قبل42 سنة عاش العالم علي ايقاع واحدة من اهم الحروب التي وحدت العرب وأعادت لهم الأرضواستطاعت أن تقفز بهم علي مستوي العالم الي المرتبة السادسة من حيث القوة والأهمية بعد أمريكا والصين والاتحاد السوفيتي وفرنسا وإنجلترا, بعدما فاجأت مصر العالم بشنها الحرب علي اسرائيل, وما تلقته بعدها من دعم ودور عربي لا يقل أهمية عن دور الجنود المصريين الأبسال الذين وهبوا حياتهم فداء للوطن واستطاعوا اجتياز خط بارليف المنيع وتحطيم أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر. في عام1973 قام الرئيس أنور السادات بزيارة سرية للرياض والتقي بالملك فيصل حيث كشف له عن قرار الحرب علي إسرائيل إلا أنه لم يخبره عن موعد الحرب مكتفيا بالقول أن الحرب قريبة. وطلب السادات أن تقوم السعودية ودول الخليج بوقف ضخ البترول للغرب حال نجاح خطة الهجوم المصرية. وفي يوم6 أكتوبر1973 اقتحم الجيش المصري فعلا قناة السويس في الوقت الذي لم تتواني فيه الدول العربية من المغرب الي الخليج في تقديم ما تستطيع من مساعدات سواء كانت مادية او اسلحة او خبرات عسكرية لمصر والجبهة السورية. وفي17 أكتوبر عقد وزراء النفط العرب اجتماعا في الكويت,تقرر بموجبه خفض إنتاج النفط بواقع5% شهريا ورفع الأسعار من جانب واحد. وفي19 أكتوبر طلب الرئيس الأمريكي نيكسون من الكونجرس اعتماد2.2 مليار دولار كمساعدات عاجلة لإسرائيل,وردا علي ذلك قامت السعودية والإمارات والجزائر والعراق وليبيا وسلطنة عمان ودول عربية أخريبإعلان حظر علي الصادرات النفطية إلي أمريكا,مما خلق أزمة طاقة في الولاياتالمتحدة. وقد كشفت وثيقة سرية مسربة من مكتب البحوث الاقتصادية في المخابرات المركزية الأمريكية عن حجم التمويل الذي تلقته كل من مصر وسوريا,من الدول العربية منذ يوم6 أكتوبر حتي23 نوفمبر1973, والذي يقدر بنحو2 إلي3 مليار دولار. وبروح التلاحم والوحدة نجحت مصر والعرب في غسل نكسة1967 وتحقيق النصر التاريخي علي العدو الاسرائيليواسترداد السيادة الكاملة علي القناة,واسترداد جميع الأراضي في سيناء,وجزء من مرتفعات الجولان السورية. واليوم, تغير الواقع وتحولت الوحدة إلي خلافات عربية,وانتقلت الحرب من عربية-إسرائيلية إلي عربية-عربية,ومن صراع وطني يناضل من اجل التحرير واسترجاع الأرض,إلي صراع داخلي شرس حول السلطة وفق منطق التحكم او الايديولوجية والعصبية القبلية او حلم عودة الخلافة المزعومة وفق منطق القتل والتطرف وإنشاء الدولة الإسلامية. فماذا تغير بين الأمس واليوم؟ لماذا انتهي حلم الوحدة التي قادت الي نصر أكتوبر؟ ولماذا أصبح الأخ عدوا والعدو صديقا؟ ولماذا تحول التحالف من اجل استرجاع الارض المغتصبة الي تحالف من اجل تقسيم ما تبقي منها وتفتيت الوحدة وتشتيت الشمل وتضييع القضية بعدما استطاعت القوي العظمي ان تكون صديقة لعرب باتوا يتآمرون من اجل إسقاط بعضهم بعضا,ونجحت في التلون بأن تكون في نفس الوقت مع السنة ضد الشيعة,ومع الشيعة ضد السنة,ومع العرب ضد الأكراد ومع الأكراد ضد العرب,ومع الإسلاميين ضد الليبراليين ومع الليبراليين ضد الإسلاميين,ومع الأنظمة ضد الشعوب ومع الشعوب ضد الأنظمة. والحقيقة أنها ليست مع احد سوي مصالحها ومصالح من تحمي امنها في المنطقة, ولن تتأتي هذه المصالح الا بإضعاف الضعيف وتقسيم المقسم حتي نتحول من دول قادت حربا وانتصرت فيها بعدما وحدها الهدف, الي مجموعة دويلات لا تستطيع حتي حماية نفسها وحدودها بعدما تركت الهدف والقيمة وجرت خلف السلطة والمذهبية والطائفية والرغبة في السيطرة. تجربة6 أكتوبر التي يمجدها العرب ويحتفلوا بها كل سنة كذكري للنصر هي درس للوحدة ولكيف يجب أن نكون.. فهل سنكون؟