أرجو أن نتعقل, أن نتواضع, أن نتذكر يوم العاشر من فبراير, أن نعيد قراءته, أن نراجع أنفسنا, أن نحاول فهمه, حتي نتمكن من وضع الأمور في نصابها دون شطط. ولمن ربما يكونون قد تناسوا ذاك اليوم العظيم,أذكرهم بالمشهد المهيب: المجلس الأعلي للقوات المسلحة, يجتمع بدون مبارك رغم أنه بنص الدستور القائد الأعلي للقوات المسلحة, بل وبدون صورة شخصية لمبارك علي الجدار خلف القادة المجتمعين, إذ أعلن البيان الأول أن المجلس في حالة انعقاد دائم, وأعلن بكل قوة استجابته لمطالب الشعب, وأعلن بكل حزم وعزم انحيازه إلي الأمة, وأوضح بجلاء أن القوات المسلحة اختارت الوقوف إلي جانب المستقبل الكريم لهذا الوطن العزيز. إذا كان الخامس والعشرين من يناير هو يوم ثورة الشباب, فإن العاشر من فبراير هو يوم ثورة الشعب بأكمله, ولا نقول ثورة الجيش, فليس للجيش مطالب خاصة, وإنما جاءت ثورة الجيش نيابة عن الشعب كله وهي التعبير الأمين عن شرعية الثورة, وهو الذي أضفي عليها الحماية, وأسبغ عليها رداء القانونية, وأزال الحواجز بين الثورة والدولة, وأدخل الثورة في بنية الدولة, وأنهي بصورة كاملة أي مواجهة أو تناقض أو تعارض بين الثورة والدولة. باختصار شديد: القوات المسلحة جعلت من الثورة ثورة أمة بكاملها, فأنقذتها من كل سوء, ثم زادت القوات المسلحة علي ذلك, بأن وضعت الدولة في خدمة الثورة, وهذا هو الانجاز الأعظم, وهذا هو الذي يجعل من الثورة ثورة حقيقية, بمعني أنها تكون نقطة انطلاق حاسمة لإعادة بناء جميع مؤسسات الدولة من جديد, وفقا لجملة المطالب الشعبية التي حملتها الثورة, وقدمت في سبيلها الشهداء. الخلاصة: منذ الثامن والعشرين من يناير, وحتي العاشر من فبراير, كانت القوات المسلحة في قلب الثورة, توفر لها الحماية الفريدة بصورة لم يحدث أن حظيت بمثلها أي ثورة في التاريخ, ولولاها ما كان للثورة أن يشرق عليها شمس الانتصار العظيم في الجمعة الحادي عشر من فبراير وحتي يومنا هذا, لاتزال القوات المسلحة علي عهدها, واليوم نتوقع إعلان ما انتهت إليه أعمال لجنة التعديلات الدستورية. وفي العاشر من فبراير, أعلن المجلس الأعلي للقوات المسلحة أنه في انعقاد دائم حتي تتم الاستجابة لمطالب الأمة, واستجاب القدر, بعد أربعة وعشرين ساعة فقط. * هذه رسالة إلي أصدقائي في الإخوان وغيرهم.