تسبب الغياب الأمني الذي تشهده مصر حاليا في ارتفاع معدلات التعدي علي الاراضي الزراعية والبناء عليها في ظل غياب اجهزة حماية الاراضي بالمحافظات حيث تم رصد حالات عديدة للبناء علي اراضي زراعية بالمخالفة للقانون لمساحات بلغت40 الف فدان في محافظات القليوبيةوالغربية والدقهلية والبحيرة والشرقية والمنوفية وان الاف المواطنين قاموا بالبناء علي الاراض الزراعية بصورة عشوائية. وتشكل حالة الفوضي الحالية في البناء علي تهديد التخطط المستقبلية التي تسعي للحد من الفجوة الغذائية التي نواجهها حاليا حتي ان ما تم من تعديات خلال الاسبوعين الماضيين فاق ما تم خلال عامين, والتحقيق التالي يرصد هذه التعديات. ففي الوقت الذي اكد فيه المهندس سامي عمارة محافظ المنوفية ان الملاحقة القانونية مستمرة للمتعدين علي الاراضي الزراعية في ظل الغياب الأمني وانعدام الرقابة الذي شهدته من المحافظة حيث عمد عدد من الأهالي إلي مخالفة القانون والبناء علي الاراضي الزراعية. يقول محمد عبدالمجيد مدير حماية الاراضي بمديرية الزراعة بسوهاج ان مديرية الزراعة قامت بالتنسيق مع أجهزة الأمن والوحدات المعنية بزيادة وتكثيف الحملات لازالة التعديات علي الاراضي الزراعية والتي فاقت كل الحدود خلال الفترة الأخيرة موضحا ان هناك تعليمات بسرعة التنفيذ حتي تتضخم معوقات اخلائها مثل ان تكون مأهولة بالسكان, وضيق الطرق الزراعية وصعوبة الوصول إلي المباني المخالفة, ويضيف ان هناك حملات لازالة هذه المخالفات وذلك من خلال الاستعانة بخبراء لتأكيد مدة حداثة المبني. اما السيد عبدالحميد الشناوي محافظ الغربية فقد أكد ان جملة التعديات علي الاراضي الزراعية بالمحافظة خلال المظاهرات والأحداث الأخيرة وصلت إلي140 الف فدان تم التعدي عليها والبناء بالمخالفة من قبل المواطنين وجار الآن بحث كيفية الحفاظ علي الاراضي الزراعية ويتم حاليا رصد حالات التعديات ووضع برنامج زمني لازالتها بالتنسيق مع رئاسة الوحدات المحلية بالمدن ومديرية الزراعة. ويري الدكتور أبوكر العجايجي مدير مركز البحوث الزراعية وبحوث الصحراء ان ماشهدته مصر خلال الفترة الماضية ادي إلي سوء استغلال الاراضي الزراعية نتيجة غياب الشرطة وماحدث من انفلات امني في حالة استمرار هذه التعديات فمن المتوقع ان تختفي الاراضي الزراعية في مصر في اقل من50 عاما, ومع استمرار الفوضي سينتهي الامر إلي كارثة لايمكن تداركها لذلك يجب ان تتخذ وزارة الزراعة اجراءات فورية للتصدي إلي هذه التجاوزات موضحا ان البناء بشكل عشوائي سيؤدي إلي تضخم كارثة العشوائيات التي طالما ننادي بتجاوزها وحلها في اسرع وقت حتي لاتتلاشي الاراضي الزراعية. ويؤكد د. العجايجي ان التجاوزات مستمرة في البناء خاصة في الصعيد وتتم عمليات البناء بالليل والنهار ولجأ البعض إلي بيع المواشي لتوفير السيولة اللازمة لعمليات البناء واستغلال الموقف لصالحهم مؤكدا ضرورة عودة الشرطة والأمن حتي تتم حماية الاراضي من خطر لايمكن تفاديه. ويؤكد الدكتور محمد جمعة رئيس جهاز استصلاح الاراضي سابقا ان ماشهدته مصر من فوضي طال كل شيء وأكثر القطاعات التي تأثرت هي الاراضي الزراعية وأوضح ان قوانين تجريم البناء علي الارض الزراعية موجودة وقائمة غير انها تحتاج إلي تفعيل وصرامة يتم تنفيذها مطالبا وزارة الزراعة باتخاذ اجراءاتها بالتعاون مع الشرطة لمنع اي تعديات جديدة. ويقول عبدالرحيم الغول رئيس جمعية منتجي السكر ورئيس اللجنة الزراعة بمجلس الشعب سابقا ان البناء علي الاراضي الزراعية جريمة لاتغتفر حيث انه لايمكن ان نطالب بالحرية دون توفير قوت يومي للمواطنين. وباستمرار البناء والتعديات علي الاراضي الزراعية سنواجه قصورا في جميع المحاصيل الزراعية, مشيرا إلي ان ازمة القمح التي مرت بها البلاد كانت ناقوس خطر لازمة المحاصيل الزراعية وهذا ادي إلي استيراد القمح الروسي بالرغم من ان مصر قادرة علي الانتاج وعدم اللجوء إلي الاستيراد. ويري الغول أن عملية الاستيراد يستفيد منها بعض رجال الأعمال لكن مع حسن استغلال الأرض الزراعية والاهتمام بها ستنجح مصر في انتاج جميع المحاصيل من فواكه وخضراوات وقمح وذرة وسكر وهو ما يؤدي الي تحسين الاقتصاد وتشجيع الحاصلات الزراعية لتكون مصدرا أساسيا للدخل وألا نسمح لأي جهة في الاستعانة بها لتوفير الحاصلات الزراعية مطالبا بضرورة رفع أسعار الحاصلات الزراعية ليكون365 جنيها للقمح,300 جنيه للقطن, و300 جنيه للقصب ويشير الي ضرورة تعاون أكثر من جهة لتنظيم عمليات البناء السافرة وتحسين استغلال الأراضي الزراعية وتطوير انتاجيتها وذلك بتعاون مجلس الوزراء ووزارة التضامن والزراعة والري ووزارة الصناعة والتجارة مؤكدا ضرورة تقليل عمليات الاستيراد الفترة المقبلة وتدعيم المنتج والمستهلك معا وتقديم دعم للفلاحين الذين هم أكثر الفئات تأثرا بالأزمة لذلك يجب الوقوف ضد الهجمة الشرسة من عمليات البناء للمساعدة في زيادة موارد الدولة الفترة المقبلة. وأكد عبدالعزيز قاسم عضو غرفة البناء باتحاد الصناعات أن أسعار مواد البناء ارتفعت بشكل ملحوظ نتيجة زيادة الطلب علي مواد البناء وزيادة معدلات البناء بشكل عشوائي كما أن المصانع توقفت عن الانتاج خلال الفترة السابقة من حيث انتاج الحديد والأسمنت وبدأ الغزو بالمحافظات واللجوء الي التجار القطاعي وهذا ادي الي رفع الأسعار خلال هذه الفترة لكنها عادت الي الاستقرار حيث يصل سعر الأسمنت إلي540 جنيها والحديد4600 جنيه للطن. في حين يقول سيد طه رئيس النقابة العامة للبناء والتشييد ان هناك قانونا لتجريم البناء علي الأراضي الزراعية وكان يعطل في أوقات الانتخابات وهذا ادي الي فقدان8 ملايين فدان موضحا أنه ليس من مصلحة مصر والمصريين أن يستمر هذا النزيف وانه من المتوقع مع الزيادة السكانية أن تزداد هذه العمليات العشوائية. ويضيف أن50% من المحاصيل الزراعية يتم استيرادها لذلك يجب أن تنفذ عقوبة تجريم البناء علي الأرض الزراعية لتصل الي الحبس. وألقي بالمسئولية علي وزارة الزراعة والحكم المحلي في حالة استمرار التعدي سواء بالبناء أو استغلال التربة في صناعة الطوب الأحمر. أما الدكتور سعد نصار مستشار وزير الزراعة فقال إن الوزارة تعمل حاليا بابلاغ إدارات لحماية الأراضي والمحافظات لتنفيذ عقوبات فورية تمنع التعدي خلال الفترة المقبلة وذلك بالتعاون بين جهاز المتابعة الدورية والشرطة وذلك علي مستوي جميع المحافظات علي أن يتم تنفيذ اجراءات فورية بدون الحاجة الي قرار وزاري ويتم تنفيذ إزالة التعديات علي أن يتحمل القائم بالتعديات تكلفة الازالة وهناك حصر بجميع الأراضي المعتدي عليها ومنع حدوث مزيد من التعديات. وأكد أن الدكتور أيمن أبوحديد وزير الزراعة واستصلاح الأراضي وافق علي تفويض مديري مديريات الزراعة بالمحافظات للقيام باختصاصات وزير الزراعة بالمحافظة التي يتبع لها كل مدير مديرية وذلك لحصر جميع مساحات الأراضي الزراعية التي تم تحويلها للبناء والتعدي عليها خلال الأزمة الراهنة. وأضاف أنه ستتم مواجهة تخصيص قرارات الترخيص لاقامة المنشآت علي الأراضي الزراعية خلال هذه الفترة للتأكد من سلامة وقانونية اجراءات البناء علي الأراضي الزراعية بجانب التأكد من وجود شبهات فساد بها, كما تقررت سرعة اتخاذ الاجراءات اللازمة للحد من التعدي علي الأراضي الزراعية موضحا أن الوزارة تستهدف البدء في تنفيذ خطة عاجلة لإصلاح السياسات الزراعية بما يحقق التنمية الشاملة للقطاع الزراعي بالدولة ورفع مستوي معيشة المزارعين لتهيئة المناخ للنهوض بالقطاع الزراعي.