لا يتوقف أحد عند مقبرة الكومنولث الرائعة الجمال في بورسعيد.. ولا يعرف الكثير من شباب المدينة وأجيالها الجديدة ما وراء السور الواقع علي الناحية الشرقية لمدافن المسلمين والمسيحين القديمة وان بدت شواهد القبور للمارين ببوابة تلك المقبرة. بعضهم فقط يعرف أنها جبانة الإنجليز أو هذا ما عرفه من والده أو جده منذ عقود, وقليل منهم من تابع مع حلول ذكري انتهاء الحرب العالمية الثانية في7 مايو من كل عام وصول بعض الأجانب ومعظمهم من المسنين وأسرهم( أبناء وأحفاد ضحايا الحربين العالمية الأولي والثانية) وهم يزورون مقابر أجدادهم بمدينة بورسعيد والتي يطلق عليها البورسعيدية اسم( جبانة الإنجليز) وهو مسمي تتوارثه الأجيال بالمدينة منذ أكثر من100 عام علي الرغم من احتواء المقبرة علي رفات جنود ومدنيين ينتمون لأكثر من12 جنسية أخري. وعلي مدار السنوات الماضية سجلت الأهرام المسائي ملامح الزيارات التي يقوم بها أحفاد وأبناء ضحايا الحربين الأولي والثانية الذين جري دفنهم بمقبرة بورسعيد والتي تبدأ مع الخطوات الأولي للأحفاد العجائز( الذين يصلون للمدينة الباسلة عبر السفن السياحية بميناء بورسعيد) داخل المقبرة, حيث يتفرغ الجميع للبحث عن اسم وشاهد الجد الذي ترك بلاده للانضمام لجيوش بريطانيا العظمي والحلفاء بالحربين وانتهت حياته بالدفن في أرض بعيدة عن موطنه بآلاف الأميال. وتتباين ردود الأفعال مع نجاح مهمة العثور علي مقبرة الجد مابين الدموع التي سالت حزنا عليه وعلي الأمهات والآباء الراحلين وبين الفرحة للوصول اليه( حتي ولو كان راحلا) حيث يكفي الشعور بالفخر والزهو لدوره وشجاعته في الدفاع عن قيم الحق والخير والجمال( حتي ولو كانت نسبية في الحروب الكبري التي راح ضحيتها الملايين). ويقول الكاتب الصحفي والأديب البورسعيدي أسامة كمال أبو زيد إن جبانة الإنجليز ببورسعيد هي واحدة من16 مقبرة منتشرة بمحافظات الجمهورية والموزعة مابين القاهرة والإسكندرية ومرسي مطروح والإسماعيلية والسويس واسوان وتشرف عليها هيئة الكومنولث وتحظي باهتمام الآلاف من أحفاد ضحايا الحربين العالمية الأولي والثانية بالعالم ممن يتمسكون أجيال بعد أجيال بزيارتها تخليدا لذكري اجدادهم. ويضيف أن المقبرة تعد آية من آيات الجمال بما تضمه من مساحات خضراء رائعة وزهور طبيعية نادرة وأشجار باسقة تحيط برفات1094 جنديا, ومدنيا ممن سكنوا بورسعيد أوائل القرن الماضي ويبلغ عدد الجنود الإنجليز983 من ضحايا الحرب الأولي و11 من الحرب الثانية وهم الأغلبية بين المقبورين يليهم الفرنسيون علاوة علي جنود آخرين يمثلون دول كندا وأستراليا ونيوزيلندا وجنوب إفريقيا والهند وشرق وغرب إفريقيا وصربيا وامريكا, كما أن هناك شاهدا لجندي مسلم مكتوب عليه( هو الغفور),( وإنا لله وإنا إليه راجعون) ومرفوع عليه التاج البريطاني. وعام بعد عام تحولت الزيارة في مجملها والتي يتابعها مواطنو بورسعيد باهتمام وتثير في الوقت نفسه دهشة الأجيال الجديدة ممن لايعرفون حتي مكان المقبرة( وهي ملاصقة لجبانة الارثوذكس والمسلمين) لاحتفالية جميلة حيث يحسن قيادات حي الزهور ومحافظة بورسعيد استقبال الزائرين والضيوف الأجانب والذين لايفوتهم التعبير عن سعادتهم الغامره بزيارة بورسعيد, وشكرهم للقائمين علي استقبالهم ممن أتاحوا لهم فرصة لقاء أجدادهم الراحلين منذ عقود علي أرض بورسعيد الجميلة.