نودع عاما هجريا ونستقبل عاما آخر جديدا, والذي نسأل الله تبارك وتعالي أن يكون عام خير ورشد وبركة, والمسلم الصادق لابد وأن يقف مع نفسه وقفة في وداع العام الفائت واستقبال العام الجديد, فمرور سنة علي الإنسان حدث هام ينبغي الوقوف عنده, فلقد روي عن الحسن البصري قوله: ما من يوم ينشق فجره إلا ويقول: يا ابن آدم أنا خلق جديد, وعلي عملك شهيد فتزود مني بعمل صالح فإني لا أعود إلي يوم القيامة فإذا كان مرور يوم له كل هذه الأهمية فكيف بمرور عام ؟عام كامل مر من أعمارنا و قد أودع كل منا فيه ما أودع من أعمال من خير أو شر قد ننساها لكنها عند الله محفوظة وفي صحائف الأعمال مرصودة وغدا سنحاسب عليها( يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله علي كل شيء شهيد)- المجادلة: آية.6 والعاقل هو الذي يعتبر بمرور الزمن فما هذه الأيام التي تمر والأعوام التي تمضي إلا نقصا في أعمارنا فكل يوم يمضي وكل ليلة تنقضي تقربك خطوة من الموت حتي تنتهي خطوات عمرك, يقول الحسن البصري: يا ابن آدم إنما أنت أيام مجتمعة كلما ذهب يوم ذهب بعضك والإنسان يفرح بانقضاء الأيام وهي عمر منه يضيع ويذهب كما قال الشاعر: إنا لنفرح بالأيام نقطعها.. وكل يوم مضي يدني من الأجل فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهدا.. فإنما الربح والخسران في العمل.. فعلي الإنسان أن يعرف قيمة عمره ويستفيد منه ولا يضيعه عبثا في غير فائدة فلقد قال النبي- صلي اله عليه وسلم-لرجل وهو يعظه اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناءك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك ويقول عبدالله بن مسعود- رضي الله عنه- ما ندمت علي شيء ندمي علي يوم غربت فيه شمس نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي ويقول إبراهيم بن أدهم: دخلنا علي عابد مريض وهو ينظر إلي رجليه ويبكي فقلنا: مالك تبكي فقال: ما غبرتا في سبيل الله وبكي آخر فقالوا: ما يبكيك؟ فقال: علي يوم مضي ما صمته وعلي ليلة ذهبت ما قمتها فلتحذر من الغفلة والتسويف وتأجيل التوبة والصلح مع الله عزوجل فلعل ساعة رحيلك من الدنيا قد حانت في هذا العام الجديد فاستقبله بهمة عالية وعزيمة قوية علي أن تكون فيه أفضل مما كنت مستغلا أيامه ولياليه فيما يقربك إلي الله عزوجل وهكذا المؤمن يعتبر بالماضي وينتفع بالحاضر ويرجو المستقبل.