في الوقت الذي تتخذ فيه الدولة إجراءات لتهيئة المناخ الاستثماري والوصول بمعدلات النمو ودفع الاقتصاد خلال المرحلة المقبلة أكد خبراء أهمية سرعة الفصل في المنازعات القضائية الاقتصادية وبما يحسن مناخ الاستثمار وبث الطمأنينة في نفوس المستثمرين. وأرجع اقتصاديون تباطؤ التقاضي الي تقادم التشريعات والقوانين المنظمة لعمل تلك المحاكم المتخصصة, لافتين الي أهمية عرض تعديل التشريعات والقوانين المخصصة أمام مجلس النواب للبت في المنازعات الاستثمارية والمشكلات الاقتصادية كأولوية لدعم أداء مناخ الاستثمار. من جانبهم, طالب رجال أعمال بضرورة أن تكون أحكام المحاكم الاقتصادية ملزمة بما يعمل علي تسريع وتيرة الحكم في النزاعات الاقتصادية ويساعد علي جذب رءوس الأموال وزيادة حركة دوران المال. تعدد المحاكم الاقتصادية ضرورة.. وعلي الجهات المعنية سرعة التنفيذ قال الدكتور إبراهيم المصري أستاذ الاقتصاد والعميد الأسبق لكلية الادارة بأكاديمية السادات: إن الإسراع في حسم القضايا الاقتصادية مطلوب, خاصة إذا كان حجم هذه القضايا كثيرا, مشيرا إلي أن صدور الأحكام في هذه القضايا بشكل سريع يساعد كثيرا علي مناخ الاستثمار, ويعطي ثقة لدي المستثمرين وطمأنينة علي أموالهم. وأكد أهمية وجود أكثر من مجموعة من الخبراء المتخصصين داخل المحاكم الاقتصادية سواء في الضرائب أو التجارة الخارجية أو الاستثمار, مما يسهم في سرعة البت في هذه القضايا, وعدم استمرارها في المحاكم لفترات طويلة. واضاف انه مع تعدد مجالات القضايا يمكن ان تتعدد هذه المجموعات المتخصصة, مما يساهم في تشجيع المستثمرين علي الاستثمار في مصر, لافتا الي اهمية تعدد المحاكم الاقتصادية وعدم اقتصار وجودها علي القاهرة فقط, وأن يكون هناك اكثر من محكمة خاصة في المحافظات التي تحظي بحجم استثمارات كبيرة. ولفت إلي أن الإسراع في حسم القضايا الاقتصادية يجب أن يصاحبه عدم الإخلال بالحق, سواء كان هذا الحق للدولة او للمستثمرين أو للمشروعات المشتركة بين المصريين والأجانب, فضلا عن وجود الدقة في هذه الأحكام. وأكد أهمية الجهات التنفيذية والدور الكبير الذي تقوم به بعد صدور الأحكام من خلال سرعة تنفيذها, وذلك ضمانا لعدم ضياعها علي اصحابها, لافتا الي ان حسم هذه القضايا خلال شهور قليلة بدلا من سنوات عديدة يبث نوعا من الأمان في نفوس المستثمرين. حلمي: ليست ظاهرة واستمرارها طارد للاستثمار البهي: صاحب المال يدرس كيفية الخروج الآمن.. والجهة التي يلجأ إليها عند أي نزاع قال محمد حلمي هلال عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري لجمعيات المصريين: إن تباطؤ حل نزاعات المستثمرين والبت فيها في أسرع وقت يعد عامل طارد لمختلف رءوس الأموال التي تبحث عن الاستقرار والسرعة في اتخاذ القرارات بما لا يؤثر علي المشروعات المقامة. وأشار إلي أن المستثمر يبحث عن القانون الذي يحمي أمواله واستثماراته ويضمن استمرار العمل دون تأثر, من خلال جهة تقوم باتخاذ قرارات منصفة لصاحب الحق دون تأجيل القضايا الاقتصادية التي تؤثر سلبا علي الاقتصاد دون جدوي من مماطلة تأخير البت في النزاعات, التي قد تدفع البعض إلي المحاكم الدولية والتي غالبا ما تنصف المستثمر الجاد علي الدولة التي أقام بها استثماره. من جانبه قال محمد البهي رئيس لجنة الضرائب باتحاد الصناعات إنه من الضروري أن يكون قرار المحاكم الاقتصادية ملزما دون الرجوع للمحاكم الجنائية التي قد تستغرق القضايا فيها عدة سنوات, وهو ما يجعل هناك حالة من الإحباط بين رءوس الأموال. وتابع: فالمحاكم الاقتصادية عندما تصدر قرارا وتبت في نزاع استثماري, ففي حالة طعن احد الطرفين علي القرار يتم تحويلها للمحاكم الجنائية بما يجعل المستثمر في أزمة من تأجيل المحاكم الجنائية البت في القضايا الاقتصادية التي تتسبب في تقديم صورة سلبية لأصحاب رءوس الأموال الأجنبية. وأشار إلي أن المستثمر يبحث عن سرعة دوران رأس المال, خاصة المشروعات الصناعية التي تؤتي ثمارها بعد عدة سنوات بعكس الاستثمارات التجارية, لافتا إلي أن المستثمر يدرس قبل ضخ أمواله في المشروعات كيفية الخروج الآمن من السوق, وكذلك الجهة التي يلجأ إليها عند حدوث أي نزاع استثماري والوقت المستغرق في حل الأزمة. هشام إبراهيم: تفعيل لجنة فض المنازعات هو الحل يري الدكتور هشام ابراهيم أستاذ الاستثمار والتمويل بجامعة القاهرة, أن قانون الاستثمار رقم17 لسنة2015, نص في باب كامل علي البت في قضايا المنازعات, فضلا عن تشكيل لجنة وزارية برئاسة رئيس الوزراء, للعمل علي مناقشة هذه المنازعات والسعي لإيجاد حلول لها, وذلك كخطوة استباقية لعدم وصولها إلي المحاكم. واضاف أن تشكيل هذه اللجنة تعد آلية مهمة, تساهم بشكل كبير وفعال في حسم المنازعات مما يؤدي الي إعطاء ثقة أكبر في نفوس المستثمرين لافتا إلي أنه تم طرح ذلك الأمر من خلال المجلس التنسيقي المصري السعودي والتأكيد عليه, خاصة أن هذه الآلية الجديدة سوف تسهم في حسم هذه المنازعات دون اللجوء للمحاكم. ولفت الي أن المشاكل الرئيسية التي كانت تواجه المستثمرين وتمثل عائقا في توجيه رؤوس أموالهم الي الاستثمار في مصر ليست في بطء اجراءات التقاضي, ولكن في تحويل عوائد هذه الاستثمارات, وهو ما تم العمل علي حله من خلال البنك المركزي خلال الشهور الماضية. وأوضح أنه قبل صدور قانون الاستثمار الجديد كانت توجد لجنة مشكلة لبحث مشكلات المستثمرين, مؤكدا أن هذه اللجنة استطاعت حسم الكثير من المنازعات خاصة مع المستثمرين العرب خلال الفترة الماضية, مما ساعد علي وجود انطباع جيد لمناخ الاستثمار في مصر. منصور: غربلة التشريعات وزيادة أعداد القضاة لسرعة البت في المنازعات أكد الدكتور قاسم منصور مدير المركز الاقتصادي المصري, أن الجهات القضائية تمثل عاملا مهما في الفصل في القضايا, لاسيما القضايا الاقتصادية, لافتا إلي أهمية العمل علي توسعة القاعدة الخاصة بهذه المحاكم مما يساعد علي انتشارها وسرعة الفصل في المنازعات. وأضاف أن المحاكم الاقتصادية تختص بالنظر في نوعية معينة من القضايا الاقتصادية وجميع المنازعات الاقتصادية, موضحا أن القضايا التي تكون الخصومة فيها مع الشركات أو الحكومة هي التي يتم النظر فيها, وليس المنازعات بين الأفراد بعضهم البعض. وأشار إلي أهمية العمل علي غربلة التشريعات القضائية بما يضمن شمول المنازعات الاقتصادية بين الأفراد في هذه المحاكم, وعدم قصرها علي منازعات الحكومة أو الشركات فقط. وأشار إلي أن هناك احكاما قضائية صادرة ضد جهات حكومية لا يتم تنفيذها, وهناك تباطؤ في اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ هذه الاحكام, لافتا الي أهمية ان تكون الحكومة قدوة للشعب من خلال سرعة تنفيذ أحكام القضاء. وأوضح أهمية زيادة أعداد أعضاء القضاء والنيابة, لاسيما أن مصر بها عدد هائل من خريجي كليات الحقوق كل عام, مشيرا إلي أن زيادة هذه القاعدة ستؤدي الي زيادة المحاكم, مما يساعد علي سرعة البت في المنازعات القضائية خاصة الاقتصادية, وهو ما يسهم بشكل كبير وإيجابي علي مناخ الاستثمار في مصر.