توقيع بروتوكول تعاون مشترك بين جامعة مدينة السادات وأكاديمية رواد الشروق السعودية    11 مليون جنيه حصيلة البيع بجلسة مزاد 24 يونيو 2025 لسيارات جمارك السويس وبضائع جمارك تفتيش الركاب    رئيس أركان الجيش الإسرائيلي: الحملة العسكرية ضد إيران لم تنته بعد    أرقام من مشاركة الأهلي في كأس العالم.. بن رمضان 100% وظهور هجومي مميز ل زيزو    موندو ديبورتيفو: كريستنسن على رادار ميلان    طموحي طبيبة نساء وتوليد.. "الآء" الطالبة الأولى في سوهاج : بالاجتهاد هحقق حلمي    العرض الأفريقي الأول لعائشة لا تستطيع الطيران بمهرجان ديربان السينمائي الدولي    رسميا .. وزيرة البيئة تختتم أعمالها في مصر بتطوير قرية الغرقانة    مجلس جامعة الإسكندرية يعتمد الخريطة الزمنية للعام الدراسي الجديد    ماكرون يخشى من خطر تزايد «تخصيب اليورانيوم» سرّا في إيران    زيلينسكي يخطط للقاء ترامب خلال قمة الناتو بلاهاي    الرئيس الفرنسي يشدد أهمية التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة    «القومي للمرأة» يهنئ إيمان أنيس لتنصيبها نائباً للأمين العام للاتحاد الأفروآسيوي    محافظ المنوفية يفتتح مركز الثقافة الإسلامية في شبين الكوم| صور    محمد مطيع يناقش خطة اتحاد الجودو مع المجلس العلمي لوزارة الرياضة    معسكر إعداد خارجي للزمالك قبل الموسم الجديد    «الداخلية» تمد فعاليات المرحلة ال27 من مبادرة «كلنا واحد» لمدة شهر    لماذا نشعر بدرجات حرارة أعلى من المعلنة؟.. هيئة الأرصاد توضح    وقف مؤقت للغوص بجزر الأخوين لتنفيذ برنامج تتبّع لأسماك القرش    ضبط نَصَّابٍ استولى على 3 ملايين جنيه من 8 مواطنين بسوهاج    حكومة الانقلاب فشلت في مواجهتها..الكلاب الضالة تهدد حياة المواطنين فى الشوارع    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام خدماتها الاستشارية لعملية القيد التاريخية لشركة ڤاليو في البورصة المصرية    وداع الكاتب الكبير محمد عبد المنعم.. جنازة مهيبة من مسجد عمر مكرم    بالعلم الفلسطيني وصوت العروبة.. صابر الرباعي يبعث برسالة فنية من تونس    قافة طبية للكشف على 1173 مواطن من نزلاء مستشفى الصحة النفسية بالخانكة    تنفيذ 7234 عملية عيون للمرضى غير القادرين بالأقصر    «متى سنتخطى التمثيل المشرف؟».. خالد بيومي يفتح النار على إدارة الأهلي    حبس أب اعتدى على نجله بالضرب بآلة حادة في المنوفية    نادر السيد يدافع عن الشناوي.. ويوجه رسالة ل زيزو بعد مباراة الأهلي وبورتو    «صحافة القاهرة» تناقش مستقبل التعليم الإعلامي في العصر الرقمي    الصين: عرض عسكري لإحياء الذكرى ال80 للانتصار فى الحرب العالمية ضد الفاشية 3 سبتمبر    «بحبكم برشا».. أول تعليق من مي عمر على تكريمها من مهرجان الإذاعة والتلفزيون بتونس    قاصد محمود: مشروع إيران النووى قائم.. ونتنياهو فشل فى فرض السيطرة الكاملة    مطالبا بضرورة احترام استقلال الدول وسيادتها على كامل أراضيها.. الأزهر يعرب عن تضامنه مع قطر    سانتوس يقترب من تجديد عقد نيمار    زلزال بقوة 5.7 ريختر يضرب الدومينيكان وبورتوريكو ويحدث أضرارا طفيفة    يوسف داوود.. "مهندس الضحك" الذي ألقى خطبة الجمعة وودّعنا في هدوء    خلال فعاليات قمة مصر للأفضل.. «طلعت مصطفى» تتصدر قائمة أقوى 100 شركة في مصر وتحصد جائزة المطور العقاري الأول لعام 2025    لتعزيز الوعى الأثرى ودمج ذوي الهمم.. الآثار تطلق النسخة الثانية من برنامج المدرسة الصيفية "اكتشف"    الإدارة العامة للمرور: ضبط (56) ألف مخالفة خلال 24 ساعة    تحرير (153) مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    تبدأ 26 يوليو.. محافظ الدقهلية يعتمد جدول امتحانات الدور الثاني للنقل والشهادة الإعدادية    وزيرة البيئة: مشروع تطوير قرية الغرقانة نموذج متكامل للتنمية المستدامة الشاملة    محافظ القاهرة يشهد احتفال الأوقاف بالعام الهجرى الجديد غدا نائبا عن الرئيس    6 مشاريع بحثية متميزة لطلاب الامتياز ب"صيدلة قناة السويس"    ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي بقيمة 8 ملايين جنيه    متحدث عسكري عراقي: مسيرات استهدفت عدة مواقع وقواعد نتج عنها أضرار للرادارات    نائب محافظ القاهرة يتفقد المركز التكنولوجى بمجمع الأحياء لمتابعة إجراءات التصالح على البناء المخالف    الكنيسة الأرثوذكسية تعلن موعد صلاة الجناز على شهداء كنيسة مار إلياس    قافلة طبية مجانية بحى الصفا فى العريش تشمل تخصصات متعددة وخدمات تثقيفية    التأمين الصحى بالبحر الأحمر يعقد اجتماعه الدورى لمتابعة الأداء وتطوير المنظومة    بدأت ب«فولو» على إنستجرام.. سلمى أبو ضيف تكشف طريقة تعرفها على زوجها    تداول 10 آلاف طن بضائع و532 شاحنة بموانئ البحر الأحمر    ما حكم تيمّم المرأة التي تضع «المكياج»؟.. الإفتاء تُجيب    تفسير آية | معنى قولة تعالى «وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي 0لۡكِتَٰبِ لَتُفۡسِدُنَّ فِي 0لۡأَرۡضِ مَرَّتَيۡنِ»    هل الشيعة من أهل السنة؟.. وهل غيّر الأزهر موقفه منهم؟.. الإفتاء تُوضح    شاهد وصول لاعبى الأهلى إلى استاد ميتلايف لمواجهة بورتو البرتغالى    رسائل قوية من بوجبا عن أزمة المنشطات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قائمة أعظم100 كتاب تدافع عن نوبل
نجيب محفوظ
نشر في الأهرام المسائي يوم 23 - 01 - 2016

جعلوني قارئا كان قرار الأكاديمية السويدية هذا العام هو منح جائزة نوبل في الأدب, ولأول مرة, لمصري, هو نجيب محفوظ, الذي ولد وعاش في القاهرة طيلة عمره.
إضافة الي ذلك أيضا, فهي المرة الأولي التي يفوز بها أول كاتب عربي, وتكمن عظمة محفوظ وإنجازاته في كتابته الروايات والقصص القصيرة. استطاع محفوظ أن يبدع فنا روائيا عربيا رفيعا ينطبق علي كل البشرية, وكل كتاباته تخاطبنا جميعا. كما أن كتاباته أصبحت عاملا مهما في أن تكون الرواية العربية ذات أهمية بالغة في الأدب العربي والثقافة العربية كلها.
بدأ محفوظ حياته الأدبية بالرواية التاريخية وتبعها بسلسلة من روايات تقع أحداثها في القاهرة, منها زقاق المدق التي كتبها عام1947, وفيها نلحظ أن الحارة تصير مسرحا للأحداث, وتعج بواقعية ملئها التفاعل النفسي.
حقيقة الأمر أن محفوظ أصبح اسما كبيرا يعتد به بعد كتابته الثلاثية في الفترة الزمنية من19571956, حيث تدور الأحداث والتغيرات في حياة أسرة مصرية من1917 وحتي منتصف الأربعينات من القرن العشرين, حيث تسجل أحداث الروايات الأحوال الثقافية والاجتماعية والسياسية في مصر.
ويمكن القول إجمالا ان محفوظ بذل مجهودا كبيرا في تلك الثلاثية, وأصبح له تباعا تأثير ملموس علي وطنه. أما موضوع روايته أولاد حارتنا التي كتبها عام1959, فهو يكمن في بحث الإنسان الأبدي عن القيم الروحية.
أما ثرثرة علي النيل والتي كتبها عام1966, والتي لم تترجم حتي الآن الي اللغة الإنجليزية, فهي مثال علي قدرة محفوظ الإبداعية, حيث يختلط العبث بالجد في محادثات أبطالها التي تحدث في عوامة علي النيل, والتي كانت تعكس المناخ السائد في وطنه حينها.
محفوظ أيضا كاتب ممتاز للقصة القصيرة مثلما نلحظ في مجموعته دنيا الله المنشورة عام.1973 مقولة محفوظ الأخيرة تعكس أهميته ككاتب لو أن الرغبة في الكتابة توقفت عندي يوما ما, فإني أريد أن يكون هذا آخر يوم في حياتي.
كان هذا هو البيان الذي نشرته الأكاديمية السويدية بتاريخ13 أكتوبر1988, موضحة فيه حيثيات منحها جائزة نوبل لنجيب محفوظ.
بعد الإعلان مباشرة عن فوز محفوظ, صرح البروفيسور ستور ألان, سكرتير الأكاديمية السويدية, بأن عدد المرشحين لنيل الجائزة عام1988 كانوا150 مرشحا, تم اختيار خمسة منهم, بعدها تم اختيار نجيب محفوظ ليكون الفائز الوحيد بها.
بمجرد الإعلان عن فوزه بالجائزة, صار اسمه نارا علي علم وزادت الطلبات علي رواياته زيادة مطردة في أنحاء العالم كله. أيضا صدر طوفان من المقالات والافتتاحية في غالبية صحف العالم, وتكرر الحديث عنه بأنه كاتب عالمي عظيم مثل بلزاك وديكنز وإميل زولا وجيمس جويس وغيرهم.
وفي مصر والوطن العربي كله, كانت الفرحة عارمة لذلك الشرف الرفيع, والذي يفوق فوز مصر بكأس العالم في رياضة معينة, أو يفوق فوزها بدورة أولمبية. لم يعترض أحد غير الكاتب الكبير الدكتور يوسف إدريس, والذي ادعي أنه أحق بالجائزة من نجيب محفوظ, كما إعترض الشاعر اللبناني أدونيس علي فوز نجيب محفوظ, وادعي أيضا أنه أحق بها منه.
دارت الأيام دورتها, وخرج علي الإجماع آخر, بقوله ان نجيب محفوظ كاتب متوسطا وليس عظيما:
بعدما أسست دار نشر خاصة بي, أردت إصدار جريدة تهتم بالكتب العربية, ورغبت في تكريم نجيب محفوظ بأن أنشر في أول عدد علي غلافها صورة له ومعها موضوع, كانت روايته المنشورة في هذه الأيام هي حضرة المحترم, وكان منطقيا أن أنشر عنها, فلن يكون مناسبا وضع مقال عن عمل قديم, باعتبار أنها جريدة تتابع ما يصدر أولا بأول.اخترت من بين المهتمين بأدب محفوظ شخصا هو نفسه يحترمه ويقدره, وأنا كذلك, هو سليمان فياض, كلفته بكتابة هذا المقال, فكان صادقا ومهتما جدا, وكتبه بحرفية عالية, نشرته احتراما لرأيه دون تدخل, واعتبرت أن هذا شيء طبيعي, فالمعرفة أو الصداقة لا دخل لها في الرأي النقدي, ولكن يبدو أن اقتناص فياض لفكرة الموظف أزعجت نجيب محفوظ, لأن الوظيفة بالنسبة له كانت ضرورية لكي يقي نفسه العوز أو فعل شيء آخر غير كتابة الرواية, والتي لم يكن يستطيع العيش منها حتي فاز بجائزة نوبل, ولذلك كان مضطرا أن يحافظ علي وظيفته, لكن تفسير فياض بأن محفوظ يتسم بعقلية موظف أزعجته كثيرا فغضب, واستمر ذلك لبضع سنوات ثم عادت الأمور لطبيعتها.
هذا الكلام من مقال للأستاذة عائشة المراغي بعنوان عبده جبير يتذكر..نجيب محفوظ كاتب مهم وليس عظيما, نشرته أخبار الأدب موقعا باسم الكاتبةبتاريخ12 ديسمبر, علي لسان الكاتب عبده جبير, ويستمر عبده جبيرفي إلقاء المزيد من الوصف والتشخيص لنجيب محفوظ وأدبه:
لقد أدرك من خلال تجربته الشخصية ككاتب أنه يكتب في مجتمع لا يقرأ, ففكر كيف يمكنه تحقيق الشهرة الكبيرة التي تدفع أكبر عدد ممكن من الناس لشراء كتبه, فوجهه عقله بأن يدخل بها لمجال السينما, لأنه في النهاية مجال واسع وترتاده فئات كثيرة, إلي جانب أنه كتب للسينما سيناريوهات كثيرة, بعضها عن رواياته وبعضها لروايات أخري, وبالتالي هو يفهم أن هناك فرقا بين الرواية والسيناريو, ولذلك لم يكن يهتم بفكرة التزام كاتب السيناريو بحرفية الأحداث والشخصيات في أعماله, فكان يكفيه أن تتحول الرواية لفيلم سينمائي, لأن ذلك سيخدمه كروائي, حتي ولو جار علي الرواية, فكل منهما فن منفصل, وهو تنتهي مسئوليته مع كتابة الرواية, وما بعد ذلك مسئولية السيناريست والمخرج...نجيب محفوظ كاتب مهم وليس عظيما, ليس في حجم ويليام فوكنر أو تالستوي أو تشيكوف, يظل رجلا متوسطا, فنحن للأسف ليس لدينا حتي الآن كاتب كبير بحجم الكتاب الذين ذكرتهم, فليس لدينا من هو بحجم ماركيز أو تولستوي أو غيرهما, لا بد لي هنا من عقد مقارنة قد تكون مفيدة للقارئ بهذا الصدد:
في الثامن من مايو, عام2002, نشرت صحيفة الجارديان قائمة بأعظم100 كتاب في التاريخ, تم إعدادها بواسطة نوادي الكتب النرويجية. تم تجهيز هذه القائمة من خلال, سؤال مائة كاتب من أربع وخمسين دولة من مختلف دول العالم, ان يرشح كل واحد منهم أهم عشر كتب ذات التأثير الثقافي البالغ علي ثقافة العالم والحضارة, والتي كان لها تأثير بالغ طريقة فكر المؤلف نفسه.
كان كتاب أولاد حارتنا أحد هذه الكتب المائة. هذا شرف يفوق جائزة نوبل, يضاف الي رصيد نجيب محفوظ الي الأبد.السبب في ذلك يكمن في كونها أهم كتب في التاريخ كله.
وشملت القائمة: رواية1984 تأليف جورج أورول البريطاني, رواية تعليم عاطفي تأليف جوستاف فلوبيرت الفرنسي, رواية أبسلوم, أبسلوم تأليف وليام فوكنور الأمريكي, مغامرات هاكلبري فن, تأليف مارك توين الأمريكي, رواية الإينيد تأليف فيرجل الروماني, رواية أنا كارنينا تأليف ليو تولوستوي الروسي, رواية المحبوب تأليف توني موريسون الأمريكي, رواية برلين أليكسندربلاتس تأليف ألفريد دوبلن الألماني, رواية العمي تأليف خوسيه سارماجو البرتغالي, كتاب القلق تأليف فيرناندو بيساوا البرتغالي, كتاب أيوب من الكتاب المقدس, رواية الإخوة كرامازوف تأليف فيدور دوستيفيسكي الروسي, كتاب بودينبروكس تأليف توماس مان الألماني, كتاب حكايات كانتربيري تأليف جيفري توسر البريطاني, رواية القلعة تأليف فرانز كافكا التشيكي, رواية أولاد حارتنا تأليف نجيب محفوظ المصري.
وتستمر القائمة لتشمل كتبا للعمالقة: إدجار ألان بو, دانتي, بوكاشيو, دون كيخوتي, هانز كريستان أندرسون, يوهان ولفجانج, لوركا, شيكسبير, جوناثون سويفت, هومر, رالف إيلسون, دينس ديدرو, والت ويتمان, لورانس ستيرن, فالدامير ناباكوف, روبرت موسلي, جلال الدين الرومي, أوفيد, جورج إليوت, هيرمان ميلفيل, فيرجينيا وولف, جوزيف كونراد, سوفوكليز, سعدي, بول سيلان, جين أوستين, ستيندال, مارسيل بروست, الطيب صالح, دي إتش لورانس, ألبير كامو, ألف ليلة وليلة, صوميل بيكيت, جيمس جويس, إيملي برونتي.
يضاف إلي ذلك, وفي ذكري ميلاده المائة والأربع أعادت مجلة الإيكونوميست الإنجليزية علي موقعها الإلكتروني مقالا مطولا كتبته نفس المجلة بتاريخ31 أغسطس2006, أي عقب موته بيومين بعنوان: نجيب محفوظ روائي مصر العظيم, والرجل الجنتلمان الكامل مات في التاسع والعشرين من أغسطس وهو في الخامسة والتسعين من عمره.
شبهه الكاتب بجيمس جويس وكافكا وأضاف: كان جنتلمان مثاليا, متواضعا وناكرا للذات, وواسع الصدر, ومستمعا رائعا. كان في السبعين من عمره يمارس رياضة المشي صباح كل يوم من منزله الي مقهاه. وفي التسعين من عمره كان يحافظ دوما علي لقاء أسبوعي مع مجموعة من الأصدقاء المقربين, حيث تتم مبادلة الأحاديث والنكات السياسية..كان جريئا وصاحب رأي ودائم الاهتمام بقضايا وطنه ونابذا للتعذيب والإضطهاد طيلة عمره. كان صاحب أسلوب عقلاني ونقدي بالغ التأثير. كان محفوظ إبن بلد, من تربة القاهرة, لم يفقد أبدا حبه للمدينة العتيقة, حيث استسقي الكثير من شخصيات وموضوعات رواياته, واستخدامه للحارة, والفتوات, لترمز لمصر والعالم كله.
تستمر المجلة في تشخيص محفوظ وأعماله:في الفترة بين1940- و1960 كتب محفوظ العديد من الروايات الواقعية, التي كانت وصفا للصراع بين الحداثة والتقليدي, والعزلة, والكفاح من أجل الكرامة رغم الفقر والاضطهاد, أعمال محفوظ لا تقل عن أعمال بلزاك وديكنز, علاوة علي إثرائه الأدب العربي الذي لم يك يهتم من قبله بفن الرواية وعالمها.
من هنا يمكن القول, أن ماذكره الكاتب عبده جبيرفي أن نجيب محفوظ ليس كاتبا عظيما, مثل وليام فوكنر وتولوستوي وتشيكوف, يناقض ما ذكرته صحيفة الجارديان, ومجلة الإيكونميست, وأن محفوظ ضمن نخبة عظماء الكتاب في التاريخ كله.
هذان الرأيان للجارديان والإيكونوميست, ليس إلا عينة من آلاف الآراء الغربية والشرقية عن كاتبنا العظيم, وما تمثله كتاباته من إهتمامات إنسانية تتجاوز الحدود والثقافات والزمن. يجدر بي هنا أن أذكر آراء مصرية مغايرة لرأي الكاتب عبده جبير بخصوص عظمة نجيب محفوظ. من هذه الآراء ما كتبه الناقد الكبير رجاء النقاش في كتابه: في حب نجيب محفوظ, دار الشروق,1995, حيث يقول:. قضي نجيب محفوظ أكثر من ستين سنة متصلة في عمله الأدبي وخلال هذه الفترة الطويلة أخلص إخلاصا كاملا لقلمه, فلم يشغل نفسه بأي شيء آخرمثل البحث عن الكسب المادي, أو الوصول الي مناصب عليا لها جاه وسلطان ونفوذ, أو الاندماج في حياة صاخبة ناعمة تحقق له الرخاء الواسع والمتعة الشخصية...وكان إخلاص نجيب محفوظ للفن والأدب مثمرا, لأن عنده ما يقدمه للناس, ولديه هذه الموهبة العالية, التي يمكنها إذا إقترنت بالجدية والصدق والإخلاص أن تحقق نتائج عظيمة مثل للنتائج التي توصل إليها نجيب محفوظ بالفعل
ويستطرد الأستاذ رجاء النقاش في تشخيصه لمحفوظ وأدبه: تميزت موهبة نجيب محفوظ بموهبة أخري بالغة الأهمية, وهي ميزة الوعي السليم بتطور الحياة وتطور الأساليب الفنية.... ولو أن نجيب محفوظ إستمر في الكتابة بنفس الأسلوب الذي كان يكتب به في الثلاثينات أو الأربعينات لتوقفت قيمته عند حدود ما نسميه بالقيمة التاريخية ولأصبح الآن كاتبا غير مقروء من الأجيال التي ظهرت منذ الخمسينات الي اليوم, ولكن نجيب محفوظ كان شديد الحساسية للتطورات الكبري في المجتمع والعالم والفن, مما جعله كاتبا معاصرا علي الدوام, بل لقد كان في كثير من أعماله كاتبا مستقبليا...علي أن هذا كله لم يكن كافيا لحصول نجيب محفوظ علي جائزة نوبل العالمية, فلا بد أن يكون الكاتب قادرا علي مخاطبة الإنسان في أي مكان, الي جانب قدرته علي مخاطبة الإنسان في وطنه, وهذا هو مااستطاع نجيب محفوظ أن يحققه في أدبه, فمن خلال إخلاصه العميق للبيئة العربية المحلية في مصر, تمكن من الإرتفاع في تصويره لهذه البيئة الي المستوي الإنساني العام. إضافة الي رجاء النقاش, هناك العديد من الآراء النقدية الثاقبة للأستاذ الدكتور جابر عصفور في مقالاته العامة, أذكر منها ما كتبه في صحيفة الأهرام بتاريخ4 سبتمبر2006:
وظل نجيب محفوظ المبدع هو العقل الباهر الذي يستطيع أن يناوش بالرمز والإشارة كل المحرمات( أو التابوهات) التي تمتد من الذر( أصغر حبات التراب) إلي الذري( حيث أعالي الوجود وما بعد الوجود). وكان ذلك كله من منظور رؤية أساسية ثابتة تجمع بين العلم والدين, ولا تري تضادا بينهما, وذلك من حيث المعجزات التي يمكن أن تتحقق بإمكانات التفاعل الخلاق بينهما, وذلك ضمن سعيه الإبداعي المنحاز إلي العدل لا الظلم, الحرية لا التسلط, الفقراء المحتاجين إلي الرعاية, والمعذبين في الأرض الذين لا يجدون ما ينفقون, هذا النقد الموضوعي والتفسير لمجمل أدب نجيب محفوظ, يخالف ما ذكره الكاتب عبده جبير والأستاذ سليمان فياض في تشخيص الراحل العظيم.
مصطفي جودة
الجامعة البريطانية في مصر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.