لا يزال عقلي غير قادر علي استيعاب حالة الفصام التي تعاني منها الدولة الأمريكية شعبا وحكومة وسياسة ومنهجا وثقافة, ففي الوقت الذي أقيل فيه الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون لمجرد أنه حنث في يمين أمام محكمة أثناء سؤاله في قضية تحرشه بمونيكا الشهيرة, حين خرج الشعب الأمريكي مستنكرا تصرف الرئيس الذي أنكر علاقته بالسيدة مونيكا, وقامت الدنيا ولم تقعد علي مستوي أمريكا والعالم كله إلا بعد إقالته, وفي المقابل يمارس كل رؤساء أمريكا المتعاقبين الكذب البين علي العالم كله دون أن يطرف لهم جفن, ودون أن يحرك الشعب ساكنا ليسألهم عن سبب الأكاذيب التي أتقنوها ودفعوا كل شعوب الأرض دفعا لتصديقها بكل حرفية وإتقان,ضاربين بكل قوانين حقوق الإنسان وشعارات الديمقراطية والشفافية والمصداقية والحريات عرض الحائط علي مستوي العالم. فتلك الحالة من الانفصام الواضحة تحتاج إلي دراسات نفسية واجتماعية دقيقة من متخصصين في هذه العلوم,ليقدموا لنا تفسيرا يقبله العقل. فعلي مدي الشهور القليلة الماضية,تكشفت عدة حقائق في الظهور,وجميعها تؤكد علي حقيقة واحدة,وهي أمريكا الكاذبة, لنكتشف أن تلك الدولة التي تنادي بالحريات وتجرم الكذب وتنادي بالشفافية,هي أكثر دولة في تاريخ الكرة الأرضية مارست الكذب والخداع علي العالم كله وليس علي شعبها فقط,فعندما تعلن وكالة ناسا مؤخرا أن ظاهرة الأطباق الطائرة التي شغلت أذهان العالم كله في الستينيات وأشعلت الرعب في نفوس البشر في كل أرجاء الأرض بأفلام أمريكاني,لم تكن أطباقا فضائية قادمة من كواكب أخري,بل كانت طائرات للتجسس علي الدول الأخري علي مستوي العالم,وعندما يعترف نورمان هودجز, الضابط المتقاعد بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية,وهو يحتضر بقتله الفنانة الإغراء الأمريكية مارلين مونرو منذ53 سنة,بأوامر من السي آي آيه الأمريكية ليس لعلاقتها بالرئيس الأسبق كينيدي,بل تخوفا من نقل أسرار أمريكية لرؤساء دول أخري كانت علي علاقة بهم,والأخطر هو اعتراف نفس الضابط بتصفية ما يزيد علي37 من العلماء والفنانين شكلوا خطرا علي مصالح الولاياتالمتحدة. وأخيرا..عندما يكشف موقع روسيا اليوم النقاب عن اعترافات المخرج الأمريكي ستينلي كوبريك التي سجلت له قبل وفاته منذ16 عاما واشترط عدم نشرها إلا بعد مرور15 عاما, ليفضح أكبر تمثيلية في تاريخ البشرية ويعترف أنه أخرج مشاهد هبوط نيل ارمسترونج علي سطح القمر داخل ستديوهات علي الأرض,وأن وكالة ناسا افتعلت التمثيلية للتغطية علي نجاح الاتحاد السوفيتي في إرسال يوري جاجارين للفضاء,وهذا ليس ببعيد عن أكذوبة حرب النجوم التي أشاعتها أمريكا أثناء الحرب الباردة لترعب العالم كله بمنصة إطلاق صواريخ من الفضاء عبر أقمار صناعية تنتشر بالفضاء..ألا يكفي هذا لضرب مصداقية هذه الوكالة الفضائية في مقتل؟ ولاتزال حاضرة في الذهن الكثير من الأكاذيب التي تمارسها أمريكا لتوهم العالم كله بأنها قوة لا تقهر واقتصاد لا ينهار وقدرات لا تهزم,فمن صناعتها تنظيم القاعدة إلي صناعتها داعش,ومن قبلها صناعة كيان محتل تحميه بكل ما تملكه من قوي,وهو الكيان الإسرائيلي الذي يحتل فلسطين بأكذوبة الحق التاريخي في الأرض التي طردوا منها قبل آلاف السنين. والمؤسف في الأمر أنه رغم وضوح ووقاحة الأكاذيب الأمريكية,إلا أن أمريكا لا تشعر بالخجل ولا أبدت أسفا ولاعتذارا عما سببته من دمار لدول وقتل لملايين البشر,وما سببته من رعب لمن بقي حيا علي وجه الأرض,والأغرب أن الشعب الأمريكي لا يلقي بالا ولا يحرك ساكنا وكأن هذا الكذب يختلف عن كذبة كلينتون,ولا تزال أمريكا تمارس أكاذيبها,ليس لأنها الأكثر قوة وذكاء,ولكن لوجود كثير من البلهاء يصدقون أنها قوة عظمي وتمثل نموذجا للحضارة والديمقراطية والحريات.