هل نحتاج للتذكير بأن مصر لا تملك الكثير من الوقت في هذه المرحلة الانتقالية التي تتحمل فيها القوات المسلحة الباسلة الأمانة والمسئولية للوصول الي الدولة المدنية التي نسعي أليها, وأن استعادة الأمن والاستقرار يأتي في مقدمة الاولويات. اذا أردنا تحقيق ما نصبو إليه من أهداف وأحلام مشروعة تستحقها مصر بعد أن بدأت حقبة جديدة تنتصر لكل المعاني والقيم الوطنية الشريفة ؟ بعيدا عن الملفات العالقة التي تتعلق بدور الأجهزة الأمنية خلال الأحداث الأخيرة والجدل بل والغضب الذي يحيط بها, ومع الأخذ في الاعتبار التحقيقات الجارية الكفيلة بكشف الحقيقة كاملة, يبقي من المهم البدء وعلي الفور في وضع رؤية شاملة تواكب التغيير الجذري الذي يتجاوز ما نراه علي السطح من موجات المشاعر والانفعالات المؤقتة الراهنة ليصل الي بلورة الدور القادم لرجال الشرطة والذي يرتكز في تقديري علي مفهوم أساسي وحيوي يعيد أمن المواطن الي المقدمة وليس تأمين المسئولين وأصحاب النفوذ. ومن الصحيح تماما القول بأن العلاقة بين المواطن ورجل الأمن تحتاج الي جهد كبير وخلاق ومبادرات لا تكتفي برفع الشعارات واللافتات حتي تمتد الجسور الطبيعية والضرورية اللازمة للتصدي للجريمة والانحرافات بكافة أشكالها التقليدية والمستحدثة منها, وهذا يتطلب الي جانب اعادة المنشآت المتضررة تحسين الأحوال المهنية والمعيشية لرجال الأمن بصورة تجعلهم أكثر أمنا علي حياتهم ومعيشتهم لأن فاقد الشئ لا يعطيه. وبصراحة ووضوح نقول أن رجل الأمن في مصر يتحمل من الأعباء والمخاطر ما يفوق الوصف والاحتمال, وقد يبدو الحديث غريبا في وقت يتعرض فيه هؤلاء الي النقد والمحاسبة, ولكن هل يمكن أن يظل المجتمع أي مجتمع بلا أجهزة أمنية توفر له الطمأنينة والاستقرار ؟ الثقة مؤكدة أن الشعور العام سوف يتجاوز ما حدث بالنسبة للأجهزة الأمنية باستثناء التحقيقات التي ستأخذ مجراها, والمطلوب بداية فورية وحقيقية لتأهيل تلك الأجهزة حتي تتحمل مسئولياتها وهي في كامل لياقتها النفسية والعملية. muradezzelarab@hotmailcom