تعتبر منطقة تل الفراعين بوتو التابعة لمركز دسوق بمحافظة كفر الشيخ من أكبر المناطق الأثرية في مصر ليس فقط بما تضمه من آثار نادرة وإنما بما تتمتع به هذه المنطقة من تاريخ موغل في القدم حيث كانت ذات يوم عاصمة مصر السياسية في عصور ماقبل التاريخ وكانت مقصدا للحكام الذين كانوا يشدون إليها الرحال من أجل التبرك..وعرفت منطقة تل الفراعين في كتب التاريخ المصري القديم باسم مدينة بوتو القديمة حيث ظلت هذه المدينة عاصمة لمملكة الشمال علي مدي عقود من الزمان قبل أن يشن عليها الملك نارمر هجوما كاسحا حتي يتمكن من ضمها إلي مملكة الجنوب ضمن خطته لتوحيد مصر في عام32 قبل الميلاد. ويشير أثريون مصريون الي أن مدينة بوتو القديمة كانت المنطقة التي اختصت بحضانة الطفل حورس, بعد أن وضعته أمه إيزيس في الجزيرة المجاورة لها وكانت تسمي أخبيت, وهي المنطقة التي توجد فيها حاليا قرية شابة التابعة لمركز دسوق, ليكون تحت رعاية وحماية الإلهة واجت ربة مدينة بوتو, حتي يكون بعيدا عن بطش عمه.وتبعدمدينة بوتو القديمة عن قرية ابطو التابعة لمركز دسوق بمحافظة كفر الشيخ بمسافة24 كيلومترا, وهي تعد واحدة من أهم المزارات السياحية في شمال الدلتا نظرا لما تضمه من آثار نادرة تروي تفاصيلا من الحياة السياسية لعصر ما قبل التاريخ في مصر القديمة, ويقع تل الفراعين علي مساحة176 فدانا في الشمال الشرقي لمدينة دسوق بكفر الشيخ ويتميز باحتوائه علي العديد من المواقع الأثرية ومن أهمها معبد الآلهة واجت, التي قال عنها الدكتور محمد عبدالمقصود مدير عام آثار الوجه البحري كانت واجت هي المصدر الوحيد لإضفاء شرعية الحكم, حيث كان يتعين علي الملك الجديد أن يذهب إليها لتقديم القرابين, حتي ترضي عنه وتبارك وجوده علي قمة السلطة في البلاد.ويضم تل الفراعين إلي جانب معبد الآلهة واجت أطلالا لمعابد أخري لم يستدل بعد علي أصحابها, هؤلاء الذين ترقد مومياواتهم في أعماق تلك الجبانة الكبيرة التي تعد من أهم آثار المنطقة إذ تضم هذه الجبانة آلافا من التوابيت برميلية الشكل فضلا عن توابيت أخري اتخذت أشكالا غاية في الندرة وعثر علي بعضها منقوشا عليها كتابات توضح طقوس دفن الموتي عند قدماء المصريين, بالإضافة إلي مجموعة تمائم وحلي من تلك التي كانت تستخدم في الزمان القديم. وتمتد منطقة المعابد في تل الفراعين علي مساحة تصل إلي تسعة آلاف متر مربع, لكن الآثاريين المصريين لم يكتشفوا من هذه المعابد سوي معبد واحد فقط بينما تؤكد العديد من الكتابات الأثريةوجود معابد أخري كثيرة لا تزال مطمورة تحت الرمال الكثيفة للمنطقة.ويمتد معبد الآلهة واجت علي مساحة ألف متر مربع تقريبا, وهو محاط بسور من الطوب اللبن, ورغم أن المعبد يعود الي عصر ما قبل الأسرات, إلا أن إضافات أدخلت عليه في عصور تالية ويحتوي المعبد علي بئرين لا تزالان تمتلئان بالمياه حتي اليوم, ويرجح أثريون أنهما كانتا تستخدمان في عمليات التطهير التي كان ينبغي أن يكون عليها مقدم القرابين للآلهة. ويضم المعبد عددا من التماثيل الأثرية من أهمها تمثال ضخم للملك رمسيس الثاني يرجع لعصر الدولة الحديثة إلي جانب تمثال وحيد لالآلهة حور, فضلا عن مجموعة من اللوحات النادرة, من أهمها لوحة تصور الملك تحتمس الثالث, وهو يقدم القرابين لالآلهة واجت. ويرجع اكتشاف منطقة تل الفراعين إلي عالم الآثار الإنجليزي بتري الذي بدأ في عملية مسح شامل للمنطقة منذ العام1898 وحتي العام1910 وقد أسفرت فترة البحث عن العثور علي دلائل تؤكد أن المنطقة هي بعينها بوتو القديمة. وتكشف العديد من القطع الأثرية التي عثر عليها في منطقة تل الفراعين أنها كانت عاصمة مصر السياسية في عصر ما قبل الأسرات حيث كانت مصر تنقسم إلي مملكتين هما مملكة الشمال ومملكة الجنوب وكانت مدينة بوتو هي عاصمة الوجه البحري والدلتا قبل عصر التوحيد.