تحتفل نقابة الصحفين باليوبيل الماسي75 عاما- علي إنشائها, ويأتي الاحتفال والمهنة ليست في أحسن أحوالها, من حيث المحتوي ومستوي جودته, وليست في أحسن أحوالها من زاوية الحريات, وليست في أحسن أحوالها من حيث العلاقة بجمهور القراء, ومن حيث الأوضاع الاقتصادية فالمؤسسات المملوكة للدولة تعاني من خلل في هياكلها المالية وعدد منها يعيش علي دعم شهري تصرفه وزارة المالية لتدبير المرتبات ومع ذلك تصر علي استمرار مطبوعات عدد العاملين فيها أكثر من عدد القراء, والأزمة الاقتصادية غير قاصرة علي المؤسسات المملوكة للدولة ولكنها أيضا في الصحف الخاصة فبعض الصحف تعجز عن صرف الرواتب والبعض يقايض الصحفيين علي البدل الذي تصرفه النقابة, فالصحافة صناعة لكنها لا تخضع لقوانين الاقتصاد والإدارة الرشيدة, والصحافة رسالة لكنها لا تخضع لمقاييس ومعايير جودة فلا توجد جهة مسئولة عن تقييم ما تنشره الصحف ومدي التزامه بأخلاقيات المهنة, لا توجد جهة تضبط الأداء, ليس بمفهوم الرقيب وإنما بمفهوم التقييم بهدف الحفاظ علي مستوي المهنة, والحفاظ علي حق الجمهور في المعرفة, وحقه في صحافة تحترم عقله وتناقش قضاياه صحافة تنقل الحقائق لا الشائعات, صحافة تحترم المبدعين ولا تروج للأفاقين, صحافة تشجع علي إعمال العقل ولا تغيبه بموضوعات الجن والسحر والشعوذة, صحافة تراعي الآداب العامة, ولا تنشر الصور والألفاظ الخادشة للحياء, للأسف فرشة الصحافة مزدحمة بصحافة لا تراعي الأخلاقيات تنشر اتهامات بدون دليل, والمتهم عندها مجرم حتي لو ثبت إدانته, والتجريس بنشر الاسم والصورة, وصفحات عن الجن الذي يشعل النار في البيوت, وألفاظ غير لائقة في العناوين. في ماسية النقابة وفي ظل عدم وجود جهة لتقييم الأداء الصحفي, يمكن للنقابة أن تمارس هذا الدور حماية للمهنة وأن تعلن عن خط ساخن لتلقي شكاوي الجمهور من المضمون, وأن تخصص مكتبا لتلقي شكاوي القراء والتحقيق فيها. وكل ذلك سيصب في صالح المهنة ومصلحة الصحفيين.. وسيعيد بناء الثقة مع جمهور القراء الذي تقول أرقام التوزيع إن نسبة منهم امتنعوا عن شراء الصحف الورقية. في العيد الماسي لنقابة الصحفيين نتذكر الرواد الذين أسسوا للمهنة وللعمل النقابي. نتذكر محمود عزمي خريج الحقوق الذي مارس الصحافة متنقلا بين عدة صحف, عمل بجريدة العلم الصادرة عن الحزب الوطني وأصدر صحيفة الاستقلال أثناء ثورة1919, ورأس تحرير المحروسة, وكان أول محرر برلماني, وأصدر مع محمد توفيق دياب جريدة وادي النيل, وأصدر معه أيضا جريدة الشرق, ورغم انشغاله بالسياسة في فترة كان يصعب فيها الفصل بين الصحافة والسياسة فإنه كان مشغولا بالمهنة وتطويرها, فكان له دور في إنشاء معهد التحرير والترجمة والصحافة بجامعة القاهرة أول مدرسة لتعليم الصحافة في مصر والعالم العربي وذلك عام1936 وهو المعهد الذي تخرج فيه أساتذة الصحافة من الممارسين والأكاديميين, قام محمود عزمي بتدريس مادة مبادئ الصحافة في المعهد الذي كان يقبل الحاصلين علي مؤهلات عليا ولديهم الموهبة والرغبة في العمل بالصحافة, وكما كان حريصا علي الإعداد والتأهيل الأكاديمي لمهنة الصحافة, كان حريصا أيضا علي تنظيمها في كيان يحافظ ويدافع عن حقوق الممارسين للمهنة فأسس جمعية الصحافة عام1936 التي مهدت لتأسيس نقابة الصحفيين التي نحتفل بمرور75 عاما علي إنشائها. [email protected]