هو الملك الناصر أبو المظفر صلاح الدين والملقب ب صلاح الدين الأيوبي، القائد العسكري الأبرز في التاريخ، مؤسس الدولة الأيوبية، والتي وحدت مصر والشام والحجاز وتهامة واليمن في ظل الراية العباسية، بعد أن قضى على الخلافة الفاطمية التي استمرت 262 سنة. قاد صلاح الدين عدّة حملات ومعارك ضد الفرنجة، وغيرهم من الصليبيين الأوروبيين لاستعادة الأراضي المقدسة التي استولى عليها الصليبيون في أواخر القرن الحادي عشر، وقد تمكن في النهاية من استعادة معظم أراضي فلسطين ولبنان بما فيها مدينة القدس، بعد أن هزم جيش بيت المقدس في معركة حطين.
النشأة جزء من التكوين ولد في تكريت (160 كم شمال بغداد)، بالعراق، لعائلة كردية، عام 532 ه/1138م، في ليلة مغادرة والده نجم الدين أيوب قلعة تكريت والذي كان وقتها حاكما عليها. وانتقل نجم الدين إلى بعلبك حيث أصبح واليًا عليها مدة سبع سنوات وانتقل إلى دمشق، وقضى صلاح الدين طفولته في بلاط الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي أمير دمشق، ونشأ صلاح نشأة مباركة، درج فيها على العز، وتربى فيها على الفروسية، وتدرب فيها على السلاح، ونما فيها على حب الجهاد، فقرأ القرآن الكريم وحفظ الحديث الشريف، وتعلم من اللغة ما تعلم.صلاح الدين مسلمًا متصوفًا اتبع المذهب السني والطريقة القادرية، وبعض العلماء كالمقريزي، وبعض المؤرخين المتأخرىن قالوا: إنه كان أشعريًا، وإنه كان يصحب علماء الصوفية الأشاعرة لأخذ الرأي والمشورة، وأظهر العقيدة الأشعرية. من مصر إلى القدس أرسل نور الحاكم صلاح الدين الأيوبي برفقة خاله "أسد الدين شريكوه"، إلى مصر الذي تولى سلطانها، وكانت مصر حينها مقر الدولة الفاطمية وعندما توفي شريكوه، جاء صلاح الدين بعده وسلطنه المصريون عليهم. تعرّض صلاح الدين بعد أشهر قليلة من توليه الوزارة في مصر لمحاولة اغتيال من قبل بعض الجنود والأمراء الفاطميين، بالإضافة إلى مؤامرات جمة استطاع بحنكته التغلب عليها جميعا. وبعد سقوط مصر في أيدي الزنكيين، أرسل الملك عموري رسله لإرسال حملة صليبية جديدة شارحًا خطورة الأمر والتغير في ميزان القوى في المنطقة، فاستجاب البابا إسكندر الثالث وبعث رسائل إلى ملوك أوروبا، لكنها لم تجد أذنًا صاغية. في حين نجح الرسول المرسل إلى القسطنطينية بسبب إدراك الإمبراطور عمانوئيل كومنينوس اختلال توازن القوى في المنطقة، فعرض تعاون الأسطول الإمبراطوري مع حملة عموري الأول، الذي وجد الفرصة مناسبة بسبب انشغال الملك نور الدين زنكي في مشاكله الداخلية، إضافة إلى وفاة أسد الدين شيركوه وتعيين صلاح الدين خلفًا له والذي كان الملك عموري يراه شخصًا غير محنك. استعد صلاح الدين بشكل جيد، واستهل الصليبيون حملتهم بحصار مدينة دمياط في 25 أكتوبر سنة 1169م، فأرسل صلاح الدين قواته بقيادة شهاب الدين محمود وابن أخيه تقي الدين عمر، وسار نور الدين إلى الإمارات الصليبية في بلاد الشام وقام بشن الغارات على حصون الصليبيين ليخفف الضغط عن مصر. استطاع صلاح الدين التغلب على الصليبيين، وثبّت الزنكيون أقدامهم في مصر، وأصبح من الواضح أن الدولة الفاطمية تلفظ أنفاسها الأخيرة. أخذ صلاح الدين يقوّي مركزه في مصر بعد زوال الدولة الفاطمية، ويسعى من أجل الاستقلال بها، فعمل على كسب محبة المصريين، وأسند مناصب الدولة إلى أنصاره وأقربائه، وعزل قضاة الشيعة وجاء بقضاة شافعيين، وقطع الأذان ب"حي على خير العمل"، وأقام الخطبة للخليفة العباسي بعد أن انقطعت الخطبة للعباسيين بمصر 208 سنة، وألغى مجالس الدعوة وأزال أصول المذهب الشيعي الإسماعيلي، وتخوّف نور الدين زنكي من تزايد قوة صلاح الدين، وكانت العلاقة بينهما على فتور . نجح صلاح الدين في أن يجمع مصر وسوريا والحجاز وتهامة والعراق في دولة إسلامية موحدة قوية تحيط بمملكة بيت المقدس والإمارات الصليبية من الشمال والشرق والجنوب، واطمأن إلى وحدتها وتماسكها، ثم انتقل إلى محاربة الصليبيين وطردهم من البلاد. هزم صلاح الدين الصلبيين في معركة حطين، وأنزل بهم أشد هزيمة، ورأى صلاح الدين ألا يتوجه مباشرة لفتح القدس بعد انتصار حطين، وإنما رأى أنه من الأسلم أن يسير لفتح مدن الساحل ومن ثم الهجوم على القدس، فرحل طالبًا عكا فأخذها وأنقذ من كان بها من أسرى المسلمين، ثم فتح نابلس وحيفا والناصرة وقيسارية وصفورية تبنين، وتوجه صلاح الدين لفتح بيروت في سنة 1187م، ثم عسقلان ورحل منها، وزحفت جيوش صلاح الدين نحو بيت المقدس، واستطاع تحريرها وصد جميع الهجمات الصليبية. أهم إنجازاته عمل "صلاح الدين " أكثر من عشر سنوات متصلة من (570 ه– 582 ه) من أجل الإعداد لمواجهة الوجود الصليبي، ودخل في معارك مع الصليبيين وتوج انتصاراته في "حطين" واسترد بيت المقدس. تصدى للحملة الصليبية التي قدمت من أوروبا لاستعادة بيت المقدس، كما عقد مع تلك الحملة صلحًا اشتهر بصلح الرملة ، كما قام بإنجازات حضارية، مثل : إنشاء المساجد والمدارس وبناء القلاع ، ومن أشهرها قلعة "الجبل" التي أقامها بالقاهرة. وتوفي في عام 589ه، ويُقال: إنه دفن معه سيفه الذي كان يحضر به الفتوحات. ةو