضعت نفسها بينك وبين أمك وتطالبك بالتقصير في حقوقها, وتفسير ذلك أنها تعاني من قلة عطائك لها سواء علي المستوي الحميمي أو المادي وربما أيضا تكون قد أخذت هذا الموقف نتيجة عدم إنصافك لها في أول صدام بينها وبين الأم فرسخ في ذهنها أنك ستظلم فقررت أن تأخذ حقها بيديها. ولزوجتك أقول: لا تخلطي الأمور بينهما فإن كان زوجك قد ظلمك فعليك معاتبته هو, ولا تأخذي أمه بذنبه, وإن كانت هي من ظلمك فتذكري مكانتها لدي زوجك أبو أولادك واصفحي صفحا جميلا إكراما له وكوني قدوة لأولادك في التسامح, وإن كان عطاء الزوج لا يرضيك فعاتبيه برفق علي أن يكون هدفك الحصول علي ما يقصر فيه وليس معايرته أو نقده. أما أنت يا صديقي فأطلب من زوجتك بهدوء أن تعينك علي بر والديك ووضح لها أن هذا التصرف منها سيكون بمثابة جميل في رقبتك ستعوضها عنه, وفكر في عطاء يناسب إمكاناتك تقدمه لوالديها إكراما لها ويكون بمثابة تقديم السبت, أما إن فشلت الزوجة في تقديم التسامح وكان شيطانها لها بالمرصاد وبدأ يعرض عليها شريط أفعال والدتك معها والتي غالبا لا تعلم عنها شيئا أو ظل يذكرها بالمنقوص في حياتها معك لكي تكره عشرتك والحياة معك( فالشيطان يمنينا بالمفقود... لنكره الموجود) في هذه الحالة أنصحك بتجاهل المشكلة مؤكدا لزوجتك أنك تستمر في الحياة معها إكراما لحبك لها ولأولادك وللعشرة لكنك غاضب منها لموقفها الذي لا يتغير وترجو لها الهداية, أعانك الله علي بر والديك وعلي تحقيق التوازن في حياتك العائلية.