رسالة من العاهل السعودي إلى الرئيس الإثيوبي، اعرف التفاصيل    افتتاح الصالة المغطاة بالقرية الأولمبية بجامعة أسيوط (صور)    توقيع بروتوكول تعاون بين التضامن والزراعة لدعم مبادرة "ازرع"    خالد إبراهيم: المشاركة بالمعارض الدولية يفتح أسواق جديدة لشركات التكنولوجيا المصرية    تعاون بين مصر ومؤسسة التنمية السويدية لتعزيز التعاون في النقل المستدام    بالدولار.. «الحكومة» توافق على تخصيص قطع أراضي في 10 مدن جديدة للبيع    الاستثمار توقف شركة عن تصدير البطاطس للاتحاد الأوروبي وبريطانيا وروسيا    5 أهداف مهمة لمبادرة الرواد الرقميون.. تعرف عليها    انخفاض العجز الكلي للموازنة إلى 6.5% خلال 10 أشهر    الرواد الرقميون.. الرئيس السيسي: انتقاء الدارسين في المبادرة بلا أي نوع من المجاملات على الإطلاق    ممشى كورنيش بني سويف يستقبل فوجًا يضم 18 سائحًا ألمانيًا    شاهد، لحظة طرد السفير الإسرائيلي من جامعة داكار في السنغال    كييف تعلن إسقاط 71 من أصل 88 طائرة مسيرة روسية خلال الليل    الاتحاد الأوروبي يعتمد رسمياً إجراءات قانونية لرفع العقوبات عن سوريا    اليونيفيل: أي تدخّل في أنشطة جنودنا غير مقبول ويتعارض مع التزامات لبنان    الإسكواش، علي فرج يعلن اعتزاله اللعب رسميا (فيديو)    مصدر باتحاد الكرة يكشف أسباب جديدة لعدم تأجيل موعد نهائي كأس مصر    اسكواش - تتويج عسل ونوران جوهر بلقب بالم هيلز المفتوحة    كريستيانو رونالدو يتلقى عرضًا من نادي إنجليزي    خبر في الجول - الجفالي خارج حسابات الزمالك بنهائي كأس مصر    سكاي: هدف برشلونة يخضع للكشف الطبي مع بايرن    الأهلي يرد على مزاعم بيع زيزو    القبض على الطالبة المتهمة بالاعتداء على معلمة داخل مدرسة في الهرم    سليمة القوى العقلية .. أسباب رفض دعوى حجر على الدكتورة نوال الدجوي    براءة متهم بالانضمام لجماعة إرهابية ب«منشأة ناصر»    الكاريزما وفن القيادة    مواعيد عرض مسلسل المدينة البعيدة على قناة MBC4    نسرين أسامة أنور عكاشة ل«البوابة نيوز»: مفتقد نصيحة والدي وطريقته البسيطة.. وأعماله تقدم رسائل واضحة ومواكبة للعصر    الصحة: خطة لخفض نسبة الولادات القيصرية إلى أقل من 30%    وكيل صحة البحيرة يتفقد مركز علاج مرضى السكر في دمنهور    طريقة عمل الكيكة الاسفنجية، باحترافية وبأقل التكاليف    كوريا الشمالية تهاجم قبة ترامب الذهبية وتتعهد ب"تناسق القوة"    ماكرون: مؤتمر حل الدولتين بنيويورك سيشكل زخما للاعتراف بدولة فلسطين    مطلب برلماني بوضع حلول جذرية لتحديات تنسيق رياض الأطفال بالمدارس التجريبية    «تقدير الجمهور أغلى جائزة».. مي عمر تعلق على فوزها ب أفضل ممثلة عن «إش إش»    حكم صيام الأيام الثمانية الأولى من ذى الحجة.. دار الإفتاء تجيب    «بيت الزكاة والصدقات» يصرف 500 جنيه إضافية لمستحقي الإعانة الشهرية غدًا الخميس    في أول أيام الشهر.. تعرف على أفضل الأعمال في العشر الأوائل من ذي الحجة    حكم صلاة الجمعة إذا جاء العيد يوم جمعة.. الإفتاء توضح الرأي الشرعي    الاتحاد الأوروبي: يجب عدم تسييس أو عسكرة المساعدات الإنسانية إلى غزة    حملة أمنية تضبط 400 قطعة سلاح وذخيرة خلال 24 ساعة    العيد عندك الجمعة ولا السبت.. دول تخالف رؤية هلال ذى الحجة.. تعرف عليها    نائب وزير الصحة تشارك فى جلسة نقاشية حول "الاستثمار فى صحة المرأة"    تفاصيل الاحتفال بتخريج دفعة جديدة من "حقوق السوربون" بجامعة القاهرة    بالصور- إقبال على المراجعات النهائية لطلاب الثانوية العامة ببورسعيد    وداعاً تيتة نوال.. انهيار وبكاء أثناء تشييع جنازة جدة وئام مجدى    القاهرة الإخبارية تكشف تفاصيل الغارة الجوية الإسرائيلية على صنعاء    البليهي يرحب بالرحيل عن الهلال    وزير التعليم: 98 ألف فصل جديد وتوسّع في التكنولوجيا التطبيقية    نائب وزير الصحة: إنشاء معهد فنى صحى بنظام السنتين فى قنا    وزير الثقافة: ملتزمون بتوفير بنية تحتية ثقافية تليق بالمواطن المصري    وزير الخارجية يتوجه إلى المغرب لبحث تطوير العلاقات    قرار من «العمل» بشأن التقديم على بعض الوظائف القيادية داخل الوزارة    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر على حريق مخزن بلاستيك بالخانكة| صور    موعد نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 ببني سويف الترم الثاني.. رابط وخطوات الاستعلام    رئيس جامعة عين شمس: «الأهلية الجديدة» تستهدف تخريج كوادر مؤهلة بمواصفات دولية    وزير الأوقاف يهنئ الشعب المصري والأمة العربية بحلول شهر ذي الحجة    ألم في المعدة.. حظ برج الدلو اليوم 28 مايو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جعلوني قارئا قاهرة صلاح الدين حاضرة الدنيا وبستان العالم
نشر في الأهرام المسائي يوم 31 - 10 - 2015

للقاهرة صورة غير كل الصور لدي القائد والفارس العظيم صلاح الدين الأيوبي وعندما دخل إبن خلدون القاهرة أول مرة أسرته بسحرها وجمالها, فكتب عن ذلك: من لم ير القاهرة لم يعرف عز الإسلام,
فهي حاضرة الدنيا وبستان العالم ومحشر الأمم ومدرج الذر من البشر, وإيوان الإسلام وكرسي الملك, وابن خلدون لم يك مبالغا فهو بالطبع شيخ المؤرخين الذي لا يعرف المبالغة ولا يحيد عن الدقة والرساخة في العلم. نعم القاهرة التي رآها أول مرة عام1382 أيام حكم الظاهر برقوق, كانت كما قال:حاضرة الدنيا, والقاهرة التي رآها إبن خلدون في الأساس هي قاهرة صلاح الدين رغم كونه قد مر علي البداية في إنشائها ما يقرب من مئتي عام.
قاهرة صلاح الدين الأيوبي ليس كمثلها قاهرة تاريخيا وعسكريا. يقول أحد المؤرخين المصريين المحدثين: إذا أردنا أن نتقصي الدقة في الحديث عن القاهرة وتاريخها, فيمكننا إعتبار القاهرة الحالية بعد إستبعاد ضواحيها- هي قاهرة صلاح الدين, فقد أراد صلاح الدين قبل مغادرة القاهرة لمواجهة الصليبين في بلاد الشام, أن يحصن البلاد, فأحاط عواصم مصر الإسلامية الأربع السابقة, وكذلك قلعة الجبل بسور واحد يمتد من قاهرة الفاطمين شمالا الي منطقة أثر النبي جنوب مدينة الفسطاط, ولا تزال أجزاء كثيرة منه باقية حتي الآن, وخاصة من الجهة الجنوبية الشرقية.
كانت قاهرة صلاح الدين عاصمة مصر حينها والتي كانت القوة العظمي لزمانها. بني بها القلعة التي أراد أن يزود بها عن مصر والقاهرة إذا ماإعتدي عليها معتد, وأن يتخذ منها مقرا لملكه الجديد,بدأ بناء القلعة في عام1176 فاختار لها مكانا مرتفعا شرق العاصمة وعلي صخرة مفصولة من جبل المقطم في البقعة التي كانت بها قبة الهواء التي بناها العباسيون في القرن الثاني الهجري, حيث بني فيها قصرا لسكنه الخاص, وأمر بإنشاء بئر عمقه سبعون مترا يكفي شرب الجيش إذا ما حوصرت القلعة, وعهد بتلك المهام وغيرها للأمير بهاء الدين قراقوش والذي بني أيضا السوار حولها. لم تك القلعة مجرد قلعة مشابهة لنظيراتها في أي مكان في العالم في العصور الوسطي. كانت حصينة ومجهزة للدفاع عن مدينة القاهرة كلها. كانت تحتوي علي أبنية ومساجد ومنازل للمعيشة وقصور ومدارس تعليمية وعسكرية.
لم يك صلاح الدين حاكما عاديا أو قائدا عاديا, بل كان فارسا مغوارا ذا خلق رفيع علم الأوربين عظمة المباديء الإسلامية الإنسانية, وعظمة أخلاقه بشهادة المؤرخين الأوربين أنفسهم الذين ذكروا مرارا وتكرارا أن الصليبين لم يأتوا للمنطقة بأي ثقافة, وأنهم خرجوا منها بكثير من الثقافة نتيجة إحتكاكهم بصلاح الدين وحضارة الإسلام التي كانت غالبة ومزدهرة وسائدة في العصور الوسطي. حتي الموسوعة البريطانية ذاتها تتهم ريتشارد قلب الأسد بالبربرية والقسوة بذبح أكثر من ألفين أسير مسلم بلا سبب, عكس ما كان يفعله صلاح الدين الأيوبي الذي مازال حتي وقتنا هذا رمزا للنبل والفروسية حتي في الآداب الأوربية ذاتها.إضافة الي ذلك كان صلاح الدين أيضا زعيما تاريخيا وصاحب رؤيا ثاقبة ساقته إرادة الله الغالبة أن يدافع عن مستقبل أمة بأسرها ضد عدو قوي متمكن وممثلا لأوروبا كلها ومحتلا للأماكن المقدسة. إضافة الي دفاعه عن العقيدة وثوابتها, والأرض وقدسيتها, فإنه كان يدافع عن البقاء للأمة ذاتها وحفظها من الإندثار والتمزق وثقافتها. كان مدركا لظروف المرحلة ولدوره وللأمانة الملقاه علي عاتقه والتي خلقه الله من أجلها. نظر الي مصر علي أنها القادرة والداعمة للدور التاريخي ماديا لتكاليف الحروب المفروضة ضد غزاة أوربين وضد عدو من داخل الأمة الإسلامية ذاتها وكأنه طابور خامس.
بالإضافة الي ماسبق من الحديث عن إنشاء المنشئات الحربية والحياتية, كانت تبني الأحياء السكنية وأحياء الأعمال. مثلا نشأ حي الموسكي في عهد السلطان صلاح الدين الأيوبي, وعرف باسم منشئه الأمير عز الدين موسك. ومنذ ذلك الحين عمرت المنطقة بالأسواق والحوانيت وأصحاب الحرف. ومازال الكثير من هذه الحوانيت يختفظ بطابعه الشرقي الأصيل, إضافة الي أن كثيرا من الحرف القديمة التي ما زالت تمارس تقريبا بنفس الطريقة.
وقاهرة صلاح الدين يمكن أن تشخص في خمس أساسيات: الأولي: القضاء علي الدولة الفاطمية وإنهاء المذهب الشيي في مصر, أما الثانية: أصبحت المركز الإستراتيجي لمواجهة جيوش الفرنجة مجتمعة والتي تمكنت من إحتلال بيت المقدس, إضافة الي سيطرتها علي ما حوله, وكانت الثالثة: النهضة التعليمية والعلمية المتمثلة في إنشاء المستشفيات والبيمارستانات والمدارس وأن تكون تلك المدارس جزءا أساسيا من رسالة المسجد, هذا إضافة الي إنشاء العديد من الصناعات المختلفة والتي كانت ضمن إستراتيجية صلاح الدين وتوقعه لحروب طويلة طاحنة قادمة تحتاج تلك الصناعات والتي لن يتحقق النصر بدونها.
كان يهدف الي نشر العلم في ربوع مصر إدراكا منه أنها مقدمة علي صراع عالمي رهيب. كان الطلبة والأساتذة يسكنون تلك المدارس في أماكن معده ومريحه. كان المسجد وكأنه جامعة حديثة, حيث كان يشمل بالإضافة الي ذلك مكتبة وقاعات للمحاضرات, وانفرد عصره أيضا بالعديد من الإنجازات المعمارية الرائدة والباقية حتي زمننا هذا.علي سبيل المثالزائر القاهرة الآن لا يمكنه تجاهل قبة مسجد الإمام الشافعي رضي الله عنه التي يرجع تاريخ إنشائها الي العصر الأيوبي, والتي إشتملت علي عناصر وتفاصيل معمارية أصيلة هامة. تعتبر أساسا نسج علي منواله, وخاصة الشكل وزخرفة القباب من الداخل, إذ تعددت صفوف مقرنصاتها كما زينت بالزخارف النباتية والهندسيةبأسلوب فريد وأصيل وخاص ما زال يحتذي به.
ويضاف الي النهضة المتمثلة في إنشاء المدارس, كانت هناك نهضة أخري موازية في مجال الطب وإنشاء المستشفيات. يصف الرحالة إبن جبير والذي زار القاهرة عام1183 نظام المستشفيات في القاهرة وكأنه يصف مستشفي حديث في عصرنا هذا في بلد أوروبي أو في الولايات المتحدة الأمريكية, وبأنها: مكانا طيبا جميلا وفسيح يديره أطباء وصانعي عقاقير وبها حجرات خاصة وأسرة, وخدم للإعتناء بالمرضي, وفي مبني قريب منها يوجد مبني محصنة شبابيكه بقضبان حديدية لخدمة المصابين بالأمراض العقلية والإهتمام بهم, والذين كانوا يولون رعاية إنسانية لائقة من قبل خبراء متخصصون.
وكانت هناك اهتمامات كبيرة بالطب والأطباء وبناء المستشفيات والتي لم يكن لها مثيل في أوروبا حينها. وقد كان للأطباء قدر عظيم عند صلاح الدين الذي كان يمنحهم العطايا والمال, كان أهم هؤلاء الذين ذكرتهم كتب التاريخ:حكيم الزمان أبو الفضل, حكيم الزمان عبد المنعم الجيلاني, ومهذب الدين بن النقاش, ورضي الدين الرحبي, ومهذل وموفق الدين بن مطران الذي كان له إهتمامات بالبيمارستانات الني كانت موضع إهتمام صلاح الدين الذي كان يعالج فيه المصابون بالأمراض العقلية.يحدثنا الرحالة بن جبير: وما شاهدناه أيضا من مفاخرهذا السلطان صلاح الدين- المارستان الذي بمدينة القاهرة, وهو قصر من القصور الرائعة حسنا وإتساعا. تروي كتب التاريخ أيضا أنه عندما مرض ريتشارد قلب الأسد, أرسل له صلاح الدين طبيبه الخاص لعلاجه والاهتمام به.
أما الرابعة: بناء القلعة وكثير من المنشآت والمعمار الجديد وتحصين القاهرة بالأسوار والتحصينات.ذكر المقريزي في كتابه المواعظ والاعتبار بذكري الخطط والآثار عن تاريخ الجبل الذي أقيمت عليه القلعة قبل بنائها: اعلم ان أول ما عرف في خبر موضع قلعة الجبل أنه كان فيه قبة تعرف بقبة الهواء, فلقد قال أبو عمرو الكندي في كتابه أمراء مصر: وابتني حاتم بن هرثمة القبة التي تعرف بقبة الهواء, وهو أول من ابتناها وولي مصر إلي أن صرف عنها في جمادي الآخرة سنة خمس وتسعين ومائة...وكانت الخامسة: تقديم كل الدعم المالي لتمويل الحروب مع الصليبين. كانت مصر الغنية هي المتحملة والمانحةوالمقدمة لذلك. حاملة اللواء عبر تاريخها كله دفاعا عن الأمة ومقدساتها مقدمة ثرواتها وأقواتها فداء الأمة, والسادسة: أصبحت المقصد والملجأ للفارين والنازحين من نير الصليبين في الشام, والذين تقدرهم بعض المصادر التاريخية بأكثر من مليون, والذين إتخذوا مصر وطنا للأبد بعدها, وتطلب تحقيق كل ذلك وجود القائد الفارس الناصر صلاح الدين الأيوبي رحمه الله.
في سنة1171 وضع صلاح الدين نهاية الحكم الفاطمي والدولة الفاطمية في مصر, منهيا المذهب الشيعي بها للأبد والذي ظل سائدا منذ قدوم الفاطميين الي مصر وحكمهم البلاد, وأعادتها الي المذهب السني والخلافة العباسية. كان التحول المذهبي لمصر من أحد أهم إنجازات صلاح الدين الأيوبي التاريخية. عن تفاصيل ذلك يحدثنا الدكتور المؤرخ حسين مؤنس في كتابه الموسوعي اطلس تاريخ الإسلام المنشور1987:... أكبر ما عمله نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي بعد ضم دمشق الي جبهة الجهاد هو إجتهاده في القضاء علي دولة الفاطميين التي كانت حليفة ومهادنة للصليبين, وقد تمكن نور الدين من الإنتصار علي الصليبين ومن كان يؤيدهم من الفاطميين ورجالهم, والفوز بمصر بمعاونة قائده أسد الدين شيركوه, وإبن أخيه صلاح الدين الذي تمكن من أن يفرض نفسه وزيرا للخليفة الفاطمي الشيعي العاضد, وبعد وفاة نور الدين محمود إختلف خلفاؤه وأمراؤه علي الوصاية علي إبنه إسماعيلللفوز بالولاية من بعده, ولكن صلاح الدين الأيوبي تمكن من التغلب علي كل المنافسين, وإستطاع أن يعلن نفسه سلطانا علي بلاد المسلمين الموحدة التي وقفت متأهبة لإكمال العمل الأساسي العظيم, وهو الإستيلاء علي بيت المقدس, وإستعادتها من أيدي الفرنجة, أي القضاء علي مملكة بيت المقدس الصليبية, وبقية الإمارات الصليبية في الشام.
كان هدفه الأول توحيد الأمة. يقول الدكتور حسين مؤنس:.. عندما بدأ الأمر يستقر لصلاح الدين في مصر, أصبحت المهمة الرئيسية أمامه هي توحيد بلاد الشام تحت سلطانه وإعادة وحدة مصر والشام, وقد بدأ في ذلك في أكتوبر1174 عندما دخل دمشق وتغلب علي جماعة الأمراء التي كانت تلتف حول الملك الصالح إسماعيل وهو غلام في الثانية عشر من عمره وبايعه نفر من رجال نور الدين لكي يحكموا بإسمه, ومن دمشق دخل صلاح الدين حمص ثم حماة في ديسمبر سنة1174, وفي أبريل دخل حلب وأصبح سلطانا علي مصر والشام, لم يستقر سلطان صلاح الدين نهائيا في بلاد الشام والجزيرة كلها إلا بعد القضاء علي كل نزعات الإنفصال والتآمر مع الصليبين التي قام بها بعض الطامعين وأصحاب النزعات الأنانية الصغيرة من أدعياء الإمارة في بلاد الشام والطامعين في السلطان من أمراء الجزيرة من الأرتقيين ومن إنضم الي هؤلاء من أمراء سلاجقة الروم في آسيا الصغري, ولم يتم لصلاح الدين التخلص من هؤلاء جميعا إلا في أواخر سنة1179 وعاد بعد ذلك الي مصر لكي يثبت أركان دولته في القاهرة, حيث بدأ في بناء القلعة علي جبل المقطم سنة.1183 وبعد ان أتم صلاح الدين بناء تحصينات القاهرة والإسكندرية جمع جموعه وسار نحو الشام ليبدأتاريخه المجيد الخالد في حرب الفرنجة في بلاد الشام.
يحدثنا حسين مؤنس عن جهاد صلاح الدين وعبقريته وفكره الإستراتيجي الذي مكنه من الإنتصار علي القوي الغربية مجتمعة في معركة من أهم معارك التاريخ الحاسمة, وهي موقعة حطين في الرابع من يوليو1187 حيث: إنتصر فيها نصرا حاسما وتمكن من دخول بيت المقدس, وإستكمل سلطانه علي بلاد الشام فأخذ كل بلاد مملكة بيت المقدس, وحقق بعده الكثير من الإنتصارات التاريخية حتي أسلم روحه لبارئها وتوفي في الرابع من مارس1193 تاركا بقية مهمة القضاء علي ماتبقي من الوجود الصليبي في بلاد الشام لمن يأتي بعده.
التاريخ يذكر بكل فخر دور القاهرة ومصر في الزود عن الإسلام وإنتصارها في معركة من أهم معارك التاريخ الحاسمة وهي معركة حطين. يجمع المؤرخون أن مصر قدمت كل ما تملك من ذهب وفضة وفضة في سبيل تلك المعركة الفاصلة, وأن هذا الكنزالإستراتيجي خرج ولم يعد أبدا, وأنه أنفق في سبيل الإعداد لتلك المعركة الهامة. إنها إستدامة التضحية التي تقدمها دائما مصر الرائدة العطاءة.
ترك صلاح الدين القاهرة في عام1182 لملاقاة الصليبين في حطين ولم يرجع أبدا ومات في دمشق عام1193, حيث لم يترك أي شيء.بعد تحريره فلسطين من الجيوش الإنجليزية والفرنسية والإيطالية والنمساوية مجتمعه.
مات صلاح الدين وخلفه أخوه الملك العادل, والذي خلفه إبنه الملك الكامل, وهو الذي أكمل بناء القلعة. عندما عاد الصليبيون عام1218, كان السلطان الكامل هو الذي هزمهم. لم يتبقي من آثار الكامل بالقاهرة الآن غيرالكاملية بشارع المعز, والتي هي في الحقيقة بناء تم تشيده في القرن التاسع عشر أنشيء علي غرار المدرسة التي بناها السلطان الكامل. رحم الله فارس الإسلام السلطان الناصر القدوة المنتصر صلاح الدين الأيوبي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.