بعد مرور أكثر من أربع سنوات علي اندلاع الحرب السورية ومقتل ما يزيد علي300 ألف سوري ونزوح ما يقدر بعشرة ملايين غيرهم إلي دول الجوار وغيرها من دول العالم..هل تسعي واشنطن حقا لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية بإيفاد وزير خارجيتها جون كيري إلي موسكو للتباحث مع المسئولين الروس لإيجاد توافق علي عملية انتقال سياسي للسلطة في هذا البلد المنكوب برئيسه بشار الأسد؟ وهل قررت الولاياتالمتحدة الآن التدخل لوقف هذه المهزلة, وهي التي اكتفت بدور المراقب للصراع الدموي الذي اجتاح سوريا منذ بدايته قبل أكثر من خمسين شهرا أريقت فيها أنهار من دماء السوريين, فقتل منهم الآلاف ببراميل بشار المتفجرة, وطمروا تحت أنقاض قذائفه الصاروخية وحلفائه في طهران, وذبحوا بأيدي مؤيديهم من عناصر حزب الله؟ زيارة كيري لموسكو التي بدأت أمس بهدف معلن وهو بحث طرق إيقاف نزيف الدماء السورية, وسبل تحقيق توافق علي عملية انتقال السلطة بشكل سياسي, وإجراء حوار بين الأسد ومعارضيه علي طاولة المفاوضات, وفقا لتصريحات كيري نفسه, ربما تحاول التوصل إلي صيغة سياسية لوقف الهجمات الروسية علي مواقع تنظيم داعش الإرهابي الذي تدعمه واشنطن, بعدما أثبت الروس جديتهم في التصدي لهذا التنظيم الإرهابي علي الأرض بفاعلية كبيرة وكبدوه خسائر فادحة, الأمر الذي أزعج الأمريكيين وحلفاءهم الإقليميين في المنطقة نظرا لتأثر مصالحهم بشكل مباشر التي جنوها من وراء داعش. فالثابت أن الولاياتالمتحدة وحلفاءها يعنيهم بقاء وضع داعش علي ما هو عليه لتمكينه من سرقة البترول العراقي والسوري من المناطق التي يسيطر عليها, وتهريبه عبر تركيا من خلال خطوط أنابيب وشاحنات نفط, لتأخذ تركيا حصتها منه وتقوم بتصدير باقي الكميات إلي كل من إسرائيل وأمريكا بأسعار رمزية لا تزيد علي عشرة دولارات للبرميل الواحد, لتحقق هذه الدول أرباحا يومية طائلة من حصيلة بيع هذه الكميات الهائلة لحسابها من النفط المسروق في الأسواق الدولية بالأسعار العالمية. تصريحات عديدة لمسئولين عسكريين عراقيين سبق أن أكدت أن الطائرات الأمريكية اعتادت إسقاط مساعدات لوجيستية فوق المناطق التي يسيطر عليها داعش في العراق, وكذا فعلت الطائرات الأمريكية الحربية الأمر نفسه فوق الأراضي السورية, بينما كانت واشنطن تعلن بأن هذه المساعدات أسقطت بطريق الخطأ! ما يؤكد الدور الأمريكي المشبوه في دعم وتقوية هذا التنظيم الإرهابي, مع ادعاء أنها توجه ضربات جوية له للقضاء عليه. هذا بخلاف ما تضخه حليفتها تركيا من أطنان الأسلحة والذخائر للتنظيم نفسه بالتنسيق مع واشنطن لمساعدته علي إذكاء حالة الاقتتال وعدم الاستقرارفي المنطقة في مواجهة الجيشين العراقي والسوري, وغيرهما من تنظيمات المعارضة المسلحة في الجانب السوري.. ليواصل التنظيم سرقة البترول من البلدين وتوريده يوميا لأنقرة..هذا هو المشهد علي الأرض. أما المشهد الذي تريد الولاياتالمتحدة تصديره للعالم فيتمثل فيما أعلنه كيري أمس في موسكو خلال لقائه بنظيره الروسي سيرجي لافروف قبيل لقائه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين من رغبة بلاده في إيجاد توافق مع الروس قبل عقد اجتماع دولي متوقع بعد غد في نيويورك لبحث عملية انتقال سياسي في سوريا. تصريحات وزير الخارجية الأمريكي التي تهدف في الأصل لتهدئة نشاط الدب الروسي في محاولاته الجادة لاجتثاث داعش تحت دعوي البحث عن حل سياسي للأزمة جاء فيها: من المفيد للعالم بأسره حين تكون دولتان قويتان لهما تاريخ طويل مشترك, قادرتين علي إيجاد توافق بينهما. آمل اليوم ان نكون قادرين علي إيجاد توافق. زيارة كيري وتصريحاته التي لم تخل من غزل للدب الغاضب, تكشف أن الزيارة وراءها عرض أومساومة بشأن وضع الأسد( حليف موسكو) بشرط تخفيف الروس من وطأة هجماتهم علي داعش, وربما يحمل كيري في جعبته عروضا أكثر إغراء للمسئولين الروس في ملفات خلافية أخري بين البلدين من أجل حماية داعش وما يجلبه للأمريكيين من مكاسب مالية.. فهل سيقبل الروس العرض الأمريكي؟