تشابهت النتائج ولكن الأسباب مختلفة.. فقد أعاد إلى الأذهان قرار تجميد النشاط الكروى عقب أحداث بورسعيد.. حادثة اقتحام جماهير ناديى الأهلى والزمالك أرض الملعب خلال مباراتهما عقب نكسة 67 وما ترتب عليها من صدور قرار سيادى بتجميد النشاط الرياضى وقتها، بجانب العام الذى شهد حرب تحرير سيناء عام 73.. ورغم اختلاف الأسباب فإن النتائج متشابهة خاصة حالة الاعتزال الجماعى الذى أصاب العديد من نجوم الستينيات عقب النكسة وهى نفس الحالة التى يمر بها لاعبو الجيل الحالى الذين تخطوا أغلبهم الثلاثين من العمر وأصبحوا مهددين بالاعتزال فى أى لحظة. القرار الذى يعد بمثابة إعدام لتاريخ اللاعب ولكن هذه المرة ليس بإرادته الشخصية ولكن بإرادة جهات سيادية! ومنهم من يبحث عن الرحيل أو الهروب من الجحيم وأيضاً هناك من قررت أنديتهم إعارتهم أو بيعهم لأندية أخرى! وهى الحالة يشهدها نادى المصرى البورسعيدى بعد إقرار هبوطه لدورى الدرجة الثانية وتجميد النشاط الكروى لمدة عامين، حيث قرر كامل أبو على رئيس النادى الموافقة على إعارة «8» لاعبين لكل من الزمالك والإسماعيلى، وكذلك تعاقد مسئولى سموحة فى مفاوضات مع «6» لاعبين آخرين من الفريق البورسعيدى، وأيضاً دخول الاتحاد السكندرى فى مفاوضات مع كريم ذكرى.. بخلاف سعى بعض اللاعبين لافتعال المشاكل كالحالة الأخيرة التى شهدها نادى الزمالك بالاختفاء المفاجئ لميدو ثم رجوعه مرة أخرى لتدريبات الفريق بعد حالة التصالح التى فسّرها بعض الخبثاء أن ميدو استعاد عقله وأفاق بعد موقف عمرو زكى (الذكى) بالتنازل عن نصف مستحقاته الأمر الذى جعل جماهير الزمالك ترفع زكى على الأعناق وتهتف بعدم عودة (ميدو)!! يروى محمود بكر نجم فريق الأوليمبى فى الستينيات أن حادثة «مروان كنفانى» حارس فريق الأهلى فى ذلك الوقت أثناء مباراة فريقه مع الزمالك ونزول الجماهير إلى أرض الملعب أعطت الفرصة للمسئولين السياسيين بعد نكسة 1967 إلى التذرع بتلك الحادثة وإلغاء النشاط الرياضى برمته وأن البلاد ليست فى ظروف مناسبة لاستكماله فى ظل الأجواء الصعبة وقت حرب النكسة والانكسار النفسى الذى أصاب الجميع مع تفضيل التركيز فى هذه الحرب، ووقتها انصاع جميع الرياضيين وحتى الجماهير لذلك القرار بدافع الحس الوطنى. وشدد بكر على أن الوضع بعد النكسة يختلف كثيراً عن الوقت الحالى ومن الصعب المقارنة نظراً لاختلاف السلوكيات فبعد النكسة التزم الجميع بقرار وقف النشاط، أما حالياً فالجماهير تتحدى أى قرار وترفض أى شىء، وحتى الأجواء الصعبة التى تحدث فى الشارع تنعكس داخل الملعب وهناك حالة من العصيان غير المبرر ولم يعد هناك تقدير. وعدد بكر العديد من أسماء النجوم الذين تسبب توقف النشاط الرياضى بالستينيات إلى إجبارهم على الاعتزال، ففى الأوليمبى هناك بدوى عبد الفتاح، وفاروق السيد، البحر جسور، سكران، محمود بكر، وفى الاتحاد «أباظة، خواجه، أحمد صالح، فؤاد مرسى»، وفى الترسانة «حسن الشاذلى، مصطفى رياض، أبو العز، محمود حسن، إبراهيم الخليلى»، وفى الزمالك «حمادة إمام، الجوهرى، رأفت عطية، وأحمد رفعت»، وفى الأهلى «مروان كنفانى، عادل هيكل»، وكذلك فى الإسماعيلى وغيرهم.. وفى ذلك التوقيت كان الإسماعيلى مشتركا فى بطولة دورى أبطال أفريقيا وتم تدعيمه بلاعبين من أندية أخرى وتمكن وقتها من حصد البطولة أمام فريق أنجلبير، وحصد أثناء السبعينيات بطولة العرب التى أقيمت فى العراق. وفى النهاية أكد أن حظوظ اللاعبين فى الوقت الحالى أفضل بكثير من الستينيات فالاحتراف الآن مفتوح، فى الوقت الذى لم يحترف فيه بعد النكسة سوى طه بصرى وحسن شحاتة! حسن الشاذلى نجم الترسانة فى الستينيات يؤكد على أن بعد «67» اعتزل جيل كامل لكن الوقت الذى توقف فيه النشاط الرياضى وقتها وصل إلى «6» سنوات حتى عام 1973 وليس شهورا فكان كل من كبرت سنه من اللاعبين وقد أهمل فى نفسه فيتخذ قرار الاعتزال على الفور. ويشدد الشاذلى على أن هناك لاعبين تخطوا حاجز ال 30 عاما وقرار توقف النشاط الحالى يسهم فى اعتزالهم المبكر لأن اللاعب، كلما كبرت سنه فإنه يحتاج لمزيد من التدريبات والمباريات فى الظروف العادية، فما بالنا بتوقف نشاط كامل ولا ممارسة فيه سوى بعض تدريبات ومباريات ودية وأخرى أفريقية لثلاثة أندية فقط، وما يقرب اللاعب أكثر من الاعتزال هو إحساسه بالإحباط النفسى..!! ومن الطبيعى جداً أنه مادام هناك توقف لعجلة الكرة فتوقع مزيدا من المشاكل خاصة أن الأندية مفلسة وقد يطالب لاعبون بالرحيل، مما يعنى القضاء على جيل كامل من اللاعبين الذين حصدوا ثلاث بطولات أفريقية على التوالى بخلاف بطولات الأهلى والزمالك والإسماعيلى! بخلاف اتجاه عدد كبير من المدربين لإنهاء عقودهم مع أنديتهم مثل طارق العشرى الذى أنهى مشواره مع حرس الحدود واتجاه طه بصرى للرحيل من بتروجيت. أما أحمد رفعت نجم الزمالك فى الستينيات، فقد روى أن نكسة «67» كانت شاملة لكل أرجاء الحياة فى مصر وليس كرة القدم فقط فكان يوجد وطن ينتكس، لكن الوقت الحالى هذه حالة عارضة تنتهى بعبور بوابة انتخابات الرئاسة ووقتها سيعاد الوضع إلى ما كان عليه خاصة مع استقرار الحالة الأمنية. ويؤكد على أن توقف أى نشاط رياضى بمثابة إعدام للاعب الكرة حيث يفقد الطموح ومتعة أداء المباريات والفوز وكذا يفتقد الاحتكاك والخبرة والقدرة على تنمية المستوى البدنى والفنى والتجهيز المستمر.