هل تعد انتخابات الرئاسة الأمريكية العام الحالي تصويتا علي السياسة الخارجية المتوقعة للمرشحين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي؟.. الحقيقة أن الأوضاع الاقتصادية داخل أمريكا, والقضايا المحلية تأتي في مقدمة اهتمامات الناخب الأمريكي, ولكن السياسة الخارجية لم تكن أمرا أساسيا بالنسبة لهم في أي انتخابات مضت فيما عدا ما يتعلق بالشرق الأوسط المضطرب والذي من المرجح ان يثار بسهولة في الحملات الانتخابية للمرشحين للرئاسة مثلما حدث في الماضي. وذكر المعهد الأمريكي لدراسات الشرق الأوسط أن جميع انتخابات الرئاسة الأمريكية السابقة كانت بمثابة استفتاء علي سياسات الرئيس السابق, والآن يعد التصويت للمرشحين الديمقراطيين للرئاسة في الانتخابات التمهيدية تصويتا علي سياسات الرئيس باراك أوباما, فبينما يري الديمقراطيون أوباما متريثا في قراراته إزاء السياسة الخارجية, فان الجمهوريين لديهم رأي حاسم وموحد يتمثل في ان الرئيس يعاني الضعف وسوء الإدارة وبالتالي فان سياسات أوباما في الشرق الأوسط وخاصة فيما يتعلق بإيرانوالعراقوسورياوأفغانستان ستكون مجالا للمبارزة بين المرشحين الجمهوريين والديمقراطيين. لقد كان استيلاء ما يسمي بتنظيم( داعش) علي الموصل والتقدم نحو بغداد عام2014 سببا في إعادة تقييم أوباما لسياساته في الشرق الأوسط, وإعادة التوسع في استخدام القوة العسكرية في العراق ضد التنظيم الإرهابي أواخر الصيف الماضي. وعلي الرغم من نجاح إدارة أوباما في التفاوض بشأن اتفاق نووي مع إيران فان الانتكاسات في سورياوالعراقوأفغانستان أجبرت أوباما علي إعادة النظر في سياساته إزاء المنطقة. ومثلما قال الجنرال المتقاعد ديفيد بتريوس قائد القيادة المركزية الامريكية السابق: ان الشرق الأوسط يشهد اليوم اضطرابات لا مثيل لها في تاريخه الحديث. ومن ثم أصبحت المسألة بالنسبة لمرشحي الحزب الديمقراطي هي لأي درجة يستطيعون الدفاع عن سياسات أوباما في الشرق الأوسط, وبالنسبة للجمهوريين هي مسألة كيف سيهاجمون هذه السياسات بقوة نكاية في الديمقراطيين. قضايا الشرق الأوسط ظلت حاضرة في انتخابات الرئاسة الأمريكية الماضية حيث هزم باراك أوباما هيلاري كلينتون في الانتخابات التمهيدية للديمقراطيين من قبل بسبب تصويتها في مجلس الشيوخ الأمريكي لصالح الحرب الأمريكية علي العراق, وعلي نقيض منافسه الجمهوري جون ماكين وعد أوباما بإنهاء الحرب في العراق, وشن حرب حقيقية ضد الإرهاب في أفغانستان, وفي حملة إعادة انتخابه فاز أوباما علي خصمه الجمهوري ميت رومني بسبب سياساته في الشرق الأوسط. والآن يركز المرشحون الجمهوريون علي فشل القيادة الأوبامية لأمريكا التي يرون أنها أدت الي تراجعها كقوة كبري, بينما رفع دونالد ترامب المرشح الجمهوري شعار( عودة أمريكا العظمي مرة أخري). والحقيقة أن معظم المرشحين الجمهوريين للرئاسة ليس لديهم خبرة في السياسة الخارجية مثل دونالد ترامب وبن كارسون. وعلي الجانب الآخر, نجد المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون لديها سجل حافل كوزيرة سابقة للخارجية, الي جانب إلقائها خطابا بارزا بمعهد بروكينجز حول اتفاق إيران النووي, ومواضيع أخري تتعلق بقضايا الشرق الأوسط, حيث أكدت أنها الأكثر تشددا لصالح فرض منطقة حظر جوي فوق سوريا. أما لينكولن تشافي منافس هيلاري الذي خدم في لجنة الشئون الخارجية بمجلس الشيوخ فقد دعا الي ما وصفه بنموذج جديد في الشرق الأوسط دون أن يقدم تفاصيل سوي عنوان طويل وهو( الازدهار من أجل السلام), أما المرشح الديمقراطي جيم ويب فقد اعترض علي تدخل الولاياتالمتحدةالأمريكية في الحرب الأهلية في ليبيا. وسيظل علي الرئيس القادم اتخاذ قرارات إزاء(ارث أوباما) في الشرق الأوسط, وفي مقدمتها الانتهاء من الاتفاق النووي الايراني. وفيما يتعلق باستخدام القوة العسكرية تنقسم قضايا الشرق الأوسط الي مجموعتين الأولي تلك التي ورثها أوباما عن سلفه جورج بوش وتشمل أفغانستانوالعراق والإرهاب, والثانية تتمثل في القضايا الجديدة التي اشتعلت في عهد أوباما وهي سوريا واليمن وليبيا.