سيظل الهدف الذي سجله محمود بكر يوم4 يونيو1967 في مرمي أوغندا باقيا في الذاكرة لا تمحوه الأيام والسنون فهو هدف له طعم خاص ومذاق مختلق. ذلك أن أهدافا كثيرة يسجلها لاعبو الكرة تمر مرور الكرام وتنساها الذاكرة إلا الأهداف المؤثرة مثل هدفي عبد الرحمن فوزي في مرمي المجر في كأس العالم1934 ومثل هدف مجدي عبد الغني في مرمي هولندا في كأس العالم1990 وهدف محمود بكر واحد من الأهداف المؤثرة التي تظل لصيقة في الأذهان, وتكون محور أحاديث الكرة وشئونها والسبب الذي دعانا لأن نقول ما نقول هو أنه في1965, كان منتخب الكرة قد مني وعلي نفس ملعب كمبالا بهزيمة نكراء حيث دخل مرماه خماسية بأقدام لاعبي المنتخب الأوغندي, وهو ما أدي بالناقد الكبير عمنا نجيب المستكاوي يرحمه الله بإطلاقه لفظ الكمبلة علي الهزيمة واستخرج من اللفظ تخريجات ظلت الألسنة ترددها كلما مني المنتخب الكروي بهزيمة مثل تكمبل المنتخب ومثل أصابت المنتخب كمبلة أو وضع المنتخب في فخ الكمبلة وما إلي ذلك من كلمات ملونة بالأسف علي ما يلحق بالمنتخب من هزائم خاصة, وأن هزيمة كمبالا كانت قاسية لأن الكرة الأوغندية لم يكن لها جذور عميقة في تربة الكرة الإفريقية مثل الكرة المصرية ذات الصيت والتاريخ أقول هذه الكلمات, وفي الذاكرة الفرحة التي غمرتنا ونحن في استاد كمبالا نشاهد محمود بكر يتلقي الكرة ويرسلها برأسه في مرمي أوغندا لتنتهي المباراة بالفوز آخذين بالثأر لما حدث قبل المباراة بعامين. محمود بكر الذي رحل عن عالمنا قبل أسابيع بعد معاناة مع المرض هو واحد من نجوم كروية لمعت في سماء الملاعب في حقبة الستينيات من القرن الماضي, ولم يقتصر لمعانه علي مجرد أنه كان لاعبا وإنما لمع أيضا كإداري ناجح ومدير كرة ناجح ورئيس ناد ناجح, فهو اللاعب الأبرز في صفوف النادي الأوليمبي والمنتخب القومي, وهو الذي قاد الأوليمبي إلي انتزاع بطولة الدوري العام من أنياب أندية القاهرة1966, وكان الحدث هو الأول من نوعه, والذي كتب به محمود بكر ورفاقه البوري وبدوي عبد الفتاح وعز الدين يعقوب والبحرجاسور وغيرهم صفحة مضيئة في سجل النادي الأوليمبي لا يزال يتحاكي بها عشاق هذا النادي العتيد الذي جار عليه الزمن ليصبح بعيدا عن الأضواء مغمورا في دوري المظاليم أما محمود بكر الإداري فقد كان النجاح بعينه فهو مدير الكرة الأبرز وهو رئيس النادي القوي الشخصية المتسم بعلاقات طيبة مع الجميع محققا نجاحات عديدة بأسلوب اتسم بالصراحة وعدم الخشية في الحق من لومة لائم. وإذا كان التميز هو صفة محمود بكر التي اتصف بها لاعبا وإداريا ورئيسا للنادي الأوليمبي فإن تميزه في عالم التعليق علي مباريات الكرة لا يجاريه فيه أحد. وأذكر أن محمود بكر نجح من أول طلة في اختبارات المتعلقين فقد اكتشفت اللجنة التي امتحنته أنه صاحب أسلوب خاص في مجال التعليق, وأذكر أنني كنت سعيدا بنجاحه لأنني أحسست أنه رصين في مادته غزير في معلوماته, وهذا ما جذب إليه إضافة إلي نجوميته في الملاعب عشاقا كثر ممن أسعدهم بتعليقاته ونكاته وقفشاته محمود بكر لم ينتحي في تعليقه علي المباريات منحي الزعيق الذي يصم آذاننا هذه الأيام من جيش المعلقين الذين دخلوا إلي مجال التعليق من النوافذ, وليس لهم تاريخ كروي في الملاعب, وبسبب اللغة السهلة ولهجته السكندرية وخروجه أحيانا عن النص متحدثا عن مشكلة في الثغر أو ليداعب لاعبا أو إداريا أو حكما لعل كل ذلك هو الذي جعل لتعليقات محمود بكر نكهة خاصة وضعته في الصف الأول لجيل المعلقين النجوم العظام محمود بكر سلام عليك في جنة النعيم داعيا المولي أن يكلأك برحمته وعفوه.