علي مصر قيادة مشروع عربي موحد لمواجهة التطرف والإرهاب, لأنها العمود الفقري للأمةالعربية, بهذه العبارة استهل الإعلامي والشاعر اللبناني المعروف, حديثه لالأهرام المسائي, في حوار لم يفتقد الجرأة أو الصراحة, واتسم بالبوح والغوص في أدق تفاصيل الميدان الفني والإعلامي, والظروف التي تحيط بالعالم العربي في الفترة الحالية. زاهي وهبي,قدم البرنامج الأسبوعي خليك بالبيت لمدة15 عاما علي شاشة تليفزيون المستقبل, ثم انتقل إلي قناة الميادين عام2011 ليقدم برنامج بيت القصيد, وله11 ديوان شعر و4 كتب مختارات شعرية و5 كتب نثرية, عرف عنه مواقفة الداعمة للقضية الفلسطينية في مواجهة الاحتلال الصهيوني, ومنح الجنسية الفلسطينية عام..2005 الأهرام المسائي إلتقت وهبي أثناء مشاركته في مؤتمر عن الثقافة العربية بمكتبة الإسكندرية, وإلي نص الحوار. في البداية.. حدثنا عن تجربة انتقالك للعمل في قناة الميادين بعد استمرار دام15 عاما بقناة المستقبل؟ - مع الأسف قناة المستقبل تراجعت خلال الفترة الأخيرة, ولم يكن أمامي سوي البحث عن بديل أو خيار آخر, لأني لا استطيع أن أبذل جهدا في تحضير برنامج وتقديمه واستضافة شخصيات إبداعية كبري ولا يشاهدها أحد, ولا اتحدث هنا عن المستقبل بالتحديد ولكن الإعلام اللبناني بشكل عام تراجع. وفي رأيك.. ما السبب وراء هذا التراجع؟ - هناك عدة أسباب ومن أهمها انغماس الإعلام اللبناني في القضايا الداخلية دون التطرق لقضايا أخري تهم المواطن العربي, وانقسامه علي شاكلة الانقسام السياسي اللبناني, بالإضافة إلي شح الموارد المالية وضعف الإعلانات. هل عوضك الميادين عما فقدته في المستقبل؟ - وجدت فيها برنامجا ثقافيا- بيت القصيد- إذ كونها قناة إخبارية وليست منوعات فبالتالي هي لا تبحث عن برامج ترفيهية بقدر بحثها عن برامج جدية, ولذلك المنسوب الثقافي في بيت القصيد أعلي منه مما كان الحال عليه في خليك بالبيت المقدم علي قناة المستقبل, والميادين لا تريد مني استضافة النجوم التجاريين الذين يجذبون نسب مشاهدة عالية, بقدر تركيزها علي استضافة أدباء ومثقفين وفنانين علي قدر عال من الثقافة. وهذا مريح بالنسبة لي ويتلاءم مع ما أسعي إليه بالعمل الإعلامي, إذ بعد التجربة والسنين التي قضيتها في الإعلام لست باحثا عن الشهرة أو الانتشار ولكن اسعي إلي تقديم برنامج ثقافي معرفي, في ظل تقصير القنوات الفضائية العربية في هذا الإطار والتي أصبحت مكتظة ببرامج المنوعات, وفي الوقت نفسه لا أستطيع ان أجاري القنوات العملاقة التي تنتج برنامجا ترفيهيا بملايين الدولارات. هل تلقيت عروضا للعمل في الفضائيات المصرية علي غرار المذيعين والمذيعات اللبنانيين الموجودون حاليا بالقاهرة؟ - أنا من أوائل الذين تلقوا عروضا للعمل في القنوات المصرية, ففي عام2007, قدمت قناة الحياة لي عرضا مغريا ومؤخرا قبل عام قدمت قناتا المحور ودريم عروضا أيضا, ولكن لم تسمح الظروف بأن تصبح هذه العروض مشاريع قائمة في الواقع. والعمل في مصر ينبغي أن يكون طموحا وهدف أي إعلامي عربي, فمصر أم الدنيا خاصة في مجال الإعلام والفن, فأنا دائما ما أطلق علي مصر مسمي منجم المبدعين العرب وقبلتهم, في مختلف المستويات سواء السينما أو الدراما التليفزيونية والرواية والشعر والموسيقي. وهذا الرأي ليس مجاملة, وفي برنامج خليك بالبيت علي قناة المستقبل قدمت750 حلقة كان من بينهم حوالي300 ضيف من مصر, أي أن نصف البرنامج يعتمد علي نجوم مصريين, وفي بيت القصيد حاليا هناك عشرات الضيوف مصريون, من بينهم علي سبيل المثال يوسف زيدان والراحل جمال الغيطاني وجمال بخيت وسيد حجاب ونوال السعداوي وخالد يوسف ودينا الوديدي, لذلك أتمني أن يأتي يوم يكون لي تجربة في مصر, وأنا علي استعداد لها. كيف تري متابعة المصريين للقنوات الفضائية غير المصرية؟ - من المعروف أن المصريين لهم قنواتهم التي يتابعونها ولكن هذا الأمر بدأ يتغير قليلا, والآن يستطيع من يريد مشاهدة برنامج معين متابعته علي موقع اليوتيوب, وأنا ناشط علي موقع التواصل الاجتماعي تويتر ودائما ما انوه عن ميعاد البرنامج وأسماء الضيوف. وفي السابق اثناء عرض برنامج خليك بالبيت كنت ألحظ متابعة مصريين له, ودائما ما أقول لزملائي الإعلاميين أنني سعيد بأن دخلت إلي مصر ووصلت إلي المشاهد المصري وانا في بيروت, وهذا انجاز كبير, وقد لا أكون معروف علي المستوي الجماهيري الواسع ولكن علي المستوي الثقافي والإعلامي والنخبوي الذي يتابع البرامج الثقافية, امتلك نسبة مشاهدة عالية وهذا يظهر من خلال التفاعل علي مواقع التواصل الاجتماعي. ما تقييمك لأداء الإعلاميين اللبنانيين في القنوات الفضائية المصرية؟ - أنا غير متابع جيد لكل الإعلاميين, لكن بلا شك أنها تجارب ممتازة وهناك تفاعل مطلوب بين الإعلاميين والمؤسسات العربية, وحسنا تفعل مصر إذ تفتح الأبواب الإعلامية أمام اللبنانيين وهذا أمر يفرحني فهم في النهاية أبناء بلدي واسعد لنجاحهم. حدثنا عن زاهي وهبي الشاعر؟ - أنا لدي حتي الأن11 ديوان شعر, و4 كتب مختارات شعرية, أحدها صدر عن دار الشروق بعنوان تجري من تحتها الأنهار, ولدي5 كتب نثرية عن المسرح وآخر عن المقاهي في بيروت, ولدي كتابين عن فلسطين شعرا ونثرا, وحاليا أحضر ديوانا جديدا هو عبارة عن تغريدات شعرية انشرها علي تويتر وفي عام2016 ستصدر في كتاب. أيهما أقرب إلي قلب زاهي وهبي الإعلام أم الشعر؟ - طبعا الشعر الأقرب إلي قلبي فهو أنا ويعبر عن هويتي, وبالنسبة لي الشعر ليس فقط قصيدة تكتب ولكن هو أسلوب عيش ونمط حياة وطريقة تعامل مع الوجود والكائنات ونظرة إلي العالم بكل ما فيه من أفراح وأتراح, وشاشتي الفعلية الحقيقية, وفيما بعد عندما تنشر في صحيفة أو مجلة يسعدني أن تحظي بإعجاب القراء, أما الإعلام فهو مهنتي والإعلامي هو ملك الآخرين ويحاول إرضاء الأذواق المختلفة. وفي النهاية الكتاب والقصيدة سوف تبقي بعد رحيل صاحبها, أما التليفزيون فيقال عنه أنه بلا ذاكرة, فأين ليلي رستم وآمال فهمي ووجدي الحكيم الآن. هل تخطط لترك العمل الإعلامي والتفرغ لكتابة الشعر؟ - أتمني يوما أن أتفرغ للكتابة وألا افعل أي شيء أخر, فالشعر زي الفريك ميحبش شريك. في رأيك.. ما سبل مجابهة الفكر الإرهابي والمتطرف في العالم العربي؟ - أري ضرورة قصوي لانخراط المثقفين في الحياة اليومية للمواطنين علي كل المستويات بدءا من المستوي المعيشي اليومي وحتي المستوي السياسي العام, بالإضافة إلي ضرورة تجديد الخطاب الفكري والثقافي العربي, يقوم علي لغة تنويرية متسامحة تقبل الأخر وتعترف به. كما نحتاج إلي تجديد الخطاب الديني, فنحن في أمس الحاجة إلي فقهاء متنورين لتفسير النص القرآني وتقديم شروحات معاصرة للسنة النبوية انطلاقا من العصر الذي نعيش فيه من دون المس بالجوهر العقيدي للدين الحنيف, فلا يمكن أن نتصالح مع العالم اليوم ونتفاعل معه بأدوات مضي عليها قرون وليس مجرد عقود, ولن يجدد الخطاب الديني إلا أهله, لذلك نراهن علي الأزهر الشريف, وعلي المراجع الفقهية والفكرية في العالم الإسلامي عند المذاهب المختلفة. كيف تري دور الإعلام في مواجهة الأفكار المتطرفة؟ - ألاحظ للأسف أن لغة التحريض والتفرقة والكراهية تمددت حتي وصلت إلي أقلام الإعلاميين والعاملين في الرأي العام, ونجد أحيانا أن بعض من يصنفون علي الثقافة يكتبون بلغة دهماء, بالطبع المثقف لديه الحرية الكاملة أن يكون له الموقف السياسي أو الأيديولوجي الذي يناسبه, ولكن أيها المثقف عبر عن آرائك كمثقف وليس كمجرد تابع أو غوغاء كما يفعل البعض, ويساهم عدد لا يستهان به من الإعلاميين في تغذية العصبيات ليكسبوا شعبية وتصفيقا علي حساب العقل والوعي, حتي أصبحت وحدة أوطاننا مهددة. هل يوجد ثمة مشروع عربي موحد لنشر ثقافة جديدة مكافحة للتطرف والإرهاب؟ - أتمني أن يكون هناك مشروع عربي موحد في هذا الإطار, وهنا الرهان علي مصر للقيام بهذا الدور, فهي الدولة العربية الأكبر والعمود الفقري للأمة العربية ومن المفترض أن تقودها, فمن غير الطبيعي أن يتولي هذا الدور دول عربية أخري, ونحن نفهم الظروف الصعبة التي تمر بها مصر وأدت إلي تراجع دورها المحوري في المنطقة, ولكن لابد لها أن تنهض من كبوتها وتعود لحمل الراية. وليس من الضرورة أن يكون المشروع القومي العربي, مشروعا لوحدة اندماجية كما حدث في وقت سابق بين مصر وسوريا, والتي وجدت عثرات أدت إلي الانفصال, ولكن يجب التفتيش علي شكل من أشكال الوحدة العربية, والاقتداء بأوروبا التي استطاعت أن تجد شكلا من الوحدة علي الرغم من التنوع العرق واللغة والمذهب, بالإضافة إلي التاريخ المثقل بالحروب الطاحنة فيما بينهم. لماذا تراجعت فئات كثيرة عن تأييد الثورات من وجهة نظرك؟ - بسبب المخاوف من انتشار الإرهاب والتطرف والدماء التي تسيل في أماكن متفرقة من الوطن العربي, كل ذلك يدفع إلي مثل هذه المشاعر, والحقيقة التي يجب الاعتراف بها أن مجتمعاتنا العربية تحتاج أكثر من الديمقراطية فهي في حاجة إلي التنمية الشاملة, فالديمقراطية ليست فقط حق التصويت وصندوق الانتخاب, فهي عملية مجتمعية ثقافية اقتصادية تربوية.