قلبي يرتجف خوفا من الموت ليس لبشاعة الرحيل في حد ذاته بقدر خوفي من لقاء المولي عز و جل فانا رجل أتي عليه الدهر و شرب و انحني ظهري هرما و عجزا و من خلفي سنوات عمر طويلة قضيت فيها حياتي طولا و عرضا أغب من مفاتنها بلا خوف أو خشية فكرة الحرام والحلال لم تراودني يوما كان كل همي ان أحصل علي المال الذي يكفي لتلبية رغباتي بأية وسيلة وربما تكون نشأتي في بيئة مدقعة الفقر وراء انحرافي في طلب الرزق وانخراطي بين أصدقاء السوء الذين قادوني للإدمان والاتجار بالمواد المخدرة ودخول السجن والتمرس فيه علي كل الأفاعيل الاجرامية وكأنه معهد تخرجت فيه محترفا لكل أشكال الجريمة. سرقت.. نهبت.. استبحت أموال الغير.. تاجرت في كل السموم وما هالني أن يموت بها كثيرون علي يدي. كنت محترفا إلي حد الدهاء فعز من يستطيع ملاحقتي من رجال الشرطة فتحولت إلي ورقة رابحة بين أقراني.. أراوغ.. أفلت من الكمائن والمطاردات بما أحمل من بضاعتي كالذئبق أنساب هاربا في ليونة و ذكاء. جمعت من المال ما قد يكفي جوعي وجوع من نشأت بينهم فقيرا جائعا. ولكني لم أشبع وأخذت ألهث وراء المال الحرام في نهم شيطاني بلا تردد لا ألوي علي شيء غير أني أنفق كل ما اكسبه علي ملاهي الشيطان. لم أع أن يوما سيأتي تنقلب فيه الدائرة علي وأسقط في براثن شر أنا من زرعته في نفسي فبات أشواكا تقض مضجع شيخوختي وهرمي. اشتعلت نيران الحياة في شبابي سريعا ومضي العمر خاطفا مستقبلا أيام المشيب وأنا رهن حبسي في إحدي قضايا المخدرات. سقط المراوغ في جب الخطيئة ولم يبق غير الندم. في السجن كنت أستمع لأقوال الفقيه وأراها تبعث النور في قلب مظلم يسكن جوفي.. اعود من مجلسه وآوي إلي فراش محبسي وصراع بين اليأس والأمل يضطرم بداخلي. اتساءل إن كانت أبواب الرحمة يمكن لها يوما أن تنفتح لي وأغتسل بها من خطايا خمسين عاما تحالفت فيها مع الشيطان؟ ورغم ثقل أيامه ولياليه الطويلة انقضي السجن وحان موعد خروجي إلي الدنيا ولكني خرجت بيد مرتعشة لا تقوي علي خير ولا تقوي علي شر. وجدتني أتسول لقمة العيش فلا انا قادر علي العمل وكسب عيشي بالحلال.. ولا قادر علي إتيان الشر والاسترزاق به كما اعتدت طوال حياتي. وها أنا أفترش الرصيف رهين عمر تجاوز السبعين وهنا وندما وحسرة.. واحتياجا للمارة متسولا بقايا عطاياهم. أشعر ان الموت يترصدني كل يوم وارتعد منه. كيف أقابل ربي؟.. احمل علي عاتقي حملا ثقيلا من الماضي يجعل الناس تنفر مني خشية الشر فكيف لي أن اتحلل من كل هذا؟ س ع القاهرة يا أخي لما كل هذا اليأس والقنوط ولما تقنط من رحمة الله وهو الذي يغفر الذنوب جميعا, ولو كانت كزبد البحر مصداقا لقوله تعالي الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب( الرعد:28). فترفق بنفسك ويكفيك ما تحمل من ثقل ذنوب عشتها سنوات طوالا ولك ان تعلم أن باب التوبة لا ينغلق في وجه أحد مادام حيا ويسعي في مناكب الدنيا ولتحضره المنية وأنت ابتغيت وجه الله كما تقول في سعيك وأنت في محبسك إلي فقيهة السجن و الاستماع إليه وإن صدقت توبتك ثق في انفراج أبواب الرحمة. وبيقينك في التوبة ومغفرة الحق لك استمع لقوله تعالي قل يا عبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم( الزمر:53).