اتفقت نكسة يونيو مع حارس مرمي النادي الأهلي الأسبق مروان كنفاني علي حرماني من الاستمتاع بمهارات وفن ولعب وأهداف, ثعلب الملاعب الكابتن حمادة إمام- يرحمه الله-, النكسة جمدت النشاط الرياضي سنوات وفوتت علي طفولتي المولعة بصنوف كرة القدم- شراب وبلاستيك وكاوتش وجلد فرصة مشاهدة هذا اللاعب الفذ الذي سمعت عنه وعن طواعية ولين الساحرة المستديرة بين قدميه حكايات ممن أكبر مني سنا جعلتني من عشاقه ومحبيه دون أن أراه, والاذن تعشق قبل العين والرأس والقدم أحيانا, ولطالما كنت اردد وأطفال الحي هتاف جماهير الزمالك الغفيرة التي كانت تجوب الشوارع عقب كل انتصار للأبيض يكون فيه لحمادة إمام اليد الطولي بص شوف..حمادة بيعمل ايه. أما مروان كنفاني فقد استكثر علي رؤية الثعلب عيانا بيانا لمباراة واحدة كاملة, فقد كانت المرة الأولي والأخيرة- لسوء حظي بعد عودة الحياة للملاعب في عام1971 بعد النكسة وسنواتها العجاف رياضيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا, عندما اعترض كنفانيعلي ركلة الجزاء التي احتسبت للزمالك وشهد اللقاء أحداث عنف أدت إلي إيقاف بطولة الدوري, ثم كانت حرب أكتوبر, ولم يجد الثعلب الذي ظلم من جراء حربين بينهما كنفاني مفرا من الاعتزال عام1974, لتحرم الجماهير العريضة من أحد أبرز أعمدة الفن والهندسة, وعنوان الالتزام والأخلاق الرياضية, ويكفيه أنه لم ينلإنذارا طوال مسيرته الكروية. وإذا كانت الظروف قد حالت دون مشاهدتينجوم كرة القدم في عصر الستينيات الذهبي سواء كان للفارق العمري, أو لما ذكرته في بداية المقال, غير أنني منذ عودة منافسات الدوري من جديد بعد انتصار أكتوبر73 أصبحت متابعا جيدالمباريات الدوري العام وكأس مصر والمنتخبالوطني وحتيالدورات الصيفية الرائعة التيخرجت ولم تعد, ولا اعرف سببا لاختفائها, فهي خير إعداد للفرق الكروية استعدادا للمواسم الجديدة بدلا من المعسكرات الداخلية والخارجية المكلفة للغاية والفاشلة للغاية, فمازالت ذاكرتي حتي الآن محفور داخلها سحرة ومهرة وفلتات وايقونات كرة القدم المصرية, الذين كانوا قدوة أخلاقية ومثل أعلي رياضيا, عزفوا بأقدامهم سيمفونيات خالدة, وقدموا لنا عروضا كروية ساحرةفي سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي قبل ان يطل علينا شبح الاحتراف الوهمي الذي دمر اللعبة والأندية ومشجعيها واللاعبين. كان للكرة مذاق خاص, وكان الهدف الأوحد للاعب هو فوز ناديه وإسعاد جماهيره, وإذا نال بدل انتقال أو مكافأة فوز ياسعده يا هناه, علي عكس اللاكرة التي لم تعد تلعب, ولم نعد نشاهدها إلا قليلا, وإن شاهدناها سدت أنفسنا, مما نراه من كر وفر إلا فيما ندر, وبغددة وعنطزة وتمرد أشباه اللاعبين علي أنديتهم التي دفعت فيهم الملايين, ولم تجن منهم هي والجماهير سوي الضغط والسكر العصبي والهسهس, بعدما أصبحنا نبحث عن الهدافوصاحب المهارات وصانع الألعاب, وبلدوزر المجهود السخي, والشويط, والجناح الطائر, والمدافع الصلد, والحارس العملاق فلا نجد فنترحم علي أيام كوكبة من صانعي البهجة. منح الله الصحة وطول العمر لكباتن أفذاذ بحجم حسن شحاتة ومحمود الخطيب وحسن مختار واكرامي وحسن علي وعادل المأمور ومصطفي رياض وعلي خليل ومصطفي عبده وعبدالعزيز عبدالشافي وأنوس والسناري والجارم وحمدي نوح وأسامة خليل وطاهر الشيخ ومحمود الخواجة ومختار مختار وفاروق جعفر والبابلي وعماشة وسعد سليط, ورحم كباتن من طراز الشاذلي ومسعد نور والسياجي وثابت البطل وطه بصري وإبراهيم يوسف ومحمد حازم وحسن درويش وبوبو والبوري, وثعلب الكرة المصرية ونجمها حمادة إمام علي قدر ما أسعدونا وأمتعونا بفنهم الكروي ودماثة أخلاقهم. ت [email protected]