ساكنة سكون جبال الأطلس. صاخبة صخب الحواة في ساحة مسجد الفنا. ساهمة كسبحة درويش توحد في الملكوت. يرجع تاريخها إلي ألف عام, لسنوات طويلة كانت القبلة والمقصد أبان حكم المرابطين, والموحدين, والسعديين. مراكش, المدينة الحمراء. تري, هل كان اللون الأحمر هو ما عاد به العرب بعد فقد قصر الحمراء في غرناطة. أم صبغ القصر تذكارا بديار الآباء والأجداد. لا أدري. بدعوة كريمة من الاتحاد العربي للكهرباء ناقش الخبراء بمراكش سبل تحقيق التوازن في نظم الكهرباء, بمعني تنويع وتناغم مصادر إنتاج الكهرباء. عربيا, لم تتغير مصادر الطاقة الأولية لخمسة عشر سنة, حصريا نفط وغاز بنسب57%,42% علي الترتيب. ألهذه الدرجة تستعصي المنظومة علي التغيير. علي مستوي الكهرباء, لا تزيد حصة الطاقة المتجددة عن5%, أغلبها طاقة مائية. مازال إعلان الدول العربية عن أهداف لمشاركة طاقتي الرياح والشمس يحتاج للمزيد من الجهد. أحيانا, تبدو مناقشات دمجهما في نسيج الطاقة أشبه بالسير في حقل ألغام. يأتي هذا علي الرغم من حيوية أسواق الطاقة المتجددة بالدول العربية ومشاركة العديد من شركات القطاع الخاص تحت أطر عمل مختلفة تضم, تعريفة التغذية, البناء والتشغيل والتملك, وغيرهما. الأسواق المغربية, والإماراتية, والمصرية هي الأبرز خلال السنتين الماضيتين. تعاقدت دبي علي شراء كهرباء من مشروع خلايا شمسية بسعر5.68 سنت دولار للكيلوات ساعة, وحصلت مصر علي سعر4 سنتات من طاقة الرياح, وشرعت المغرب في بناء عدة محطات. عربيا, تتطلب جهود التطوير مراجعات شاملة, فثلثا فاتورة دعم الطاقة العالمية والبالغة نحو500 مليار دولار تدفعها الدول العربية. أيضا, ارتفاع متوسط الطلب علي الطاقة الكهربائية إلي ثلاثة أمثال المتوسط العالمي يحتاج إلي إعادة نظر. أرهقت الميزانيات وتأثر الاحتياطي النقدي سلبا. استمرار مسلسل تدهور أسعار النفط يلقي بظلاله الكئيبة علي ميزانيات الدول المصدرة. مؤخرا, حركت الكثير من الدول مصر, الإمارات, السعودية, قطر, عمان- أسعار النفط والكهرباء. خفض دعم الطاقة يمنح ميزانيات الدول قبلة الحياة. البحث عن آليات مبتكرة لتوزيع الدعم وخفض نسبة المحرومين من مصادر الطاقة الحديثة يستدعي آليات غير تقليدية. فنيا, تعد برامج تحسين كفاءة الطاقة توأم الطاقة المتجددة, فالأولي تحقق للمستهلك ذات مستوي الخدمة مع خفض استهلاكات الطاقة, في حين تقدم الثانية حلولا تخفض مستوي الاعتماد علي الوقود الأحفوري. تتميز الطاقة المتجددة بجاهزيتها لتلبية طلب يتراوح من كسر الكيلوات إلي مضاعفاته, سواء كان في قلب المدينة أم في صحراء نائية بعيدة عن شبكة الكهرباء. من ثم يعد القطاع المنزلي في الوطن العربي, والذي يستهلك أكثر من نصف الكهرباء, الأنسب لنشر تقنيات الطاقة الشمسية أعلي الأسطح, فالشبكة جاهزة, والتكاليف موزعة, كما يمنع انتشار النظم في أرجاء الدولة مجابهة مخاطر الانخفاض المفاجئ في الإنتاج جراء سكون ريح أو غياب شمس. أيضا, يعد العجز في توفير الكهرباء في العديد من المناطق فرصة لنشر مصادر الطاقة المتجددة وخاصة الصغيرة. التوازن والوسطية هدفان ليسا في الطاقة فحسب, بل وفي كافة المجالات. تحقيق توازن في مصادر انتاج الطاقة ليس بالصعب علي دول تمتلك من النفط والغاز وكذلك من طاقتي الشمس والرياح ما يزيد علي حاجتها. ليتوقف الأمر علي قرار يؤسس للدمج بين ترشيد الطاقة ومصادر إنتاجها, شريطة العمل تحت مظلة تشريعات واضحة وآليات تمويل مبتكرة. بتواصل تكامل جهود جامعة الدول العربية والاتحاد العربي للكهرباء ووعي متخذي القرار يتحقق التوازن, لنصبح أمة وسطا.