صدر حديثا كتاب القصة القصيرة.. قضايا النشأة والتطور والانتشار في الثقافات الإنسانية للدكتورة فاتن حسن عن دار نفرو للنشر. ويقع الكتاب في100 صفحة من القطع المتوسط ويضم خمسة فصول, تتبع نشأة القصة القصيرة بمعناها الفني الحديث في الغرب ثم في البلاد العربية, وذلك كما ذكرت الكاتبة لأن القصة القصيرة فن حديث العهد لم تعرفة الآداب الغربية إلا مع النصف الثاني من القرن التاسع عشر, وهذا بخصوص الشق الأول من الدراسة التي يضمها الكتاب, أما الشق الثاني فهو محاولة للوقوف علي بعض الخصوصيات الجمالية للقصة القصيرة, والتي اتفق النقاد علي انها من جماليات القصة أو التي ابتكرها بعض كتابها, وذلك مثل فنون السرد المختلفة, بصري وسمعي وغنائي, واللغة, ولحظة الكشف النهائية أو ما تسمي بلحظة التنوير, وغيرها من ظواهر اسلوبية أخري, تدخل في النسيج العام للقصة, وذلك عن طريق طرح نماذج متنوعة للقصة القصيرة, في الآداب الغربية والعربية, منذ القرن التاسع عشر وحتي النصف الثاني من القرن العشرين. وتؤكد فاتن في مقدمتها أنه لا يوجد للقصة القصيرة أصول وقوانين مضطردة, وإنما هي تقاليد خصصت لهذا الفن الوليد, اتفق عليها كتاب القصة علي مدي أجيال متتابعة, وهي ليست مجرد قصة تقع في صفحات قليلة, بل هي لون من ألوان الأدب الحديث, له خصائصه ومميزاته واشكاله الخاصة. وفي الفصل الاول بدء ظهور القصة في الآداب الأوروبية تشير فيه الكاتبة إلي بداية كتابة القصة القصيرة في تاريخ الآداب الغربية الذي جاء في عدة محاولات شهدها منتصف القرن التاسع عشر, لكنها كانت قصص قصيرة من حيث الحجم فقط وليس من ناحية الشكل, ورغم ذلك كانت هناك محاولات يمكن ذكرها لكتابة القصة في روما بالقرن الرابع عشر, وأولي هذه المحاوللت كانت لكاتب يدعي بوتشيو وبدأ حياته الأدبية في السبعين من عمره وأطلق علي الشكل الأدبي الذي يقدمه أسم الفاشيتيا, والمحاوله الثانية في القرن ذاته كانت للكاتب الإيطال جيوفاني بوكاتشيو صاحب قصص الديكامرون أو المئة قصة, ولكن في النصف الثاني من القرن التاسع عشر جاء جي دي موباسان بتصور جديد للقصة القصيرة وكان ينتمي لمدرسة العصريين الطبيعيين الذين حاولوا تصوير الحياة في رواياتهم تصويرا واقعيا. ولا يمكن انكار دور الفلاسفة وعلماء النفس والإجتماع في مساعدة الأدباء لكتابة قصص تمس أعماق النفس البشرية وأبرزها قصة المسخ للكاتب التشيكي كافكا, ثم بعد ذلك ظهرت قصص الخيال العلمي والبوليسية, وبهذا المفهوم الواقعي بحسب الكاتبه جاءت القصة أعظم الأجناس الأدبية خطرا, فيها يصور الإنسان لا علي أنه نموذج عام يصلح لكل عصر وبيئة, ولكن علي أنه مخلوق حي ذو جوانب نفسية متعددة وفي الفصل الثاني الذي يتناول ظهور القصة في الآداب العربية, تؤكد فاتن ان القصة قبل العصر الحديث لم يكن لها شأن يذكر في الادب العربي, ثم تستعرض تاريخ نشأة هذا الفن عند العرب, لتصل إلي ظهور القصة في مصر وتقدمها بسبب الكتاب الغير راضين عن الترجمات المشوهه للقصص الأجنبية, وبعد انقلاب يوليو خرج جيل جديد من الكتاب ذو الفكر الثوري أشهرهم يوسف إدريس الذي كان له الدور الريادي في استعادة السيادة السابقه للاتجاه الواقعي في الخمسينيات, وتم منحها جوهرا جديدا علي يد أخرين أتوا من بعده أمثال يحيي الطاهر عبد الله, محمد البساطي, وصنع الله ابراهيم, ويوسف أبو رية وغيرهم. أما الفصل الثالث الخصوصيات الجمالية للقصة في الآداب الإنسانية المختلفةفيحتل بناء القصة القصيرة جزء كبير من هذا الفصل ومن أهم الخصائص أن يكون الخبر الذي تقوم عليه القصة ينتمي لأحداث ذات معني, وأن يكون لهذه الخبر بداية ووسط ونهاية, والركن الثالث هو المعني الذي تحمله القصة من أولها لآخرها. وتقدم د. فاتن في الفصل الرابع نماذج مختارة من القصة القصيرة في الآداب الإنسانية المختلفة مستعينة ببعض الآراء النقدية للكاتب والناقد يحيي حقي عن فن القصة. والفصل الخامس والأخير تخصصه الكاتبة عن يوسف ادريس بعنوان هذا الفرفور الأسطورة والذي تحاول فيه الكاتبة أن تبحث في المرتكزات الأساسية لفن القصة القصيرة عند ادريس, بغية الوصول لفهم عميق للمغزي العام لكثير من قصصه, استنادا لمنهج نقدي يحاول أن يحيط بأبعاد التجربة الإبداعية المترامية, وهذا أيضا لمعرفة مدي تأثير إدريس علي فن القصة القصيرة بمفهومها المصري, ومعرفة دوره في تحويل مسارها التاريخي, حتي أخذت صورتها التي عليها الآن.