تطور العلاقات المصرية الإماراتية إلي مرحلة الشراكة الإستراتيجية لم يكن من فراغ أو من قبيل المجاملات البروتوكولية, وإنما جاء استنادا إلي عمق علاقات تاريخية فريدة من نوعها, بدأت منذ تأسيس دولة الإمارات علي يد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان, رحمه الله, وعلي مدي عقود مرت هذه العلاقات بمحطات تاريخية أسهمت في إرساء دعائمها, وتقوية ركائزها. ولا ننسي الموقف التاريخي الذي سجلته أبوظبي بوقوفها الداعم لمطالب الشعب المصري التي خرج من أجلها في ثورة30 يونيو, والذي يستدعي من الذاكرة موقفها المشهود خلال حرب أكتوبر, فإلي جانب دعم الاقتصاد المصري, ألقت الإمارات بكامل ثقلها السياسي لدعم ثورة يونيو إقليميا ودوليا. وجاءت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي الأخيرة إلي الإمارات, لتضيف محطة مهمة في مسيرة العلاقات المصرية الإماراتية, وتنهي الجدل بشأن محاولات واهية للترويج بوجود شروخ في العلاقات المصرية الخليجية, استنادا إلي تباين وجهات النظر حول بعض القضايا العربية والإقليمية, وهو ما بدا واضحا في نتائج المباحثات المصرية الإماراتية التي كشفت عن تطابق الرؤي تجاه الأزمات في سوريا وليبيا واليمن وسبل التعامل مع تداعياتها علي الأمن القومي العربي. التوافق المصري الإماراتي كان لافتا فيما يخص الأزمة السورية, وسبل معالجتها من خلال إيجاد حلول سياسية تضمن أمن وحماية سوريا الموحدة والحفاظ علي مؤسساتها الوطنية وتطلعات شعبها, حرصا علي وحدة الأرض السورية وحقن الدماء في بلد دفع ثمنا باهظا للتدخلات الخارجية والصراعات. وإذا كان الرئيس السيسي قد حرص علي التأكيد مجددا علي التزام مصر تجاه تحقيق الأمن والاستقرار بدولة الإمارات ودول الخليج, والوقوف معا ضد مختلف التحديات, فان الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم, نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي كان حريصا علي التذكير بأن مصر القوية سند وقوة للعرب, وأن العلاقات بين مصر والإمارات ليست دبلوماسية اعتيادية, بل هي علاقات محبة وأخوة وشراكة, وأن مصر وشعبها وقيادتها, كانوا ولا زالوا, شركاء لدولة الإمارات منذ تأسيسها, في كافة المجالات التعليمية والثقافية والاقتصادية والحكومية, وأن العلاقات النموذجية التي بنتها مصر والإمارات تمثل العلاقات العربية بين الأشقاء كما ينبغي. الشراكة الإستراتيجية بين مصر والإمارات أمامها آفاقا واسعة, وإذا كان المسار السياسي يسير في الاتجاه الصحيح إدراكا للمخاطر التي تحيط بالأمة العربية, فإن التحرك علي مسارات التعاون الاقتصادي والاستثماري تحتاج الي المزيد من الاهتمام والتعاون, للاستفادة من التجربة الإماراتية خاصة ما يتعلق بالأداء الحكومي. الشيخ محمد بن راشد عرض علي الرئيس السيسي خلال زيارته لإمارة دبي إستراتيجية دولة الإمارات ورؤيتها حتي عام2021.. كما عرض الجهود التي تبذلها حكومة الإمارات في تعزيز المكانة التنافسية عبر مجموعة من الأنظمة والمؤسسات والمجالس, التي تعمل كفريق عمل واحد لتعزيز التنافسية وتطوير حوكمة المؤسسات وأنظمة وإجراءات كافة الوزارات والهيئات.. إلي جانب تجربة تنفيذ وتطوير استراتيجيات طويلة المدي ووضع أنظمة لمتابعة الأداء في كافة الوزارات والهيئات الاتحادية.. والعمل علي تطوير جيل جديد من القيادات الحكومية, بالإضافة لبرامج تطوير الخبراء والمتخصصين في مجالات الجودة والابتكار في القطاع الحكومي. المطلوب في المرحلة الحالية, أن تتجه جهود الشراكة الإستراتيجية المصرية الإماراتية إلي تطوير الأداء الحكومي, ربما في إطار ما يمكن أن يطلق عليه الشراكة الإستراتيجية الحكومية.. والأمر يحتاج فقط إلي إرادة ومبادرة مصرية علي أن يتم وضع هذا الملف ضمن مسئوليات الدكتور سلطان الجابر, وزير الدولة الإماراتي, الذي تكشف الانجازات التي حققها مكتب المشروعات التنموية عن قدر حبه وعشقه لمصر. [email protected]