رغم أن هناك اصطلاحات علي تسميتها الحيوانات الأليفة إلا أن فوضي انتشارها في شوارع المحروسة تجعلها تبتعد تماما عن هذا الاسم, بل انها تتحول إلي وحوش مفترسة تشكل خطرا داهما علي السكان نتحدث هنا عن الكلاب الضالة التي وصل عدد ضحاياها إلي مائة وخمسين ألف حالة سنويا طبقا لآخر احصائية سجلتها وزارة الصحة عام2009. وهم يمثلون عدد المصابين بعقر الكلاب الضالة بالاضافة إلي50934 حالة عقر لحيوانات أخري أغلبها من القطط. وقديما كان يوجد ما يسمي بعربة جمع الحيوانات من الشوارع, لكنها لم تعد موجودة في الفترة الاخيرة, ومع تراكم القمامة وامتلاء الشوارع بها, بحيث أصبحت بمثابة مطعم مفتوح لهذه الحيوانات, انتشرت الكلاب والقطط في الشوارع إلي أن وصلت إلي الشكل الذي تمثل معه خطورة علي صحة المواطنين. وسجلت آخر احصائية لوزارة الصحة لعام2009 أجمالي أعداد المصابين بعقر الحيوانات بمائتي ألف وتسعمائة وأربع وثلاثين حالة عقر سنويا, واحتلت الكلاب منها مائة وخمسين ألف حالة, وكانت محافظة القاهرة في مرحلة متقدمة بين المحافظات بعدد ثمانية آلاف وثلاثمائة حالة عقر, ومع تزايد أعداد المصابين بداء السعار خاصة من الأطفال علينا أن نتساءل عن الأسباب الفعلية وراء اختفاء سيارات التخلص من الحيوانات... ومدي خطورة الاصابة بهذا المرض... وما هي الجهة المسئولة عن مكافحة انتشار الحيوانات الضالة؟ يقول مصطفي محمود من سكان منطقة الدقي كثيرا ما يجد الكلاب والقطط في الشوارع, وتحديدا بالقرب من أماكن تجميع القمامة, وأنه منذ ثلاثة شهور هاجمه كلب مصاب بالسعار, مما سبب الذعر في المنطقة فور انتشار الخبر. ويقول أحمد محمد رب أسرة مكونة من خمسة أفراد ويقيم في منطقة شبرا الخيمة انهم يعانون أشد المعاناة من انتشار الكلاب في المنطقة, مما اضطر معظم الاهالي إلي منع أولادهم من النزول إلي الشارع, وتساءل عن أسباب غياب السيارات التي كانت تقوم بالتخلص من الحيوانات الضالة في الشوارع. أما كارم محمد من فيصل فيقول انه اعتاد الرجوع متأخرا من العمل, وكثيرا ما يفاجأ بوجود أعداد كبيرة من الكلاب, بشكل يدخل الرعب في قلوب المواطنين, ويطالب الجهات المسئولة بوجود وسائل للتخلص من هذه الحيوانات. وتقول مها محمد انها اعتادت اقتناء الحيوانات الأليفة مثل القطط, حتي هاجمتها ذات مرة, وتضيف أنه تبين بعد ذلك اصابة القطة بداء السعار. بينما يقول أحمد حسن من هواة اقتناء الحيوانات الأليفة إن الكلاب لاتهاجم إلا الشخص الذي يحاول الاعتداء عليها, ويضيف أن الحيوانات التي تربي داخل المنازل لا خطورة منها والخطورة تكمن في حيوانات الشوارع, التي كثيرا ما تصاب بالسعار. تعقيم جراحي. جانب من الاجابة يأتي علي لسان دكتور سيد الشيمي مدير عام الصحة العامة والأمراض المشتركة بالهيئة العامة للخدمات البيطرية حيث يقول إن الهيئة تقوم بمكافحة الكثير من الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان, مرض البروسلا والسل ومرض انفلونزا الطيور ومرض السعار, ويقوم معمل الأمصال واللقاح التابع للهيئة بانتاج المصل الواقي ضد الأمراض ويتم توزيعه علي المستشفيات بالمجان. ويضيف ان كثرة أعداد الكلاب الضالة في الشوارع جاء نتيجة تراكم أكوام القمامة بالمدن والقري وأيضا نتيجة الامتداد العمراني إلي مناطق صحراوية, بما يعرض سكان هذه المناطق لهجمات الحيوانات البرية والكلاب الضالة وتقوم الهيئة بتوفير رخص خاصة والتطعيم ضد المرض للكلاب المملوكة للأفراد, وفيما يتعلق بالكلاب الضالة فإن مسئولية التخلص منها مسئولية مشتركة بين مديريات الطب البيطري بالمحافظات والمجالس الشعبية وإدارات الحكم المحلي, وبناء علي شكاوي المواطنين. ويوضح أن الهيئة تدرس استخدام التعقيم الجراحي بإزالة الأعضاء التناسلية للحيوانات لمنع تكاثرها, ولكن تكلفة تعقيم الكلب الواحد تتعدي المائتي جنيه, حيث تتطلب وجود عيادات جراحية, ومضادات حيوية, وأماكن إيواء الكلاب بعد إجراء الجراحة وسيارات للنقل وعمال لصيد الكلاب, وبعد إجراء العملية يتم إعادة الكلاب مرة أخري إلي الشارع, ولذلك نطالب جمعيات حقوق الحيوانات بالتعاون مع الهيئة لمواجهة هذه الظاهرة وآثارها علي المواطنين. طريقة العلاج ويقول دكتور بدر محمد عواد مدير إدارة الأوبئة بوزارة الصحة يوجد470 مركزا لعلاج المعقورين بالمستشفيات العامة والوحدات النائية, ويقوم علي هذه المراكز أطباء وممرضون مدربون تدريبا جيدا علي علاج المعقورين, حيث يتم توفير سبعمائة ألف جرعة طعم ضد داء الكلب, وأكثر من سبعة آلاف جرعة مصل من الأمينوجلوبيولين. وتقوم الوزارة بمكافحة المرض عن طريق العلاج الجراحي للاصابات بعد العقر وذلك بغسل الجرح بالمياه والصابون أو بالمطهرات المعروفة, ثم الغيار عليها يوميا وإعطاء حقن ضد التيتانوس ومضادات حيوية, ويحذر من إجراء أية غرز بالجرح, كما يتم إعطاء الطعم الواقي وهو عبارة عن خمس جرعات تؤخذ في عضلة الكتف اليمني في أول أيام العقر والثالث السابع والرابع عشر والثامن والعشرين ليوم العقر, وفي حالة العقر الشديد يفضل استخدام مصل الأمينوجلوبيولين لسرعة المفعول مائتا ألف مصاب سنويا ويضيف انه تم تسجيل خلال عام2009 عدد مائتي ألف وتسعمائة وأربع وثلاثين حالة عقر من الحيوانات المختلفة منها مائة وثمان وخمسون ألف حالة عقرة كلب, واحتلت محافظة القاهرة المركز الأول بعدد ثمانية آلاف وثلاث مائة حالة, وبلغ عدد الحالات التي توفيت بالسعار سبعة وستين حالة علي مستوي الجمهورية. وينبه إلي تزايد أعداد المصابين بما يكلف الدولة أربعين مليون جنيه سنويا. الأعراض متشابهة وتقول دكتورة نوال عبدالحفيظ نائبة رئيس قسم الأمراض المشتركة بالمركز القومي للبحوث, إن الكلاب الضالة تؤثر علي الصحة العامة بأمراض عديدة منها مرض الكلب والأمراض الفطرية التي تصيب الأطفال في الجلد والشعر, وامراض الرمد والجرب مما يؤثر علي مجال الاقتصاد الدوائي ويكلف الدولة ملايين الجنيهات اللازمة لشراء المواد المشخصة والأدوية الخاصة بهذه الأمراض. وتضيف أن مرض الكلب يسببه فيروس قادر علي اختراق الخلايا العصبية في الإنسان ويصاب به عندما يتعرض إلي العقر من الكلب المصاب بالفيروس, الذي يفرز بكمية كبيرة في لعاب الكلب المصاب, وينتقل من خلال الدم إلي الجهاز العصبي والمخ خلال ساعات. ويصاب الإنسان بأعراض عصبية وتشنجات, تتشابه مع كثير من الأمراض الأخري, مما يصعب التشخيص المبكر, وتتمثل مخاطر الكلاب في مهاجمة الأطفال, حيث إن معظم المصابين بمرض السعار من الأطفال وعددهم في تزايد, مستمر, حيث يكون الحيوان المصاب قادرا علي تحديد حجم الفريسة التي يهاجمها. إجراء تجارب ويقول دكتور حسن علي الأستاذ بقسم الأمراض المشتركة بالمركز القومي للبحوث ان الدولة كانت تقوم بالقضاء علي الحيوانات الضالة بإلقاء السموم في الأطعمة, او بإطلاق النيران عليها, مما أثار اعتراض عدد من الجمعيات العالمية الناشطة في مجال حقوق الحيوان علي هذا الأسلوب, حتي وصل الأمر إلي منع بعض الدول من تصدير اللحوم الحية الينا. ويوضح ان جمعيات حقوق الحيوان قامت بتمويل مشروع للحد من تناسل الكلاب الضالة, وذلك عام2002. حيث كان يتم تجميعها من الشوارع وإجراء العملية لها ثم حقنها بالآمينو جلوبيولين الواقي من مرض السعار, ولكن هذا المشروع توقف, مما زاد اعداد الحيوانات, حيث ان هذا الأمر يجب ان يتكرر بصفة دورية. ويري أن الحل الأمثل للتخلص من الحيوانات هو تجميعها حية بعد تخديرها والتخلص منها بصورة آمنة في الصحراء, كما يمكن إجراء بعض التجارب عليها لتحديد مدي اصابتها بالوباء بما يفيد المجتمع والبحث العلمي, خاصة بعد زيادة الأمراض والأوبئة, مما يستوجب انشاء هيئة خاصة للوقاية من هذه الأمراض, بالشكل الذي ينعكس علي صحة المواطنين وعلي اقتصاديات الدولة. اشتراطات صحية ويقول دكتور أشرف بركات باحث بقسم الأمراض المشتركة بالمركز القومي للبحوث ان فترة حضانة المرض تتراوح بين شهر وسنة وبمجرد ظهور الأعراض علي الحيوان لا تتعدي دورة حياته أكثر من شهر يكون خلالها قد أصاب العديد من الحيوانات بالفيروس. وينبه إلي ضرورة وجود بعض الاشتراطات الصحية عند اقتناء الحيوانات, بحيث تكون من مصدر معلوم مع الاهتمام بالنظافة الدورية لها, وكذلك مراعاة الكشف الدوري عند الأطباء البيطريين المتخصصين, واعطاء التحصينات بصفة دورية وفي الأوقات المحددة, وضرورة متابعة الحيوان عند الاختلاط بالبيئة المحيطة لملاحظة اي تغيرات تظهر عليه من دموع وعطس وخوف من المياه, والانطواء ويكون دائما في وضع الاستعداد لمهاجمة اي شخص يقترب منه. العديد من الفيروسات وتقول دكتورة ناهد غنيم استاذة الأمراض المشتركة بكلية الطب البيطري جامعة القاهرة ان القضاء علي الحيوانات الضالة يأتي من خلال تكاتف جميع الوزارات مع وزارة الزراعة متمثلة في هيئة الخدمات البيطرية والبيئة لتقوم بعملية التخلص من الحيوانات النافقة, حيث لا يقتصر خطر الكلاب الضالة علي مرض السعار بل يمتد إلي أكثر من ذلك لأن معدة الكلب تحتوي دودة. صغيرة توجد البويضات الخاصة بها في براز الحيوان, وبمجرد استنشاقها من خلال الهواء تتحول إلي حويصلات في جسم الإنسان, تصيب جميع الأجهزة وتختلف الأعراض حسب طبيعة الجزء المصاب. الدفن الصحي وتقول دكتورة إحسان بشندي استاذة ورئيسة قسم صحة الحيوان والرعاية البيطرية السابقة بكلية الطب البيطري جامعة القاهرة إن التخلص من الحيوانات النافقة في الشوارع لابد ان يتم بطريقة صحية لمنع الحشرات والحيوانات الأخري من التغذي عليها, بحيث تكون في حفرة عميقة لا تقل عن مترين وبعيدة عن اي مصرف مائي, ويتم وضع طبقة من الجير الحي كمطهر, ويدك عليها التراب لمنع وصول الحيوانات الحية اليها.